إخوتي الأعزاء الأوفياء!

إن لدى «فيضي» نسختين من «الحزب النوري» فإن لم تكونوا بحاجة إليهما فلترسَل إحداهما إليّ، أو ليكتب «محمد فيضي» نسخة أخرى. فضلا عن أننا بحاجة إلى «رسالة رمضان» و«الآية الكبرى» المطبوعة.

أصلِحوا فورا الجفاءَ الموجود فيما بينكم.

حذار.. حذار من هذا.. لأن انحرافا ولو طفيفا جدا، يُلحِق بدائرة النور ضررا أيما ضرر، فلا تنفعلوا بالأحاسيس الناشئة من الضيق، فلقد أشار انفجارُ مدفأتي إلى هذه الحادثة.

* * *

إخوتي الأعزاء الصدّيقين: خسرو ومحمد فيضي وصبري!

كنت آمل أن أُودع إليكم -بكل ثقتي وقناعتي- الحفاظ على سلامة رسائل النور ثم أَدخلَ القبر سليم القلب. وكنت أعتقد أنه لا يمكن أن يَحُول شيءٌ -مهما كان- بين بعضكم البعض الآخر. والآن هناك إشعار رسمي موضوع بخطة رهيبة لإحداث جفوة بين أركان طلاب النور.

ولما كنتم مستعدين للتضحية -إذا استوجب الأمر- بحياتكم لأجل الآخرين، بمقتضى وفائكم الخالص وترابطكم الوثيق برسائل النور، فلا شك بل ويحتم عليكم أن تضحوا بمشاعركم الجزئية العابرة التي لا أهمية لها في سبيل الآخرين. إذ بخلاف ذلك ستَلحق بنا بلا شك -في هذه الفترة- أضرارٌ جسيمة، كما أن هناك احتمالَ الافتراق عن دائرة النور.. أقول ذلك وأنا أرتعد من هذا المصير.

ولقد انتابني ضيق شديد منذ ثلاثة أيام لم أرَ مثله قط وهزني هزا عنيفا، وعلمت الآن قطعا أنّ تدللا من بعضكم على البعض الآخر وإن كان طفيفا -كشعرة في العين- يقع وقوع القنبلة في حياتنا النورية.

حتى إنني أبلغكم هذا أيضا: لقد بُذِلَتْ جهودٌ مضنية لإظهارنا ذوي علاقة مع الزوبعة السابقة، فيحاولون الآن إلقاء الجفاء -ولو قليلا- فيما بينكم.

إنني قررتُ أن لا أنظر إلى تقصير أيٍ منكم رغم أنني أقاسي -في سبيل الحفاظ على مشاعركم- المتاعب والمضايقات أكثر منكم بعشر مرات، فأطلب منكم باسم أستاذنا الشخص المعنوي لطلاب النور، تركَ الأنانية وعدم الأخذ بها محقّا كان المرء أم غير محق.

وإن كانت هناك أصابع خفية تلعب في ذلك المكان العجيب، لوجودكم معا، فليذهب أحدكم إلى ردهة «طاهري».

سعيد النُّورْسِيّ

* * *

إخوتي الأعزاء الصديقين ويا زملاء الدراسة في هذه «المدرسة اليوسفية»!

إن الليلة القادمة هي ليلة النصف من شعبان، وهي بمثابة نواة سامية لسنة كاملة، ونوع من برنامج للمقدرات البشرية، لذا تكتسب هذه الليلة قدسية من ليلة القدر. فمثلما الحسنات تتضاعف إلى ثلاثين ألف ضعف في ليلة القدر، يرتفع العملُ الصالح وكل حرف من الحروف القرآنية في ليلة النصف من شعبان إلى عشرين ألف ثواب.

فلئن كانت الحسنة بعشرة أمثالها في سائر الأوقات، ففي الشهور الثلاثة ترتفع إلى المائة وإلى الألف، وفي هذه الليالي المشهورة ترتفع إلى عشرة آلاف، وعشرين ألفاً، وثلاثين ألفاً من الحسنات. فهذه الليالي المباركة تعدل عبادة خمسين سنة، لذا فالانشغال – قدر المستطاع – بتلاوة القرآن الكريم والاستغفار والصلوات على الرسول الكريم ﷺ في هذه الليلة ربح عظيم جدا.

