[مدرسة معنوية في البرزخ]

كنت أسمع أيام كنت طالبا من أناس موثوقين كلاما نقلا عن أئمة عظام.

وهو: «أن طلاب العلوم الجادين الخالصين المحبين للعلم، الذين يتوفون في أثناء دراستهم للعلوم يكونون في البرزخ أيضا في مدرسة معنوية وكأنهم في دراستهم السابقة. فينعم الله سبحانه عليهم وضعا ملائما لذلك العالم». كان هذا الكلام يدور كثيرا في ألسنة طلاب العلوم آنذاك.

ولما كان طلاب النور في الوقت الحاضر هم خلّص طلاب العلوم فإن وظيفة محمد زهدى وعاصم ولطفي وأمثالهم من الطلاب المتوفين رحمهم الله مستمرة بلا شك لأجل إضافة حسناتٍ إلى سجل أعمالهم بأقلامهم المعنوية التي تعمل عملها إن شاء الله.

* * *

[لا تُطلب مقاصد دنيوية بالعبادة الفكرية]

إن رسائل النور لا تكون وسيلة قطعا لكسب مصالح دنيوية، ولا تستغل ترسا لدفع أضرارها، لكونها عبادة فكرية ذات شأن وأهمية. فلا تطلب بها مقاصد دنيوية بالذات، إذ لو طُلبت يفسد الإخلاص ويتغيّر شكل تلك العبادة الجليلة. ويكون المرء كالصبيان الذين يتترسون بجزء المصحف الذي يتلونه لدى عراكهم بعضهم ببعض. فالضرر الذي يصيب رأسه سيمس ذلك المصحف حتما، لذا لا ينبغي أن يُتترّس برسائل النور تجاه هؤلاء الخصوم العنيدين.

نعم، لقد نزلت صفعاتُ تأديب بالذين يتعرضون لـرسائل النور ويعادونها، فهناك مئات الوقائع تُثبت هذا، ولكن يجب ألّا تستعمل رسائل النور في إنزال الصفعات بل لا تنـزل بالنية والقصد لأنه عمل مناف لسر الإخلاص والعبودية لله.

فنحن نكل أمر مَن ظلمنا إلى ربنا الجليل الذي حمانا واستخدمنا في خدمة رسائل النور..

نعم، إن نتائج خارقة تخص الدنيا تترتب بكثرة على رسائل النور -كما هي في الأوراد المهمة- ولكن لا تُطلب هذه النتائج، وإنما توهَب. فلا تكون علّة للأمر قطعا، وإنما يمكن أن تكون لها فائدة. فلو حصلت نتيجةَ الطلب، كانت إذن علةً، مما يفسد الإخلاص ويُبطل قسما من تلك العبادة…

نعم، إن مقاومة رسائل النور مقاومة غالبة للكثرة الكاثرة من المنكرين المعاندين، إنما هي مما تحمله من سر الإخلاص.. ومن عدم كونها وسيلة لأي غرض كان.. ومن توجُّهِ نظرها مباشرة إلى السعادة الأبدية.. ومن عدم تتبعها أي قصد كان سوى خدمة الإيمان.. ومن عدم التفاتها إلى الكشف والكرامات الشخصية التي يوليها بعض أهل الطرق أهمية.. ومن كونها تَحصر وظيفتَها في نشر أنوار الإيمان وإنقاذ إيمان المؤمنين، مما كَسبته من سر وراثة النبوة التي هي شأن الصحابة الكرام الحاملين للولاية الكبرى.

نعم، إن ما تُكسبه رسائلُ النور طلابَها في هذا الزمان الرهيب من نتيجتين ثابتتين على وجه التحقيق جديرتان بالاهتمام. وهما تفوقان أي شيء آخر حتى لا تدَعان حاجة إلى النظر إلى مقامات معنوية وأمور أخرى غيرها.

فالنتيجة الأولى هي: أن من يدخل دائرة رسائل النور بوفاء صادق واقتناع كامل، تُختم حياته بالحسنى، أي يدخل القبر بالإيمان. فهناك أدلة قوية على هذا.

