[يمكنكم مجالسة سعيد]

15 شباط 1934

باسمه

﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ثانيا: (…) وقد قلت لكم سابقا: لا أهمية لشخصي «سعيد» كي يُرغَب في مجالسته ومحاورته.

أما «سعيد» الذي هو أستاذكم فيمكنكم مجالسته ومحاورته كلما فتحتم رسالة من الرسائل.

أما «سعيد» الذي هو أخوكم في الآخرة، فهو معكم صباح مساء في الدعاء والتضرع إلى المولى الكريم. فالسيد «سزائي» يمكنه أن يرى أستاذه وأخاه «سعيد» في أي وقت يشاء.

أما شخص «سعيد» فيندم بعض من يراه، حسب المثل «تسمع بالمعيدى خير من أن تراه» ويقول: ليتني لم أره! إنه شبيه بطبل حسن الصوت من البعد فارغ في القرب.

الباقي هو الباقي

أخوكم

سعيد النُّورْسِيّ

* * *

[حول آل العباء]

14 نيسان 1934 الأربعاء

باسمه

﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي العزيز الوفي المدقق المهتم، السيد رأفت!

إن سؤالكم في هذه المرة ذو جهتين:

الأولى: جهة آل العباء، وهى سر، لست أهلا لذلك السر لأجيب عن سؤالكم، أو لا يمكن التعبير عن كل سر بالكتابة، لأن جلوة من جلوات الحقيقة المحمدية تظهر في آل العباء.

أما الجهة الثانية الظاهرية: فهي واضحة مبينة في كتب الأحاديث كصحيح مسلم، برواية أم المؤمنين عائشة الصدّيقة رضي الله عنها وهي: «خرج النبي ﷺ غداة وعليه مرطٌ مرحّلٌ من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جـاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: ﴿اِنَّمَا يُريدُ اللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ اَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيرًاۚ﴾ (الأحزاب:33).

وأمثال هذا الحديث الشريف موجودة في الصحاح الستة بروايات مختلفة تبين آل العباء.

وقد قال أحد الفاضلين للاستشفاء والاستشفاع:

لي خمسة أطفي بها نار الوباء الحاطمة المصطفى والمرتضى وابناهما وفاطمة اكتفيت بهذا القدر حاليا، لا تتألم. سلامي لكل من ذكرتموه في رسالتكم فردا فردا، وأدعو لهم.

الباقي هو الباقي

أخوكم

سعيد النُّورْسِيّ

* * *

[تهنئة بولادة طفلة]

9 مايس 1934 الأربعاء

باسمه سبحانه

﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي العزيز الوفي المدقق السيد رأفت!.

أولا: إن قدومَ طفلتكم المباركة إلى الدنيا فأل خير لكم. أهنئكم عليها. وستنال بإذنه تعالى فيضا من أنوار الآية الكريمة: ﴿وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْاُنْثٰىۚ﴾ (آل عمران:36). إذ الابنة التي رُزقتم بها -كما رزق أخونا عاصم- تجعلانكما في ظني أهلا لمزيد من التهنئة والتبريك؛ ذلك لأن أهم أساس في مشربنا هو «الشفقة» والبنات بطلات الشفقة والحنان، وهن المخلوقات المحبوبات. إنني أعتقد أن الأولاد الذكور في هذا الزمان أكثر خطرا من الإناث.

أسأله تعالى أن يجعلها مبعث سلوان وأنس لكم، ويجعلها كملاك صغير يجول في بيتكم. وأفضّل أن يكون اسمها «زينب» بدلا من «رنكى گول».

ثانيا: إن ما كتبتموه أنت والسيد شريف حول رسالة «حكمة الاستعاذة» و«أسرار البسملة» إفادات مقتضبة جدا بحيث لا يُفهم أهو تقدير أم نقد؟ علما أنني قلت مكرراً: إن كل شخص ليس محتاجا إلى إدراك كل مسألة من مسائل كل رسالة، بل يكفيه ما فهم منها.