سعيد النُّورْسِيّ

* * *

باسمه سبحانه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أبدا دائما.

سلّمكم الله في الدارين.

نبارك لكم ليلة النصف من شعبان بكل قلوبنا وأرواحنا، تلك الليلة التي يمكن أن يغنم فيها أهل الإيمان عمرا معنويا يعدل خمسين سنة من العبادة. فكل طالب مخلصٍ خالص للنور في هذه الليلة كأنه يعبد ربه ويستغفره بأربعين ألف لسان كبعض الملائكة المسبِّحين بأربعين ألف لسان.. هكذا نأمل من رحمته تعالى باطمئنان تام وبسرّ الاشتراك المعنوي وبفيض التساند المعنوي.

سعيد النُّورْسِيّ

* * *

باسمه سبحانه

أولا: لقد اعترض البعض في الادعاء على مسألة من «الشعاع الخامس» تتعلق بالدجال، متأثرين في اعتراضهم هذا بادعاءات بعض أصحاب الأهواء والبدع من العلماء، الذين ينكرون مجيء الدجال أو حتى عدد من الدجالين في الإسلام. ولعلّ الحديث النبوي التالي يُعتبر خيرَ دليل على دحض تلك المزاعم.

فقد ورد في الحديث الصحيح: «لن تزال الخلافة في ولد عمي -صِنْو أبي- العباس حتى يسلمها إلى الدجال» وهذا الحديث الشريف فضلا عن أنه يعتبر معجزة رائعة من معجزات نبينا ﷺ، فإنه يدل دلالة صريحة على أن الخلافة العباسية ستظهر وتستمر مدة طويلة بما يقرب من خمسمائة سنة ثم تدمَّر على يد دجال من الدجالين الثلاثة من أمثال «جنكيز» و«هولاكو» ويتولى حكومة دجالية في العالم الإسلامي، أي إنه يدل دلالة ظاهرة على أن العالم الإسلامي سيُفْتَتَن بثلاثة من الدجالين طبقا للأحاديث المختلفة الواردة.

على أن الخبر الغيبي الوارد في هذا الحديث ينطوي على معجزتين قطعيتين من معجزات الرسول ﷺ.

إحداها: أن الخلافة العباسية ستقوم فيما بعد وتدوم خمسمائة عام.

ثانيها: أن هذه الخلافة ستنقرض على يد دجال ظالم طاغ من أمثال «جنكيز» و«هولاكو».

فيا عجبا! هل يمكن لصاحب الشريعة الذي أَخبر في كتب الأحاديث عن أشياء جزئية تعود إلى شعائر الإسلام والقرآن أن لا ينبئ عن الأحداث العجيبة التي في زماننا هذا؟.. وهل يمكن أن لا يُشار إلى تلاميذ رسائل النور الذين نذروا أنفسهم لخدمة القرآن خدمة مخلصة، وبشكل رائع وواسع، لاسيما في زمن عجيب كزماننا هذا، وفي ظروف صعبة وشديدة كظروفنا.. تلك الخدمات التي يعترف بها الأعداء والأصدقاء؟

سعيد النُّورْسِيّ

* * *

باسمه سبحانه

إلى الرائد النوري العزيز وخادم القرآن أخي رأفت بك!

هذه نكتة من نكات الآية الجليلة:

 ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ﴾ (البقرة:61)

إن اليهود لما أفرطوا في حُب الحياة والتكالب على الدنيا استحقوا أن يَتلقَوا صفعةَ الذل والمسكنة في كل عصر وكل مكان. إلّا أن الأمر بالنسبة لقضية فلسطين هذه يختلف بعض الشيء. فقد حلّ محل حُبِ الحياة والتكالبِ على الدنيا الذي هو جبلّة اليهود وديدنُهم على مر العصور شعورٌ قومي وديني؛ حيث بدؤوا يحسون أن «فلسطين» هي مقبرة بني إسرائيل وأن الأنبياء السابقين كانوا من قومهم. وبالنظر إلى شعورهم القومي والديني هذا فإنهم لم يتلقَّوا صفعة تأديب بسرعة هذه المرة. وإلّا فكيف يكون باستطاعة ثلة قليلة من الناس أن تعيش وسط ذلك الجمع الهائل من العرب الذين يطوقونها من كل صوب دون أن يتلقَّوا صفعة سريعة وتُضربَ عليهم الذلة والمسكنة.