والنتيجة الثانية هي: ما تَحقق وتقرر في دائرة النور من الاشتراك المعنوي في أعمال الآخرة الذي دُفعنا إليه دون اختيارنا ولا علمِنا، كأن كل طالب حقيقيٍ صادق يقوم بالدعاء والاستغفار والعبادة بألوف الألسنة والقلوب، والتسبيح لله بأربعين ألف لسان كما هو لدى بعض الملائكة. ويتحرى عن الحقائق السامية والرفيعة بمئات الألوف من الأيدي كحقيقة ليلة القدر في شهر رمضان المبارك.

ولأجل مثل هذه النتيجة: يرجِّح طلاب النور خدمة النور على مقام الولاية ولا يتطلعون إلى الكشف والكرامات ولا يَسعون لقطف ثمرات الآخرة في الدنيا. ويفوِّضون التوفيق في نشر الرسائل وجعلِ الناس يتقبلونها والترويج لها، ونيل مظاهر الشهرة والأذواق والعناية الإلهية التي يستحقونها، وأمثالِها من الأمور التي هي خارجة عن نطاق وظيفتهم، يفوّضونها كلها إلى الله سبحانه ولا يتدخلون فيها. فلا يبنون أعمالهم وحركاتهم على تلك الأمور. وإنما يعملون بإخلاص تام قائلين: تكفينا وظيفتنا، وهي خدمة الإيمان ليس إلّا.

* * *

[من مزايا رسائل النور]

 إن رسائل النور في هذا العصر، وفي هذا الوقت بالذات عروة وثقى، أي سلسلة قوية لا تنقطع، وهي حبل الله. فمن استمسك به فقد نجا.

 إن رسائل النور برهان باهر للقرآن الكريم، وتفسير قيّم له، وهي لمعة براقة من لمعات إعجازه المعنوي، ورشحة من رشحات ذلك البحر، وشعاع من تلك الشمس، وحقيقة ملهمة من كنـز علم الحقيقة، وترجمة معنوية نابعة من فيوضاته..

 إن رسائل النور ليست كالمؤلفات الأخرى التي تستقي معلوماتها من مصادر متعددة من العلوم والفنون، فلا مصدر لها سوى القرآن، ولا أستاذ لها إلّا القرآن، ولا ترجع إلّا إلى القرآن.. ولم يكن عند المؤلف أي كتاب آخر حين تأليفها، فهي ملهمة مباشرة من فيض القرآن الكريم، وتنـزل من سماء القرآن ومن نجوم آياته الكريمة…

 إن الذي يدفع اعتراضات الملحدين التي تُعدّ منذ ألف سنة للنيل من القرآن الكريم.. والذي يزيل شبهات الفلاسفة الكفرة التي تراكمت منذ أمد سحيق، ووجدت الآن سبيلا للانتشار.. والذي يصد حقد اليهود الذين يُضمِرون العداء والثأر من القرآن الكريم الذي زجرهم وعنّفهم.. والذي يقابل هجوم نصارى مغرورين على القرآن الكريم..

نعم، إن الذي يدفع هذه الغارات جميعها هم أبطال ميامين، وقلاع معنوية حصينة للقرآن الكريم وُجدوا في كل عصر من العصور. ولكن الآن غدت الحاجة ماسة أكثر إلى أولئك الأبطال، إذ زاد عدد المهاجمين من واحد واثنين إلى المائة. وقلّ عدد المدافعين عن القرآن من المائة إلى اثنين أو ثلاثة. فضلا عن أن تعلّم الحقائق الإيمانية من علم الكلام أو المدارس الشرعية يحتاج إلى زمن طويل، لا تسمح به أحوالُ هذا الوقت، فانسدّ ذلك الباب أيضا. أما رسائل النور فهي تُعلِّم الحقائق الإيمانية العميقة جدا بأسلوب يفهمه كل الناس في أقصر وقت.

