إلى أنظار حضرة المحقق والهيئة الحاكمة

أضيف ثلاث مواد إلى إفادتي السابقة:

المادة الأولى: إن ما يحيّرنا ويدهشنا للغاية، ويجعلنا نحس بوجود كيد، ومن قبيل الالتزام بإيجاد سبب للاتهام من العدم – هو سؤالهم -وبإصرار- الذي يوحي بوجود جمعية أو تنظيم فعلاً، فيقولون: من أين تجدون المال لتأسيس هذا التنظيم؟.

الجواب:

أولاً: وأنا أسأل هؤلاء السائلين: هل توجد وثيقة أو أمارة على تأسيسنا لجمعية سياسية، وهل وجدوا دليلاً أو حجة على تشكيلنا لتنظيم بالمال، حتى يصروا على السؤال إلى هذا الحد؟ أنا موجود في ولاية إسبارطة منذ عشر سنوات تحت الرقابة الشديدة. ولست وحدي الذي يقابل بالمقت افتراء الذين يتهمون رجلاً لا يقابل أحداً إلا خادماً أو خادمين أو ضيفاً أو ضيفين في عشرة أيام، غريباً، وحيداً، ضجراً من الدنيا، كارهاً السياسة أشد الكره، ومشاهداً بصورة متكررة الضررَ والعقم الذي جنته الجمعيات السياسية المعارضة القوية بنتيجة ردود الأفعال، ورافضاً الجمعيات والتحركات السياسية في أهم فرصة سانحة وسط قومه والآلاف من أحبائه بعدم الاشتراك فيها، ومُوَليّاً عن السياسة كالهارب من الشيطان لعدّه الإيمان التحقيقي خدمةً قدسيةً للغاية لا يجوز أن تُفسد بأي ثلمة وأن إضعافها بالغرض السياسي جناية، ومتخذاً لنفسه «أعوذ بالله من الشيطان والسياسة» دستوراً منذ عشر سنوات، وواجداً الحيلة في ترك الحيلة، وعصبيَّ المزاجِ يفشي أسراره بغير تحسّب، واستطاع أن يخفي جمعية مثل هذه عشر سنوات عن موظفي ولاية إسبارطة الحساسين والجساسين! إن الذي يقول لمثل هذا الرجل: «توجد جمعية مثـل هذه، وأنت تدير دولاب كيد سياسي»! لا يقابَل إلا بالمقت، بل يشاركني في المقت أهل ولاية «إسبارطة» ومن يعرفني جميعاً، وربما كل ذي عقل ووجدان، قائلين: إنكم تتهمونه زوراً وبهتاناً.

ثانياً: إن قضيتنا هي الإيمانُ، ولنا إخاء مع تسع وتسعين بالمائة من أهل هذه البلاد وأهل إسبارطة بالأخوة الإيمانية. بينما الجمعية، اتفاق الأقلية من بين الأكثرية. فلا ينتظم في جمعية تسعة وتسعون رجلاً مقابل رجل واحد. إن من يُشيع ذلك إنما يشيعه بنية تحقير هذا الشعب المبارك المتديّن، ولا يكون إلا عديم الإنصاف والدين، متوهماً الجميع -حاشا لله- مثله بلا دين.

ثالثاً: إن رجلاً مثلي أحبَّ بجدٍ الشعبَ التركي، ووقّر الشعب التركي كثيراً من جهة نيله لثناء القرآن، وساند هذا القوم بقوة لحمله راية القرآن، وخدم فعلاً الشعبَ التركي بقدر ألفِ قوميّ تركي وبشهادة ألف تركي، واختار هذه الغربة مرجحاً ثلاثين أو أربعين شاباً تركيا طيباً على ثلاثين ألفاً ممن لا يقيمون الصلاة من أهل مدينته، وحافظ على العزة العلمية بكرامة أهل العلم، ودرّس الحقائق الإيمانية بأوضح وجه، هل تستكثرون عليه أو هل من ضرر أن يكون له إخوةُ آخرةٍ وطلاب ليسوا عشرين أو ثلاثين بل مائة أو ألف، خلال عشر سنوات وربما عشرين أو ثلاثين عاماً، مرتبطين بإخلاص معه في الإيمان والحقيقة والآخرة فقط؟ وهل يُجيز أهل الوجدان والإنصاف انتقاصهم؟ وهل ينظر إليهم كجمعية سياسية؟

رابعاً: إن أهل الإنصاف يعرفون كم بعيد عن الإنصاف الذين يقولون «من أين المال الذي تعيش به وتقيم به جمعية» لرجل أقام حاله بمائة ليرةٍ ورقيةٍ أثناء عشر سنوات، وصرف أحياناً أربعين بارةً فقط في اليوم، ولبس سبع سنين عباءةً مرقعةً بسبعين رقعة.