* * *

سؤال: هل هناك آية كريمة تدل على كروية الأرض، وفي أية سورة من سور القرآن الكريم. فإن شبهةً تجول في فكري حول تسويتها أو كرويتها، وحيث إن أراضي كل حكومة تحدها البحار فما الذي يحافظ على أطراف هذه البحار الواسعة؟.

الملا علي من أميرداغ

الجواب: لقد حلّت رسائل النور هذه المسألة وما شابهها من المسائل. علما أن علماء الإسلام قد قبلوا بكروية الأرض، وإنها لا تخالف الدين. ولا يدل ورود السطح في الآية الكريمة على عدم كرويتها.

هذا وإن استقبالَ القبلة شرط في الصلاة لدى المجتهدين، والشرط يسري في جميع الأركان، لذا يلزم استقبال القبلة في الركوع والسجود، وهذا إنما يمكن بكروية الأرض. والقبلة شرعا عمودٌ نوراني يصعد من فوق الكعبة إلى العرش وتمتد من أسفلها إلى الفرش. فاستقبال القبلة في أركان الصلاة إنما يكون بكروية الأرض وبكون القبلة عمودا نورانيا كما ذكرنا.

سعيد النُّورْسِيّ

* * *

باسمه سبحانه

﴿وَاِنْ مِنْ شَيْءٍ اِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه﴾

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إخوتي الأعزاء الصديقين!

نبارك من كل قلوبنا وأرواحنا حلولَ شهر رمضان المبارك، ونسأله تعالى أن يجعل ليلة القدر لكم خيرا من ألف شهر. آمين.. ويقبلَها سبحانه منكم في حكم ثمانين سنة من العمر المقضي بالعبادة.. آمين.

ثانيا: إنني أعتقد أن بقاءنا هنا إلى العيد فيه خير كثير وفوائد جمة. إذ لو أُفرج عنا لحُرمنا من خيرات هذه «المدرسة اليوسفية»، فضلا عن أننا سننشغل بأمور دنيوية في هذا الشهر المبارك شهرِ رمضان الذي هو شهر أُخروي بحت، وهذا مما يخل بحياتنا المعنوية.

إذن فالخير فيما اختاره الله، وستكون إن شاء الله أفراحٌ كثيرة وخيرات أكثر. لقد علمتم أيضا يا إخوتي في المحكمة أنهم لا يستطيعون وجدان شيء علينا حتى بقوانينهم أنفسهم، لذا يتشبثون بأمور جزئية جدا لا تمسُّ القانون بشيء ولو بقدر جناح بعوضة، فينقبون في مكاتب جزئية وأمور جزئية خاصة جدا، حيث لا يجدون من المسائل النورية العظيمة وسيلة تكون سببا للتعرض لنا.

ثم إن لنا مصلحة أخرى وهي أنهم ينشغلون بشخصي الذي لا أهمية له فيهوّنون من شأني بدلا من انشغالهم بطلاب النور الكثيرين ورسائلِ النور الواسعةِ الانتشارِ. فلا يَسمحُ القدر الإلهي لهم بالتعرض لطلاب النور ورسائل النور، بل يشغلهم بشخصي فحسب، وأنا بدوري أبيّن لكم ولجميع أصحابي وأصدقائي:

أنني أرضى بجميع المشقات الآتية على شخصي وبكل سرور وامتنان وبكل ما أملك من روح وجسد بل حتى بنفسي الأمارة، في سبيل سلامة رسائل النور وسلامتكم أنتم. فكما أن الجنة ليست رخيصة فإن جهنم كذلك ليست زائدة عن الحاجة.

ولما كانت الدنيا ومشقاتها فانية وماضية عابرة بسرعة، فإن المظالم التي يُنـزلها بنا أعداؤنا المتسترون سننتقم منهم ونثأر لأنفسنا بأضعافِ أضعافِها بل بمائة ضعف، وذلك في المحكمة الكبرى وجزء منها في الدنيا.. فنحن بدلا من الحقد والغضب عليهم نأسف على حالهم.