 إن خاصية مميزة راقية لـرسائل النور هي: أنه في هذا العصر العجيب يستند الكفرُ والإيمان إلى آخر الحصون في المبارزة القائمة بينهما. فـرسائل النور تبين تلك الركائز النهائية بيانا قويا قاطعا. وهذه الخاصية تظهر في رسالة «الآية الكبرى» بأسطع ما يمكن، إذ تبين الصراع القائم بين الكفر والإيمان حتى في آخر ركائزهما. ولنوضح هذا بمثال.

فمثلا: إن في ميدان حرب عظيمةٍ وأثناء اجتماعِ حُشود الجنود من الطرفين واصطدامِ فوجين منهما، يُمدّ العدو فوجه بالأعتدة والأجهزة الحربية ليشد من قواهم المعنوية ويقويها، فيسخر كل الوسائل الممكنة لذلك، منها التهوين من معنويات أهل الإيمان وتفتيت تساندهم وترابطهم، بمعنى أنه لا يدع وسيلة إلّا ويستعملها في سبيل تشتيت قوة أهل الإيمان المعنوية التي هي قوة احتياطية ساندة عظيمة. حتى إنه يبعث على فوج المسلمين وعلى كل فرد من أفراده مجموعة متساندة مترابطة مشبعة بروح الجماعة والتنظيم الخاص.

وإذ يحاول العدو إفناء القوة المعنوية لفوج المسلمين إفناءً كاملا، يَظهر أحدُهم كالخضر عليه السلام ويقول:

«لا تيأس أيها المسلم! فإن لك نقطةَ استنادٍ عظيمة وركيزة لا تتزعزع قط، وجيوشا جرّارة لا تُغلَب، وقوى احتياطية لا تنفد، فلو اجتمعت عليك الدنيا بأسرها لا يمكنها أن تبارِز تلك القوى وتتحداها، بل لا يقدر على تدميرها إلّا مَن يملك قدرة على تدمير الكون بأسره. أما سبب انهزامك في الوقت الحاضر فهو إرسالك جنديا واحدا ليقابل جماعة منظمة وشخصا معنويا. فاسعَ أيها المسلم، ليكون كل جندي من جنودك في حكم جماعة وبمثابة شخص معنوي يستمد معنوياته من الدوائر المحيطة به».

وهكذا يمتلئ قلب المسلم قناعةً واطمئنانا من كلام الخضر.

والأمر كذلك في رسالة «الآية الكبرى»؛ إذ إن أهل الضلالة المُغيرين على أهل الإيمان أصبحوا روحا خبيثة تسري في الأمة، وشخصية معنوية حاملة لروح الجماعة والتنظيم الخاص تُفسد وجدان الناس وقلوبهم عامة في العالم الإسلامي، وتُمزق الستار الإسلامي السامي الذي يحيى العقائد التقليدية لدى عوام المسلمين، وتحرق المشاعر المتوارثة أبا عن جد.. تلك المشاعر التي تديم الحياة الإيمانية..

فبينما يحاول كل مسلم -يائسا- لينجو بنفسه من هذا الحريق المرعب الذي شبّ في أرجاء العالم. إذا بـرسائل النور تأتي كالخضر عليه السلام، وتَمدّ إليه يد العون والمساعدة، وإذا برسالة «الآية الكبرى» كالجندي المطيع ذي الخوارق، تستمد الإمداد المعنوي والمادي الذي لا يقاوَم من آخر جيوشه المحيطة بالكون… أما سائر النقاط في المثال، فعليكم تطبيقها كي تتبين خلاصة ذلك السر.

 إن رسائل النور كذلك ليست نورا مقتبسا، وبضاعة مأخوذة من معلومات الشرق وعلومه، ولا من فلسفة الغرب وفنونه. بل هي مقتبسة من العرش الرفيع السماوي لمرتبة القرآن الكريم الذي يسمو على الشرق والغرب.

 فـرسائل النور التي هي ضياء معنوي، وعلم في منتهى العلو والعمق معا، لا تحتاج دراستُها والتهيؤ لها إلى تكلف، ولا داعي إلى أساتذة آخرين لتعلّمها، ولا الاقتباس من أفواه المدرسين، حيث إن كل شخص يفهم حسب درجته تلك العلوم العالية، دونما حاجة إلى إشعال نار المشقة والتعب للحصول عليها، فيفيد نفسه بنفسه، وربما يكون عالما محقِّقا.