المادة الثانية: لقد جلبوني جبراً من بارلا إلى إسبارطة، بتدبير مثيل مزيف لحادثة «مَنَمَنْ»، وإرهاب الشعب، وخداع الحكومة بدسيسة تيسير تطبيق القوانين التحررية، بالزعم الماكر «أن ذلك يساعد في تنفيذ قوانينها التحررية» ولكنهم رأوا أنى لا أُستغل آلةً في مثل هذه الفتن، ولا أميل إلى أي مسعى عقيم يضر بالوطن والأمة والدين، ولما فهموا ذلك بدّلوا خططهم، فاستفادوا من شهرتي الكاذبة التي لا أعجب بها، فألبسوني مثيلاً موهوماً للحادثة المظلومة المعروفة بـ«منمن» بمؤامرات لا تخطر على بالنا. فالحقوا أضراراً جسيمة بالأمة والحكومة وبكثير من أفراد الشعب الأبرياء الموقوفين. ولما ظهر كذبهم عياناً، أخذوا يسعون الآن في إيجاد حجج كما يختلق الذئب الحجج لافتراس الحمل، لخداع موظفي العدل. فأنا أذكّر موظفي العدل بحاجتهم إلى عظيم الدقة والحذر من جهة حقوقي المدنية. إنهم هم الذين يجب أن يُتهموا إذ يتزلفون لبعض أركان الحكومة بإحداث حادثة صغيرة بتهييج الضعفاء الأبرياء السذج، تحت قناع جمعية وهمية، افتراءً وزوراً، ثم يخدعون الحكومة بإظهار الحبة قبةً مثل الشياطين، ويتسببون في سحق كثير من الأبرياء، ويضرون البلد ضرراً كبيراً، ويلقون أوزارهم على كاهل الآخرين. إن مسألتنا هذه هي هكذا تماماً.

المادة الثالثة: إن المحاكم -بلا ريب- أكثر دوائر الدولة المكلفة بالمحافظة على حريتها بأعظم قدر، واستقلالها عن المؤثرات الخارجية ما أمكنها، وحيادها والنظر بعيداً عن الأحاسيس والأهواء ما استطاعت. فاستناداً إلى الحرية التامة للمحاكم، من حقي أن أدافع بحرية على هذه الصورة عن حقوق حريتي.

نعم، ففي كل المحاكم قضايا بشأن الأموال والأنفس. فإذا احتدّ حاكم لسبب ما وقتل قاتلاً، يكون الحاكم قاتلاً أيضاً. إذن، إن لم يتحرر موظفو العدل عن الأحاسيس والأهواء والمؤثرات الخارجية تحرراً تاماً، فثمّ احتمال أن يخوضوا في آثام غليظة ضمن عدالةٍ شكليةٍ.

ثم إن للجناة ولمن لا ظهير لهم وللمعارضين حقاً أيضاً. وللتحري عن حقهم هذا، يبحثون عن مرجع محايد غاية الحياد.

وإنه شيء يقلب جوهر العدل إلى ظلمٍ، ويوحي إلى الانحياز من وجهة العدل، هو التعبير الذي يطلق عليّ بتسميتي وفي كل مرة: «سعيد الكردي»، مع أن اسمي «سعيد النُّورْسِيّ» هنا وفي إسبارطة في التحقيقات وذكرهم إياي بأني كردي. وبهذا يوقظون حساً ضدي عند إخوتي في الآخرة يتعلق بالحمية القومية، فضلاً عن أن هذا تغيير لمجرى المحكمة وماهيةِ عدالتها تغييراً تاماً.