فما دامت الحقيقة هي هذه، فعلينا التوكل على الله والاستسلام لما تجري به المقادير الإلهية والعناية الإلهية التي تحمينا، من دون أن يساورنا القلق. مع أخذ الحذر، والتحلي بالصبر الجميل والشكر الجزيل، وشدِّ أواصر المحبة ووشائج الألفة والمسامرة المباركة مع إخوتنا هنا في الأيام المباركة لهذا الشهر المبارك شهر رمضان، وقضائِه في جوّ من الأخوّة الخالصة والسلوان الجميل والترابط الوثيق، والانشغال بالأوراد في هذا الشهر الذي يرفع الثواب إلى الألف، ومحاولة عدم الاكتراث بهذه المضايقات الجزئية العابرة الفانية بل الانهماك بدروسنا العلمية، وذلك حظ عظيم يؤتيه الله من يشاء.

هذا وإن دروس النور المؤثرة تأثيرا جيدا في هذا الامتحان العسير واستقراءها حتى للمعارضين فتوحات نورية لها أهميتها وقيمتها.

حاشية: إن إنكار بعض إخواننا كونَه طالبا من طلاب النور دون ما حاجة إلى ذلك ولاسيما (…) وسترهم لخدماتهم النورية الجليلة السابقة من دون ضرورة، رغم أنه عمل سيء، إلّا أن خدماتهم السابقة تدعونا إلى الصفح عنهم وعدم الاستياء منهم.

سعيد النُّورْسِيّ

* * *

باسمه سبحانه

﴿وَاِنْ مِنْ شَيْءٍ اِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه﴾

إخوتي الأعزاء الصدّيقين!

أولا: إن الليالي المقبلة تُكسب المرء ثمانين ونيفا من سني العمر المليء بالعبادة، واحتمالُ وقوع ليلة القدر فيها وارد حسب ما ورد في الحديث الصحيح: «تحرّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان» فعلينا إذن السعي لاغتنام هذه الفرصة الثمينة فهي سعادة عظمى ولاسيما في مثل هذه الأماكن المثابة عليها.

ثانيا: بمضمونِ: «من آمن بالقدر أمِنَ من الكدر» وكذا حسب القاعدة الحكيمة: «خذوا من كل شيءٍ أحسنَه» وكذا قوله تعالى: ﴿اَلَّذينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ اَحْسَنَهُ اُو۬لٰٓئِكَ الَّذينَ هَدٰيهُمُ اللّٰهُ وَاُو۬لٰٓئِكَ هُمْ اُو۬لُوا الْاَلْبَابِ﴾ (الزمر:18).

فحسب هذه الآية الجليلة والقواعد السابقة، علينا أن ننظر إلى الجهة الحسنة من كل شيء والوجهِ الجميل المبشِّر منه لكي لا تنشغل قلوبُنا بما لا يعني من الحالات القبيحة العابرة التي لا حاجة لنا إليها، بل هي مضرة تورث الضيقَ والانقباض. ولقد ذُكر في «الكلمة الثامنة»: رجلان يدخل أحدهما الحديقة بينما يغادرها الآخر. فالمحظوظ السعيد هو الذي ينظر إلى الأزاهير وما شابهها من الأشياء الجميلة في الحديقة، فينشرح ويرتاح ويهنأ، بينما الآخر الشقي يحصر نظره في الأمور القذرة الفاسدة لعجزه عن التنظيف، فينتابه الغثيان ويتضايق بدلا من أن ينسرّ في الحديقة، ويتركها هكذا..

هذا وإن صفحات الحياة الاجتماعية البشرية الحالية ولاسيما «المدرسة اليوسفية» هي بمثابة حديقة، فيها أشياء قبيحة وحسنة معا وفيها أمور محزنة ومفرحة جنبا إلى جنب. فالكيّس مَن أشغل نفسه بالأمور الجميلة من دون أن يعبأ بالقبيحة والفاسدة منها. فيشكرُ ربّه وينسرّ في موضع الشكوى والقلق.