ثالثا: إن عالم المثال برزخ بين عالمِ الأرواح وعالمِ الشهادة، فهو شبيه بكل منهما بوجه. حيث إن أحد وجهيه ينظر إلى ذاك والآخر إلى هذا.

مثلا: إن صورتك المثالية في المرآة شبيهة بجسمك وهي لطيفة كروحك في الوقت نفسه. فذلك العالم، عالم المثال، ثابت قطعا كقطعية ثبوت عالم الشهادة وعالم الأرواح([1]) فهو مَشهَر العجائب والغرائب وهو مُتَنَـزه أهل الولاية، فكما أن القوة الخيالية موجودة في الإنسان الذي هو عالم صغير، كذلك عالم المثال موجود في العالم الذي هو إنسان كبير بحيث يؤدي تلك المهمة. فهذا العالم ذو حقيقة. فكما تخبر القوةُ الحافظة في الإنسان عن اللوح المحفوظ، فالقوة الخيالية أيضا تخبر عن عالم المثال.

الباقي هو الباقي

أخوكم

سعيد النُّورْسِيّ

* * *

[اللطائف العشر]

20 حزيران 1936 الأربعاء

باسمه

﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي العزيز الوفي المهتم السيد رأفت

تسألون في رسالتكم عن اللطائف العشر، إنني الآن لست في حالة تدريس الطريقة الصوفية. والعلماء المحققون النقشبنديون لهم آثار حول اللطائف العشر.

فوظيفتنا في الوقت الحاضر استخراج أسرار القرآن الكريم، لا نقل المسائل الموجودة. فلا تتألم، لا أستطيع سرد التفاصيل. إلّا إنني أقول:

إن اللطائف العشر لدى الإمام الرباني هي: القلب، الروح، السر، الخفي، الأخفى، ولكل عنصر من العناصر الأربعة في الإنسان لطيفة إنسانية بما يناسب ذلك العنصر. وقد بحث إجمالا عن رقي كل لطيفة من تلك اللطائف وأحوالها في كل مرتبة من المراتب أثناء السير والسلوك.

إنني أرى أن في الماهية الإنسانية الجامعة، وفي استعداداتها الحياتية، لطائفَ كثيرة، ولكن اشتهرت عشرة منها. وقد اتخذ الحكماء والعلماء الظاهريون تلك اللطائف العشر أيضا وبصورة أخرى أساسا لحكمتهم، كالحواس الخمس الظاهرة والخمس الباطنة كنوافذ تلك اللطائف العشر أو نماذجها.

وللطائف العشر الإنسانية علاقة مع اللطائف العشر لدى أهل التصوف -كما هو متعارف بين العوام- فمثلا: الوجدان، الأعصاب، الحس، العقل، الهوى، القوة الشهوية، القوة الغضبية وأمثالها من اللطائف إذا أضيفت إلى القلب والروح والسر تظهر اللطائف العشر في صورة أخرى.

وهناك لطائف كثيرة غير هذه المذكورة، كالسائقة والشائقة والحس المسبق -قبل الوقوع-. فلو كتبتُ الحقيقة حول هذه المسألة، لطالت. لذا اضطررت إلى الاقتضاب لضيق الوقت.

* * *

[المعنى الحرفي والاسمي]

أما سؤالك الثاني:

إذا نظرت إلى المرآة من حيث إنها زجاجة، فأنت ترى مادتها الزجاجية، وتكون الصورة المتمثِّلة فيها شيئا ثانويا، بينما إن كان القصد من النظر إلى المرآة رؤية الصورة المتمثّلـة فيها، فالصـورة تتوضـح أمامك حتى تدفعك إلى القول: ﴿فَتَبَارَكَ اللّٰهُ اَحْسَنُ الْخَالِقينَ (المؤمنون:14) بينما يبقى زجاج المرآة أمرا ثانويا.