نعم، رغم وجود وقائع تاريخية كثيرة وبالألوف عن أن الشرط الأول للعدل هو نظر الحاكم والمحكمة بغاية الحياد والبراءة من شائبة الانحياز، مثل جلوس سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه في زمن خلافته في المحكمة سوية مع يهودي، وحضور كثير من السلاطين في محاكم العدل مع عوام الناس، أقول لأولئك الذين يريدون أن يضللوا العدالة بإلقاء ظلال البعد عن التحضر عليّ:

أيها السادة! قبل كل شيء أنا مسلم، وولدت في كردستان. لكني خدمت الترك، وإن تسعاً وتسعين من خدماتي النافعة حصلت للترك، وأمضيت معظم عمري بين الترك، وأخلص إخواني وأصدقهم ظهروا من الترك، وأستطيع أن أُشهد ألفاً من شباب الترك الحقيقيين الشهمين، بأني خدمت الملة التركية أكثر من ألف من هؤلاء الذين يظهرون أنفسهم محبين لقوميتهم وينعتونني بـ«الكردي»، حيث إن حب الترك وتأييدهم أكثر من الملل الأخرى هو من مقتضيات خدمتي القدسية، خدمة القرآن، لأنهم أشد أبطال الجيوش الإسلامية شجاعة.

وأُشهد كذلك الثلاثين أو الأربعين كتاباً -المحفوظة لدى الهيئة الحاكمة- خصوصاً رسائل «الاقتصاد والشيوخ والمرضى» منها، التي تخدم أربعة أخماس الشعب التركي من أهل المصائب والفقراء والمرضى والشيوخ وأهل العبادة والتقوى بقدر ألف داعية إلى القومية التركية، ليست متداولة في أيدي الكرد، بل في أيدي الشباب الترك. أقول -بعد الاستئذان من الهيئة الحاكمة- للظالمين الملحدين الذين ألقوا بنا في هذا البلاء وخدعوا بعض أركان الحكومة وحاكوا المؤامرات تحت ستار القومية:

أيها السادة! هل من «القومية» أن يُلقى في هذا البلاء -كمن ارتكب جنايةً كبيرةً- أكثر من أربعين من خيرة شباب الترك ومن أعظم شيوخهم وقاراً بسبب مادة لم تثبت بحقي، وإن ثبتت لا تُعدّ جريمةً، وإن عُدّتْ جريمةً فأنا المسؤول عنها وحدي؟ بلى… إن من بين الذين تعرضوا إلى عذاب الحجز هذا بغير سبب ذواتاً هم مدار الفخر لشباب الترك. فهل من «القومية» أن يُسحب مثل هؤلاء من بين أهليهم وأولادهم كالجناة ويلقى بهم في هذا البلاء لأني أحسست من بعيد بقيمة أحدهم فسلّمت عليه مجرد سلام، أو أرسلت إليه رسالة إيمانية. أقول، فأنا الذي من ملة غير متحضرة ومن غير ملتكم في نظركم،لا أستبدل واحداً من الموقوفين الشباب الشهمين والشيوخ الموقرين بمائة شخص من ملتي. وإن فيهم من تركت من أجله منذ خمس سنين الدعاء على الظالمين الذين يظلمونني منذ عشر سنوات. وإن فيهم من رأيت فيه بكمال الإعجاب والتقدير أنقى نماذج الخصال السامية متمثلةً في هؤلاء الترك النجباء. وقد فهمت سر تفوق الملة التركية بهم. وأقول مُشهِداً وجداني وأماراتٍ كثيرة، بأني لو كان لي أنفسٌ بعدد هؤلاء الموقوفين الأبرياء، أو استطعت أن أصب المشقات التي أصابتهم جميعاً على نفسي، فقَسَماً كنت أرضى وبكل فخر أن أحل محلهم. وإن شعوري هذا نحوهم نابع من قيمتهم الذاتية، وليس لفائدة شخصية لي، لأن منهم من تعرفت عليه حديثاً، وأن منهم من استفاد مني، وأصابني منه ضرر. ولكن لو لحق بي منهم ألف ألف ضرر وضرر، فلا تقل قيمتهم في نظري.

فيا أيها الظالمون الملحدون الذين يدّعون القومية التركية!

هل «القومية» قهرُ وإذلالُ هؤلاء الذوات -وهم مدار فخر الترك- بأوهن وأوهى الحجج بسبب كردي مثلي -حسب تعبيركم-؟ هل هذه «وطنية»؟ هيا.. أحيل ذلك إلى وجدانكم الظالم!.