سعيد النُّورْسِيّ

* * *

إخوتي الأعزاء الصادقين الثابتين!

أبارككم بكل روحي وقلبي، فلقد ضمدتم جرحنا بسرعة. وأنا بدوري فرحت تمام الفرح وانسررت الليلة بالشفاء. ومن المعلوم أن «مدرسة الزهراء» تتوسع وتزوّد الأذهان والقلوب بسر الإخلاص الحقيقي والتضحية الجادة وترك الأنانية والتواضع التام وذلك ضمن دائرة النور، وتقوم بنشر هذه الأمور في الأوساط. فلابد إذن أن لا يُفسد تلك الدروسَ القوية والعلاقة الأخوية المتينة ما يتولد من المشاعر والأحاسيس من أمور عابرة في منتهى الجزئية ولا الدّلّ فيما بينكم. إن لمعة «الإخلاص» خير ناصح في هذا المجال.

وقد وُضعتْ في الوقت الحاضر خطةٌ رهيبة لضربنا وتشتيتِ رسائل النور وزعزعةِ الروابط بين طلابها، وذلك بإلقاء الجفاء بين الطلاب وإحداثِ السآمة فيما بينهم وإيجادِ الفرقة من حيث اختلاف المشرب والفكر..

سعيد النُّورْسِيّ

* * *

أخي العزيز السيد رأفت!

بحرمة القرآن العظيم، وبحق ارتباطكم القرآني، وبشرف خدماتكم العظيمة في مسلك النور طوال عشرين سنة.. ارفعوا ما بينكم من هجر وسخط، فهو رهيب رغم كونه شيئا جزئيا -ظاهرا- إلّا أنه أليم فجيع بالنسبة لأوضاعنا الحالية الدقيقة. فهو عون عظيم للمنافقين المتسترين الذين يسعون لإبادتنا وإفنائنا. تخلَّوا يا إخوتي عن استياء بعضكم عن بعض، الشبيه بِإلقاء الشرارة في البارود، واحملوا الآخرين عن التخلي عنها. إذ بخلاف ذلك هناك احتمال قوي أن يَلحق الضررُ بنا وبالخدمة القرآنية والإيمانية بالأرطال بسبب حق جزئي شخصي لا يعادل درهما.

وإني أُطَمْئِنُكم -مقسِما بالله- أنه إذا أهانني أحدُكم أشدّ إهانة وأشنع تحقير، وحطّ من كرامةِ شخصيتي كليا، ولم يتخلّ -في الوقت نفسه- عن الخدمة القرآنية والإيمانية والنورية، فإنني أصفح عنه وأتنازل له عن حقي، وأُصالحه، وأسعى لعدم الاستياء منه.

فما دمتم تعلمون أن أعداءنا يستغلون جفاءً جزئيا فيما بين الإخوة، تصالَحوا فورا. وتخلَّوا عن التدلل الذي لا معنى له، بل فيه ضرر بليغ. وإلّا فسيكون ضررا جسيما لخدمتنا الإيمانية.

ولما كانت العناية الإلهية قد وَهبت لنا الكثيرين بدلَ الضائعين المفارقين لنا، فستُسعفنا وتمدّنا بإذن الله.

سعيد النُّورْسِيّ

* * *

باسمه سبحانه

إخوتي الأعزاء الصديقين!

لا تقلقوا! فنحن في ظل العناية الإلهية وتحت رعايتها. إن المشقات الظاهرة تحمل رحمات كثيرة. لقد أرغموا الخبراء على أن يهوّنوا جزءا من الرسائل.. لا شك أن قلوب الخبراء قد أصبحت من «النوريين».

سعيد النُّورْسِيّ

* * *

باسمه سبحانه

إخوتي الأعزاء الصديقين الثابتين الذين لا ينال منهم القلق والاضطراب ولا يتركون الآخرة بالعودة إلى الدنيا الفانية!

لا تحزنوا من بقائنا هنا مدة أخرى لرغبتهم في توسيع دائرة قضيتنا، بل كونوا راضين شاكرين كما أنا راضٍ شاكر، إذ العمر لا يتوقف بل يحث الخطى نحو الزوال، وينال البقاء بثمراته الأخروية في مثل هذه المعتكفات، فضلا عن أن دائرة دروس رسائل النور تتوسع. فمثلا: اضطر علماء هيئة الخبراء إلى قراءة «سراج النور» بإمعان، علما أن هناك احتمالَ ورود نقيصة لخدمتنا الإيمانية -بجهة أو جهتين- فيما إذا أُفرج عنا في هذه الفترة.