سؤال:

لِمَ خُصَّت رسائلُ النور من بين سائر الكتب القيمة بإشارات من القرآن الكريم، والتفاتته إليها، وباستحسانِ الإمام علي رضي الله عنه وتقديره لها، وبتوجّه الشيخ الكيلاني (قدس سره) إليها والتبشير بها. فما وجه اختصاصها، وما الحكمة في اهتمامِ وتقدير هذين الأستاذين الفاضلين إلى هذا الحد بـرسائل النور؟.

الجواب: من المعلوم أن دقيقة واحدة تكون ذاتَ أهمية تقابل ساعة كاملة وإنها تثمر من النتائج ما تنتجه تلك الساعة، وربما ما ينتجه يوم كامل، قد تكون بمثابة سنين. ويحدث أحيانا أن تكون ساعة واحدة لها من الأهمية وتعطي من النتائج ما لسنة من العمر بل العمر كله.

فمثلا: إن الذي يُستشهد في سبيل الله في دقيقة واحدة يفوز بمرتبة الأولياء.. وإن الذي يرابط ساعة واحدة في ثغر المسلمين عند اشتداد البرد وَصَولة الأعداء الرهيبة، قد تكون له من الأهمية ما لِسَنةٍ من العبادة.

وهكذا الأمر في رسائل النور؛ إذ إن سبب الاهتمام الذي نالته رسائل النور نابع من أهمية الزمان نفسه.. ومن شدة الهدم الذي أحدثه هذا العصر في الشريعة المحمدية والشعائر الأحمدية.. ومن فتنة آخر الزمان الحالية التي استعاذت منها الأمة الإسلامية منذ القِدَم.. ومن زاوية إنقاذ إيمان المؤمنين من صولة تلك الفتن.

فلأجل هذه الأسباب كلها حازت رسائلُ النور أهمية عظمى حتى أشار إليها القرآن الكريم إشارة قوية، والتفت إليها التفاتة كريمة، وبشّر بها الإمام علي رضي الله عنه بثلاث كرامات، وأخبر عنها الشيخ الكيلاني رضي الله عنه إخبارا ذا كرامة، وحضّ مؤلفها.

نعم، لـقـد تزعزعت قــلاع الإيمان التقليديــة وتصدعت أمــام هجمات هــذا العصر الرهيب، ونأَت عن الناس وتسترت بحجب وأسـتار، مما يستوجب على كل مؤمن أن يملك إيمانـا تحقيقيا قويـا جـدا كي يمكّنه مــن المقاومة والثبات وحــده تجاه الضلالة المهاجمة هجوما جماعيا.

فرسائل النور تؤدي هذه الوظيفة، وفي أحلك الحـالات وأرهبها، وفي أحوج الأوقات وأحرجها. فتؤدي خدمتَها الإيمانية بأسلوب يفهمه الناس جميعا. وأثبتت أعمقَ حقائق القرآن والإيمان وأخفاها ببراهين قوية، حتى أصبح كل طالبِ نورٍ وفيٍّ صادق يحمل في قلبه الإيمان التحقيقي كأنه قطب مخفي من أقطاب الأولياء وركيزة معنوية للمؤمنين، وذلك لخدماته الإيمانية في القرية أو القصبة أو المدينة التي فيها. ورغم أنهم غير معروفين وغير ظاهرين ولا يلتقيهم أحد فقد صار كلٌّ منهم بعقيدتهم المعنوية القوية كضابط شجاع في الجيش يبعث مددا معنويا إلى قلوب أهل الإيمان فيثبتهم وينفخ فيهم روح الحماس والشجاعة.

 إخوتي الأوفياء الصادقين الأعزاء.. يا عِماد سلواني في هذه الدنيا، ويا رفقائي الذين لا يَكلّون في خدمة الحقيقة.