لقد أخْلَت المحكمة العادلة سبيل أكثرهم إذ علمت براءتهم. فإن كان ثمّ جرم فهو جرمي. وهم -لسجيتهم السامية- قاموا طلباً لرضا الله بنية خالصة بأشغالي الصغيرة، أنا الشيخ الغريب الكبير في السن، مثل إشعال الموقد، وجلب الماء، وطبخ الطعام، وتبييض رسالة خاصة بي، وكذلك وقعوا تطييباً لخاطري من أجل التذكر على أواخر رسالتين من رسائلي تعدّان بمثابة دفتر خواطر.فيا ترى هل في الدنيا قانون أو أصول أو مصلحة يؤاخذ عليه هؤلاء الرجال بمثل هذه الحجج الواهية!

التتمة الثانية لدفاعي

أيتها الهيئة الحاكمة!

قد تجدون في بياناتي الآتية ما لا جدوى فيها لمهمتكم. لكن هذه المسائل تتعلق بعموم البلاد بل الدنيا كلها. فلستم وحدكم تسمعون، بل أولئك أيضاً يسمعون حُكماً ومعنىً. ثم ترون سوء الانتظام في بياناتي، ذلك بسبب سلبي حقاً مهماً من حقوقي. إن خطي غير جميل، وقد رجوت كثيراً أن تعطوني كاتباً يكتب لي في هذه القضية التي هي قضية حياة وممات، كي أستكتب دفاعاً عن نفسي. لكن لم أُعط كاتباً بل منعوني بظلم عظيم حتى من التكلم حوالي شهرين من الزمن. لذلك لم أتمكن من كتابةٍ منتظمة بخطي الناقص والمشوش للغاية.

وآخر بياناتي هو الآتي: لنفرض-فرضاً محالاً- وكما وقع في إخبار المفسدين، أن رسائل النور «لا تتوافق مع بعض سياسات الحكومة وبعض قوانينها، أو تتخالف معها؛ وأنها قناعات سياسية مغايرة وأفكار مختلفة، وأن عموم الرسائل لا تبحث في الإيمان بل في السياسة».

فإذا قُبلت فرية جلية مثل هذه فرضاً، أقول جواباً: لما كانت الحرية في أوسع حالها هي الجمهورية، وأن الحكومة قد رضيت بأكثر صور الجمهورية تحرراً نظاماً لها، فإن من البدهي أن القناعات العلمية والأفكار الصائبة الحقيقية والقطعية وغير القابلة للرفض، لا يمكن لحرية الجمهورية أن تتسلط على تلك الحرية العلمية باستبداد، بشرط عدم إخلالها بالأمن، ولا يمكن أن تعد تلك الحرية جريمة. نعم.. هل توجد حكومة في الدنيا كلها يجتمع شعبها على قناعة سياسية واحدة فقط؟ لنفرض أنى قد كتبت قناعتي السياسية في خفاء لنفسي، ثم أطلعتُ عليها بعض أخلائي الخواص، فلم أسمع بقوانين تعد ذلك جريمة. والواقع أن رسائل النور تبحث في نور الإيمان، ولم تسقط في ظلمة السياسة، ولا تتردى إليها.

فإن قال مَن لا دين له وجاهلٌ لماهية الجمهورية العلمانية: «إن رسائلك تبعث تياراً دينياً قوياً، فتعارض مبادئ الجمهورية اللادينية».

الجواب: نحن نعلم أن الجمهورية العلمانية للحكومة هي فصلُ الدين عن الدنيا. ولا يَقْبَل أن تكون العلمانية رفضاً للدين وانسلاخاً عن الدين تماما إلا أحمقُ لا دين له وفي غاية الحمق. نعم، لا يوجد شعب في العالم يعيش بلا دين، والأتراك -كشعب ممتاز في كل العصور- أينما كانوا في أقطار الأرض هم مسلمون. بينما عموم العناصر الإسلامية فيهم زمرة -ولو صغيرة- ليسوا مسلمين. إن اتهام كذابين لا دين لهم ولا ملة، لملةٍ مباركةٍ تديّنت بالدين بصدقٍ وحقيقةٍ، وأرست مفاخرها الملية على وجه الأرض بملايين المصادر الدينية وكتبتها بسيوفها كشعب هو الجيش الشجاع لهذا الدين منذ ألف سنة، بأنه «سوف يرفض الدين أو يكون بلا دين»، إنما يرتكبون جريمة يستحقون بها عقاباً في الدرك الأسفل من النار. والواقع أن رسائل النور لا تبحث في الدين بدائرته الواسعة التي تحيط بقوانين الحياة الاجتماعية أيضاً. بل موضوعها الأصلُ وهدفُها هو البحث في الأركان العظيمة للإيمان الذي هو اللب الخاص للدين وأسمى أقسامه.