إنني لا أرغب في مغادرة السجن بالرغم من أنني أقاسي المضايقات أكثر منكم بكثير. وأنتم كذلك اجهدوا -حسب المستطاع- على الصبر والتحمل والتعود على نمط الحياة هنا مع الاشتغال باستنساخ رسائل النور ودراستها لتجدوا السلوان والسرور.

سعيد النُّورْسِيّ

* * *

إخوتي الأعزاء الصديقين!

أولا: ربما كان عدد منا يسافر لأداء فريضة الحج في هذه السنة لو كان السفر إليه حرا مسموحا به. نسأل الله تعالى أن يَقبل نياتِنا هذه وكأننا سافرنا إلى الحج فعلا، ويمنحَ خدمتنا الإيمانية والنورية ثوابا عظيما كثواب الحج ونحن نعاني هذه الأحوال المليئة بالمضايقات والمشقات.

ثانيا: إن رسائل النور تفسير قيّم وحقيقي للقرآن الكريم. لقد كررنا هذا الكلامَ. وخطر الآن للقلب بيانُ حقيقته وذلك لعدم وضوح معناه الحقيقي:

التفسير نوعان:

الأول: التفاسير المعروفة التي تبين وتوضح وتثبت معانيَ عبارات القرآن الكريم وجمله وكلماته.

القسم الثاني من التفسير: هو إيضاحُ وبيانُ وإثبات الحقائق الإيمانية للقرآن الكريم إثباتا مدعما بالحجج الرصينة والبراهين الواضحة. ولهذا القسم أهمية كبيرة جدا.

أما التفاسير المعروفة والمتداولة فإنها تتناول هذا النوع الأخير من التفسير تناولا مجملا أحيانا. إلّا أن رسائل النور اتخذت هذا القسم أساسا لها مباشرة. فهي تفسير معنوي للقرآن الكريم بحيث تُلزِم أعتى الفلاسفة وتُسكتهم.

سعيد النُّورْسِيّ

* * *

باسمه سبحانه

إخوتي الأعزاء الصديقين!

تُرى هل نحن ورسائل النور أكثر إضرارا في الأوساط، بحيث يَكتب كلُّ محرر للصحف ما يشاء ويَعقد كل صنف اجتماعا دون مداخلةِ أحد؟ والحال إذا انعدمت التربية الدينية فلا تكون لدى المسلمين وسيلة للإدارة سوى الاستبداد المطلق والرشوة التي لا تحدها حدود، إذ كما لا يتهود المسلم -التارك لدينه- حقا ولا يتنصّر حقا، بل يكون ملحدا ويضل ضلالا بعيدا، كذلك لا يكون شيوعيا قط بل فوضويا إرهابيا، وعندئذٍ لا يمكن إدارته إلّا بالاستبداد المطلق.

أما نحن طلاب النور فإننا نسعى لمعاونة الإدارة وإقرار الأمن والنظام وإحراز السعادة للأمة والوطن. والذين يجابهوننا هم إرهابيون ملحدون أعداء الأمة والوطن. فالأَولى للحكومة بل الألزم لها أن تسعى لحمايتنا ومعاونتنا لا التعرض لنا والتعدي علينا.

سعيد النُّورْسِيّ

* * *

باسمه سبحانه

إخوتي الأعزاء الصديقين!

أولا: إن الإفراج عن كل من «رأفت» و«أدهم» وأفراد عائلة «جالشقان» و«برهان» وأمثالهم من طلاب النور الناشرين، يدل على أن انتشار رسائل النور ليس محظورا، فلا تتعرض لها المحكمة.

ثم إنه علامة على الإقرار بعدم وجود تحزب وتشكيل جمعية.