فالنظرة الأولى تمثل «المعنى الاسمي» أي: إن زجاجة المرآة معنى مقصوداً، وصورة الشخص المتمثلة فيها «معنى حرفياً» غير مقصود.

أما النظرة الثانية فصورة الشخص هي المقصودة، فهي إذن معنى «اسمي» أما الزجاج فمعنى «حرفي».

وهكذا ورد في كتب النحو تعريف الاسم: بأنه دلّ على معنى في نفسه. أما الحرف فهو الذي دلّ على معنى في غيره.

فالنظرة القرآنية إلى الموجودات تجعل الموجودات جميعها حروفا، أي أنها تعبّر عن معنى في غيرها، بمعنى أنها تعبّر عن تجليات الأسماء الحسنى والصفات الجليلة للخالق العظيم المتجلية على الموجودات.

أما نظرة الفلسفة -المادية- الميتة فهي تنظر على الأغلب بالنظر الاسمي إلى الموجودات، فتزل قدمها إلى مستنقع الطبيعة.

الباقي هو الباقي

أخوكم

سعيد النُّورْسِيّ

* * *

[مسلم غير مؤمن ومؤمن غير مسلم]

27حزيران 1934 الأربعاء

باسمه

﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أخي العزيز المستفسر والمغالي في البحث والتحري، السيد رأفت!

إن ذكاءك الفائق وملاحظتك الدقيقة يدفعانني إلى أن أجيب باختصار عن أكثر أسئلتكم، فلا تتألم، رغم أني أريد محاورتك إلّا أن الوقت لا يسمح.

إن معنى مسلم غير مؤمن ومؤمن غير مسلم هو كالآتي:

كنت أرى -في بداية عهد الحرية- ملحدين داخلين ضمن الاتحاديين يقولون: إن في الإسلام والشريعة المحمدية دساتير قيمة شاملة نافعة جداً وجديرة بالتطبيق للمجتمع البشري ولاسيما للسياسة العثمانية. فكانوا ينحازون إلى الشريعة المحمدية بكل ما لديهم من قوة، فهم من هذه النقطة مسلمون، أي يلتزمون الحق ويوالونه، مع أنهم غير مؤمنين، بمعنى أنهم أهل لأن يدعون: «مسلمون غير مؤمنين».

أما الآن فهناك مَن يعتقد بنفسه الإيمان، فيؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر، إلّا أنه يوالى التيارات المناهضة للشريعة والموافقة للأجانب، تحت اسم المدنية. ولما كان لا يلتزم بقوانين الشريعة الأحمدية التي هي الحق والحقيقة ولا يواليها موالاة حقيقية، فيكون إذن مؤمناً غير مسلم. ويصح القول: كما أن الإسلام بلا إيمان لا يكون سبباً للنجاة كذلك الإيمان بلا إسلام -على علم- لا يصمد ولا يمنح النجاة.

 سؤالكم الثاني: الأجل المبرم والمعلق، فهو بتعبير آخر: الأجل المسمى وأجل القضاء، كما تعلمون.

الباقي هو الباقي

أخوكم

سعيد النُّورْسِيّ

* * *

[الفقه الأكبر والمسائل الفرعية]

باسمه

﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي العزيز الوفي المدقق السيد رأفت!

إن أفضل جواب وأسهله والحامل للرخصة الشرعية هو جوابكم أنتم. فقد قال شرح الملتقى «للداماد» وفي مرقاة الفلاح: كفارة واحدة كافية لشهري رمضان. فكفارة واحدة كافية لوقائع متعددة لأن التداخل موجود. وقد قالا: هو الصحيح.

وهناك العزيمة والرخصة في هذه المسألة من زاوية نظر الحقيقة. فالعزيمة أن لكل رمضان كفارته إن كان الشخص يطيق. أما جهة الرخصة فبمقتضى التداخل، فالفرض كفارة واحدة لعدة شهور رمضان. وتظل الكفارات المتفرقة في درجة المستحبات. ولأن معنى العقوبة ومعنى العبادة مندرجان في هذه الكفارة فلا يكره عليها. فضلا عن التداخل.