ثم إن أكثر من أتوجه إليهم هي نفسي، وبعدها فلاسفة أوروبا، وفي تصوري إن الشياطين وحدهم يتوهمون الضرر من مثل هذه المسائل القدسية بشرط الصحة، غير أن ثلاث رسائل أو أربعاً، توجهت نحو نفر من الموظفين بشكل شكاوى انتقاديةٍ. لكن هذه الرسائل لم تكن من أجل مبارزة الحكومة ونقدها، بل ضد موظفين ظلموني وأساؤوا استعمال وظيفتهم. وحتى لا تكون مصدراً لسوء الفهم، منعتُ نشر تلك الرسائل فيما بعد باعتبارها خاصة بي.
إن أكثر الرسائل الأخرى ألّفت منذ أربع سنوات أو خمس، ومنها ما ألّفت قبل ثماني سنوات أو عشر، وبعضها قبل ثلاث عشرة سنة. إلّا أن «رسالة الاقتصاد ورسالة الشيوخ والمرضى» فقط ألّفتُها السنة الماضية. ومع ذلك، يطمئن ويصدّق من يملك ذرة إنصاف ويحقق في الرسائل بحياد أن الرسائل لا تخالف قوانين الحكومة ولا تخل بالأمن ولا تضلل الشعب، بل ينبغي أن تنال التشجيع والتقدير من الحكومة. ولو فرضنا أنها تخالف وجهة نظر الحكومة في نقاط كثيرة، فبموجب قانون العفو المنشور أخيراً، الذي يعفو عن مثل هذه الجرائم لما قبل 28/7/1933، أدّعي ألّا محل لمتابعة هذه الرسائل قانوناً، وأطلبُ دفعَ الظلم عنا فوراً وإعادة الرسائل.

فإن قال سكران ثمل ومن لا وجدان له ويتلقى كنه الإنسانية في أسوأ وأدنى درجات الحيوانية، ويتوهم الدنيا خالدة دائمة، ويتخيل الإنسان باقيا لا يموت: «إن رسائلك كلها تعطي درساً إيمانياً قوياً جداً، وتصرف النظر عن الدنيا، وتُحوّله نحو الآخرة. أما نحن، فيمكن أن نعيش في هذا العصر بالتوجه إلى الحياة الدنيا بكل قوتنا واهتمامنا وعقلنا. لأن ديمومة الحياة والحذر من الأعداء صار صعبا في الوقت الحاضر».

الجواب: إن دروس الإيمان التحقيقي، مع توجيهها الأنظار إلى الآخرة، تُعلّم أن الدنيا مزرعةٌ للآخرة وسوقٌ ومعملٌ لها، وتدفع إلى السعي الحثيث في الحياة الدنيا، ثم إنها تُكسب القوة المعنوية المنهارة في غياب الإيمان قوةً، وتسوق اليائسين الساقطين في العطالة واللامبالاة إلى الشوق والهمة وتحثهم إلى السعي والعمل. فهل يرضى الذين يريدون أن يحيوا في هذه الدنيا بوجود قانون يمنع دروس الإيمان التحقيقي الذي يضمن لذة الحياة الدنيوية والشوق للعمل والقوة المعنوية للصمود بوجه مصائب الدنيا الكثيرة، وهل يمكن أن يوجد قانون مثل هذا؟

فإن قال قائلٌ يتظاهر بالغيرة والحمية، جاهلٌ بالأسس الحقيقية لإدارة الشعب وأمن البلاد: «نحن نرقبك باحتمال حصول شغب بقوة الرسائل، من جهة استناد من يريد إفساد الأمن واضطراب الإدارة إلى رسائلك، أو إنك تهمل الحذر وتعترض على الإدارة الحاضرة».