ثم إن إطالة مدة قضيتنا وجلبهم الأنظار إلى رسائل النور في ميدان واسع إنما هي بمثابة دعوة عامة لقراءتها، وإعلان رسمي لها يثير لدى السامعين المشتاقين الرغبة في قراءتها.. وهي وسيلة لكسبنا نحن وأهلِ الإيمان المنافعَ العظيمة التي تفوق مشقاتِنا بمائة درجة.. وهي إشارة إلى تأثير مثل هذا الدرس الإيماني النـزيه في أوسع دائرة في الأرض -كالقنبلة الذرية- إن شاء الله إزاء هجوم كلي شامل قاسٍ شرس تشنّه جيوشُ الضلالة الرهيبة في هذا الزمان.

سعيد النُّورْسِيّ

* * *

باسمه سبحانه

إخوتي الأعزاء الأوفياء: رأفت، محمد فيضى، صبرى!

لقد تلقيت إخطارا قلبيا فأرجوكم رجاءً خالصا لأجل رسائل النور، وبركة هذا العيد المبارك، ولأجل حقوق الأخوّة السابقة فيما بيننا: اسعوا أيها الإخوة الثلاثة لضماد جرحنا الجديد الغائر. لأن أعداءنا ينفّذون خطتين اثنتين علينا:

أُولاها: التهوين من شأني.

ثانيتها: بث الجفاء فيما بيننا، بنشر روح الانتقاد والاعتراض والاستياء فيما بينكم ولاسيما مع «خسرو».

إني أُعلن لكم: لو كان لـ«خسرو» ألف تقصير وخطأ فإني أخاف من الكلام عليه. لأن الكلام عليه خيانة عظيمة في الوقت الحاضر. حيث يَعني الكلامَ على رسائل النور مباشرة، وعليّ بالذات، ويكون لصالح الذين استضعفونا. فهو خيانة عظيمة إلى حدٍّ فجّرت مدفأتي. وإني على قناعة من أن التعذيب الذي يذيقونني إياه مؤخرا ناتج من انحلال الترابط فيما بينكم، والذي ليس له مغزى قط، بل فيه ضرر كبير. إن أصابع رهيبة تتدخل هنا في السجن ولاسيما في الردهة السادسة. لا تدفعوني يا إخوتي إلى البكاء والحزن في عيدنا هذا. تصالَحوا فورا صلحا قلبيا.

سعيد النُّورْسِيّ

* * *

إخوتي الأعزاء الصديقين!

كنت أريد أن يخلُّوا سبيل اثنين أو ثلاثا من إخواننا اليوم، إلّا أن العناية الإلهية قد أخّرتهم لفوائد يحصلون عليها. بل إن بقاءنا في وضعنا هذا بما يقرب من عشرين يوما ضروري، بل ضروري جدا لأن وجودنا معا في هذا العيد ضروري لنا ولرسائل النور ولخدمتنا وراحتنا المادية والمعنوية، ولنأخذَ حظنا كاملا من أدعية الحجاج، ولنجاة رسائل النور المرسلة الى «أنقرة» من المصادرة، ولتزايد عدد الذين يشفقون على كوننا مظلومين فينسلكوا في مسلك النور، وليكون حُجة على أننا لا نستجير بخوّنة الوطن والأمة بالرضى عن الأخطاء العظيمة التي تُرتكب حاليا.

سعيد النُّورْسِيّ

* * *

إخوتي الأعزاء الأوفياء!

السجن هو أفضل مكان لنا في هذه الفترة الطافحة بالشبهات والأوهام والاضطرابات والقلاقل. وإن رسائل النور ستُكسب لنا ولهم الإفراج بإذن الله. إذ ما دامت رسائل النور تستقرئ نفسها بشكل لا مثيل له، وإلى هذه الدرجة الواسعة خلال هذه الظروف الصعبة المحيطة، وإزاء معارضين كثيرين جدا، وتدفع طلابَها إلى أنواع شتى من العمل للإسلام في السجن، ولا تفسح المجال إلى تذللهم بفضل العناية الإلهية.. فنحن إذن مكلفون بأداء الشكر لله بدل الشكوى، والاطمئنان إلى هذا.

فإن تحملي جميع الشدائد والمضايقات الشديدة نابع من هذه القناعة والاطمئنان. فلا أتدخل في مشيئة الله.

سعيد النُّورْسِيّ

* * *