بينما كنت أتأسف في هذه الأيام على اشتغال ذهني جزئياً بالدفاعات أمام المحاكم، ورد إلى القلب ما يأتي:

إن ذلك الانشغال هو كذلك اشتغال علميّ، إذ هو خدمة في سبيل نشر الحقائق الإيمانية وتحقيق حريتها وانكشافها؛ فهو نوع من العبادة من هذه الجهة.

وأنا بدوري كلما وجدت ضِيقاً في نفسي باشرتُ بمطالعة مسائل النور بمتعة ولذة، رغم أني اطلعت عليها مائة مرة. حتى وجدت «الدفاعات» هي كذلك مثل رسائل النور العلمية.

ولقد قال لي أحد إخواني: «إنني أشعر بشوق وحاجة إلى تكرار قراءة «رسالة الحشر» وإن كنت قد قرأتها ثلاثين مرة».

فعرفت من كلامه هذا؛ أن رسائل النور التي هي مرآة عاكسة لحقائق القرآن الكريم وتفسير قيم أصيل له، قد انعكست فيها أيضا مزيةٌ رفيعة للقرآن الكريم ألا وهي عدم السأم من قراءتها.

 شكرا وحمدا لله بما لا يتناهى من الحمد والشكر؛ إن عوام المؤمنين في زماننا هذا، الذين هم في أمسّ الحاجة إلى نقطةِ استنادٍ يستندون إليها قد وجدوها في رسائل النور، فهي حقيقة لن تكون وسيلة لأي شيء كان، ولا يداخلها أي غرض أو مقصد كان، ولا تفسح المجال لأية شبهة أو وسوسة كي تدخل فيها، ولا يستطيع أي عدو كان أن يجد حجة لجرحها وتفنيدها.. وإن الذين سيسعون لنشرها يسعون للحق والحقيقة وحدهما دون أن تشوب سعيهم مقاصد دنيوية. كل ذلك ليَطمئن بتلك الحقيقة أولئك البعيدون ويثقوا بناشريها الصادقين اطمئنانا تاما لينقذوا إيمانهم من صولة الزنادقة والملحدين على الدين واعتراضات الفلاسفة وإنكارهم عليه.

 نعم، إن أولئك المؤمنين سيقولون بلسان حالهم: «إن أعداءً شرسين وبهذه الكثرة لم يستطيعوا أن يفنّدوا هذه الحقيقة ولا أن يعترضوا عليها. وإن طلاب تلك الحقيقة لا يحملون في خدمتها قصدا غير الحق وحده. فلابد أنّ تلك الحقيقة هي عين الحق ومحض الحقيقة». وبهذا يقوى إيمانهم بدليل واحد يفوق ألف برهان وبرهان، فينقذون إيمانهم ولا يساورهم شك بعدُ.

 إنه لأجل اطمئنان عوام المؤمنين وتقبلهم حقائق الإيمان دون أن يساورهم أي تردد، يلزم في الوقت الحاضر، وجودُ معلّمين، يحملون من الإيثار ما يجعلهم يضحون لا بمنافعهم الدنيوية وحدها، بل بمنافعهم الأخروية أيضا في سبيل منافع أهل الإيمان الأخروية. فيكون ذلك الدرس الإيماني خالصا نقيا بحيث لا يفكرون فيه بالمنافع الشخصية مهما كانت. بل يسعون في الخدمة الإيمانية، بالحقائق، نيلا لرضا الله، وعشقا للحقيقة، وشوقا إلى الحق والسداد الذي في الخدمة، وذلك ليطمئنّ كلُّ من يحتاج إلى الإيمان اطمئنانا تاما دون حاجة إلى إيراد الأدلة له، ولكي لا يقول: «إنه يخدعنا ويستميلنا» وليعلم أن الحقيقة قوية بذاتها إلى حد لا يمكن أن تتزعزع بأي حال من الأحوال، ولا تكون أداةً طيعة لأي شيء كان.. فيقوى إيمانه عندئذٍ ويقول: «حقا إن ذلك الدرس الإيماني هو عين الحقيقة» وتُمحى شبهاتُه ووساوسه.

* * *