الجواب: إن من دَرسَ رسائل النور، لن يخوض في فتن تهدر دماء أبرياء كثيرين وتضيّع حقوقهم، ولن يقترب بأي وجه من فتن تكرّر فشلها وضررها. وإن عشر فتن في هذه السنوات العشر، لم يشترك فيها عُشر طلاب رسائل النور، بل لم يشترك فيها واحد منهم، إنما يدل على أن الرسائل ضدها وأنها مدار تحقيق الأمن والنظام. واعجباً! أيهما أسهل من جهة الإدارة وحفظ الأمن: ألف رجل مؤمن أم عشرة رجال بلا دين لا يضبطهم ضابط؟ نعم، إن الإيمان بفيض الخصال اللطيفة، يمنح حسّ الرحمة والميلَ إلى الحذر من إلحاق الضرر. أما إهمالي للحذر، فإن أهل ولاية إسبارطة يعلمون أنى في السنوات الثلاث عشرة الأخيرة أبذل ما في وسعي وطاقتي لعدم لفت نظر الحكومة وعدم الخوض معها وعدم التدخل في أمورها مفضلاً العيش الألطف في الخلوة والانزواء عن الناس وفي المشقة وفي اجتناب السياسة.

يا عديمي الإنصاف الذين ساقوني إلى هذا البلاء! يبدو أنكم غضبتم وحنقتم لأني لم أتحرك ضد الأمن العام، وأوقفتموني بدافع عدائكم للسكون. نعم، الذين يريدون إفساد الأمن والسكون واضطراب الإدارة ضللوا الحكومة بشأني وشَغلوا العدالة بغير طائل فأوقفوني. وينبغي على الهيئة الحاكمة، وعلى رأسها المدعي العام، أن تفتح دعوى عليهم، ليس من أجلنا، بل باسم البلاد.

فإن قيل: «لستَ موظفاً، ويلزم ألا تقبل احترام الشعب وأن لا تُدرّس دروساً دينية مثل موظفٍ، وتوجَد دائرةٌ رسمية تعطي دروساً دينية، ويلزم أن تحصل على موافقتها».

الجواب:

أولاً: ليس عندي مطبعة أو كتّابٌ يقومون بوظيفة النشر. فشؤوننا خاصة بنا، وضمن قاعدة حرية الاعتقاد، حرية الشؤون الخاصة، ولاسيما إن كانت إيمانية ووجدانية.

وثانياً: إن توظيف حكومة الاتحاد والترقي إياي بالاتفاق، بوظيفةٍ في «دار الحكمة الإسلامية» لإثبات الحقائق الإسلامية إزاء أوروبا وإعطاء دروس للشعب، وتعيينَ الرئاسة الدينية في ولاية «وان» إياي واعظاً هناك، وتداول أكثر من مائة رسالة لي في أيدي العلماء حتى الآن وعدم تعرضها للانتقاد، يُثبت أني صاحب حق في التدريس للشعب.

وثالثاً: لو أُغلق باب القبر وصار الإنسان خالداً لا يموت، لصارت الوظائف عسكرية وإدارية ورسمية فحسب. ولكن مادام ثلاثون ألف شاهد يومياً في الأقل يُمضون بتوابيتهم على دعوى «الموت حق»، فلا بد من وجود وظائف إيمانية أهم من الوظائف العائدة للدنيا. فـرسائل النور توفي بهذه الوظائف بأمر القرآن. وما دام القرآن الذي هو آمر رسائل النور وحاكمها وقائدها، يحكم ثلاثمائة وخمسين مليوناً مُصدِراً إليهم أوامره، ويدفع أربعة أخماسهم إلى الدعاء والالتجاء إلى أبواب الرحمة الإلهية خمس مرات يومياً في الأقل، ويستقرئ أوامره القدسية والسماوية بخشوع في المساجد والجماعات والصلوات كلها، فلا بد أن تقوم رسائل النور، التي هي تفسير حقيقي له ونور من شمسه وموظف من موظفيه، بهذه الوظيفة الإيمانية، بإذن الله، دون تعريضها إلى الصدمات. إذن، أهل الدنيا وأهل السياسة في غنى عن مبارزتها، بل هم بحاجة شديدة إلى الإفادة منها.

نعم، توجد أجزاء كثيرة لـرسائل النور مثل «الكلمة التاسعة والعشرين» التي تكشف طلسم الكائنات المغلق وتفتح أسرارَ: من أين، وإلى أين المصير؟ و«الكلمةِ الثلاثين» التي تكشف السر المغلق لتحولات الذرات، و«المكتوب الرابع والعشرين» الذي يحل ويكشف الطلسم العجيب للخلّاقية العامة والفعالية الدائمة في فناء الكائنات وزوالها، و«المكتوب العشرين» الذي يكشف ويحل ويوضح أعمق وأهم سرٍ للتوحيد ويبرهن يُسرَ الحشر البشري بيُسر إحياء ذبابة، و«اللمعة الثالثة والعشرين» المسماة «رسالة الطبيعة» التي تزلزل وتخرّب أساس الفكرِ الكفري لِعبّادِ الطبيعة. إن من يطالع هذه الرسائل بدقة يؤمن ويصدق أن عالِماً أو أديباً أو أستاذاً جامعياً لو كشف واحدة من هذه الأسرار فقط، وفي أي حكومة من الحكومات، لكرّم بمكافأة أو جائزة!