إننا منهمكون بأسس الإيمان المسمى بـ«الفقه الأكبر»، فلا يتوجه ذهني توجها جادا في الوقت الحاضر إلى نقل دقائق المسائل الفرعية ومراجعة مصادر المجتهدين ومداركهم، ولا يخفى عليكم أن الكتب أيضا ليست متوفرة لدي. فضلا عن أنه لا متسع لي من الوقت كي أراجعها. علاوة على ذلك فإن علماء الإسلام قد بحثوا هذه المسائل بتدقيقات صائبة بحيث لم تدع حاجة إلى تدقيقات عميقة في الفرعيات. فلو كنت أشعر بالحاجة الحقيقية لكنت أراجع المصادر القيمة للمجتهدين حول هذه المسائل وأمثالها وكنت أبينها لك. وربما لم يأت بعدُ زمنُ الانشغال بمثل هذه الحقائق..

الباقي هو الباقي

أخوكم

سعيد النُّورْسِيّ

* * *

مسألة تخص الاقتصاد

أيها الإنسان ويا نفسي!

اعلم يقينا أن بدنك وأعضاءك ووجودك ومالك وحيواناتك التي أنعم بها الله سبحانه عليك ليس للتمليك بل للإباحة. أي إنه ملّكك ملكَه لتستفيد، وأباحه لك للانتفاع، ولم يملّكه لك ملكا. فمثلُك العاجز عن إدارة المعدة -التي هي أسهل إدارة وأظهرها والداخلة ضمن الاختيار والشعور- كيف يكون مالكا للعين والأذن وأمثالهما من الحواس التي تستدعي إدارة خارجة عن دائرة الاختيار والشعور.

فما دامت الحياة وما تتطلبها من أمور لم تُمنح لك للتمليك بل للإباحة، فما عليك إلّا العمل وفق دستور الإباحة، أي بمثل المُضيّف يستضيف ضيوفا ويبيح لهم الانتفاع مما وضع أمامهم في المجلس من دون تملك لها، إذ قاعدة الإباحة والضيافة هي التصرف ضمن رضى المضيّف. فلا يمكن الإسراف فيما أُبيح للضيف ولا إكرامُ أحدٍ بشيء منه ولا التصرف فيه ولا تضييعه والعبث به، إذ لو كان تمليكا لكان يستطيع أن يتصرف فيه وفق رغباته وأهوائه.

فمثلَ هذا تماما؛ لا يجوز الانتحار وإنهاء الحياة التي وهبها لك الله سبحانه إباحةً، ولا يمكنك أن تفقأ عينك أي تفقأها معنىً باختلاس النظر إلى محرمات لا يرضى بها صاحبها. وكذا الأذن واللسان والأنف وما شابهها من الجوارح والحواس والأجهزة لا يمكن قتلها معنىً بالولوج في الحرام. فينبغي التصرف في جميع النعم في الدنيا وفق شريعة المُضيف الكريم.

سعيد النُّورْسِيّ

* * *

إنذار نهائي إلى مفتى «أكريدر»

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سأدير معكم محاورة، لكونكم صديقا قديما وزميلا في العلم.

إنني أخبركم عن مصيبة دينية عظمية تتعلق بكلينا، فلنسع معا لدرء هذه المصيبة ورفعِها. وهي كالآتي:

في الوقت الذي ينبغي أن يكون شخصكم الكريم أكثر اهتماما وأزيد تأييدا لعملنا للقرآن والإيمان وأسبق الناس في الذود عنه؛ نراكم مع الأسف تنظرون إلينا نظرة باردة تنطوي على روح المنافس، حتى اتخذتم منا موقف المنحاز المناوئ، لأسباب مجهولة. بل سعيتم في تعيين ابنكم مديرا في هذه القرية ومن ثم إيجاد مؤازرين وأصدقاء له، مما آل الأمر إلى حالة ترتعد فرائصي بدلا منكم كلما فكرت في ماهيتها. وذلك لأنكم السبب والمسؤول عن الخطايا والآثام الناشئة من هذه الحالة، وذلك وفق قاعدة: «السبب كالفاعل».

فكما لا يتحول السم إلى ترياق بمجرد التسمية كذلك إطلاق أيّ اسم كان على أوضاع هيئة تُضمر روح الزندقة وتهيئ الأمور للإلحاد، لا يغير من الأمر شيئا. فليطلق عليها أي اسم كان، سواءً: الوطن الشاب، أو الوطنيين الميامين، فالمعنى لا يتغير. إذ الهيئات الموجودة في أماكن أخرى التي تتسمى بمنظمات الشباب ومجالس القوميين الأتراك، ومحافل التجدد، وما شابهها من الأسماء يمكن أن توجد في أشكال أخرى من دون أن تولد ضررا، ولكن سعي تلك الهيئة في هذه القرية وبإصرار ضدنا لا تكون إلّا في سبيل الزندقة، وذلك لأننا منهمكون دوما في خدمة الإيمان وحقائق الدين فحسب منذ ثماني سنوات.

فلا شك أن أعمال الهيئة العاملة الجاهدة ضدنا تكون في سبيل الإلحاد خلافا لأصول الدين، بل حتى تُحسَبُ أعمالُها في سبيل الزندقة، فالنتيجة هي هذه، سواءٌ علمتَ بها أم لم تعلم، إذ قد تبين لدى الجميع أنه لا علاقة لي قطعا بالتيارات السياسية، بل نحن ننشغل بالحقائق الإيمانية وحدها.

فالآن لو عمل أحد عملا ضدنا فلا يعدّ عمله في سبيل الحكومة، لأن مسلكنا ليس سياسيا، ولا يكون أيضا في سبيل مستحدثات الأمور، لأن شغلنا الشاغل الحقيقي هو الأسس الإيمانية والقرآنية، ولا يكون أيضا في سبيل الأوامر الرسمية لدائرة الشؤون الدينية. لأن الانشغال بانتقاد أوامرها ومعارضتها يشغلنا عن عملنا المقدس. فندع ذلك العمل للآخرين ولا ننشغل به. بل نحاول ألّا نمس تلك الأوامر على قدر المستطاع.

لذا فإن الذي يتخذ سلوك المخالف لنا والمتعدي علينا، فإن مخالفته هذه تعد في سبيل الزندقة والإلحاد، أيا كان اسمه، حيث إن هذه القرية أصبحت مدار تيار إيماني طوال
ثماني سنوات.

ومن هنا فإن الوضع الناشئ، وضعٌ جادّ مهم يتعلق بكلينا، استنادا إلى علمكم ومقامكم الاجتماعي ومنصبكم، منصب الفتوى، ونفوذكم في هذه المناطق، ومعاونتكم لابنكم تلك المعاونة الناشئة من عطفكم المفرط على الأولاد.

إن بقائي هنا ليس دائمياً بل هو موقت، وأنا لست مكلفا بإصلاح ذلك الوضع بل يمكن أن أتخلّص من المسؤولية إلى حدّ ما. ولكن جنابكم العالي، لكونكم السببَ في الأمر ونقطة الاستناد فإن النتائج الوخيمة التي تنشأ من ذلك الوضع يترتب عليكم إصلاحُها قبل كل شيء، وذلك لئلا تُسجّل في سجل أعمالكم الأخروية. أو تسعون في سحب ابنكم من هذه القرية.

سعيد النُّورْسِيّ


[1] أعتقد أن وجود عالم المثال مشهود. وتَحقُّقُه بَدهي كبداهة عالم الشهادة، حتى إن الرؤيا الصادقة والكشف الصادق، والتمثلات في الأشياء الشفافة، ثلاث نوافذ مطلة من هذا العالم إلى ذلك العالم بحيث تظهر للعوام وللناس كلهم جوانبُ من ذلك العالم. (المؤلف)