لا ينبغي أن يُظن أن بياناتي تفصيلٌ خارج الموضوع. فإن أكثر من مائة رسالةٍ من رسائل النور هي ضمن الأوراق التحقيقية لقضيتي، والهيئة الحاكمة مكلّفة بتدقيقها، وأنا مُلزمٌ بالإيضاح والإجابة من جهة تعلقها بالقرآن والعالم الإسلامي والمستقبل. وهناك حاجة إلى بيان احتمالٍ ولو بعيدٍ يتعلق بمسألتنا، إذ إن الوضوح التام لأي مسألة لا يتم إلا ببيان الاحتمالات كلها، البعيداً والقريبة وكالآتي:

إذا قال نفر من الشقاة الذين اتخذوا اللادينية والكفر مسلكاً لهم، وحلّوا في بعض أركان الحكومة تحت ستار مقصدٍ سياسي، فضللوها، أو دخلوا سلك الوظائف وأرادوا محو رسائل النور بالدسائس، وإسكاتي بالتهديد: «لقد مضى زمن التعصب – على القديم- وينبغي نسيان الماضي والتوجه نحو المستقبل بكل قوتنا، ولا نرغب في تدريسك الديني والإيماني القوي بصورته الرجعية».

الجواب:

أولاً: ما يُظنّ أنه الماضي قد صار مستقبلاً، بل هو المستقبل الحقيقي. ونحن إليه سائرون.

ثانياً: لقد ارتبطت رسائل النور بالقرآن الكريم من جهة كونها تفسيراً له. والقرآن حقيقةٌ جاذبةٌ كالجاذبية العمومية التي تربط الأرض بالعرش. ولا يطيق الذين يحكمون في آسيا مبارزة تفسير للقرآن مثل رسائل النور، بل يصالحونها، ويفيدون منها، ويحمونها.

أما سكوتي، فإن كانت رؤوس كثيرة لأهل العزة قد افتُديت في سبيل اكتشافٍ عاديٍ ولاتباع فكرٍ سياسي لا أهمية له ومن أجل كرامةٍ دنيويةٍ، ففي سبيل ثروةٍ تُشترى بها الجنةُ العظيمة، وإكسير حياة يُكسِبُ الحياة الأبدية، وكشفياتٍ تُذهل الفلاسفة جميعاً، لو ملكتُ رؤوساً بعدد ذرات بدني، واقتضى أن افتديها، لفديتُها بلا تردد. ثم إن إسكاتي بالتهديد أو الإزالة، سيجعل ألف لسانٍ ينطق بدل لسانٍ واحد. ورجائي في الله أن يُنطقَ الرحيمُ الكريم ذو الجلال آلافَ الألسن بدل لساني الواحد الساكتِ، برسالة النور التي وقرتْ في الأرواح عبر عشرين سنةً ماضية.

مسألة تافهة إلّا أنني سُئلت عنها كذنب كبير

يقولون: إنك لا تضع القبعة على رأسك ولا تنـزع عمامتك في المحكمة وأمثالها من الدوائر الرسمية، بمعنى أنك ترفض تلك القوانين، علماً أن رفضها يوجب عقوبة شديدة.

الجواب: إن ردّ القوانين شيء، وعدم العمل بها شيء آخر مغاير عنه تماماً؛ فإن كانت عقوبة الأول الإعدامَ، فعقوبة الآخر يوم واحد من السجن أو غرامة نقدية قدرها ليرة واحدة، أو إنذار أو توبيخ. فأنا لا أعمل بتلك القوانين، ولست مكلفاً بها، لأنني أعيش عيش الانزواء، فهذه القوانين لا تسرى على المعكتفين المنـزوين.

تنبيه: على الرغم من أن محاكم «إسبارطة» و«أسكي شهر» و«وزارة الداخلية» قد صادرت كتبي الخاصة -المتراكمة منذ عشر سنوات- ورسائلي الخاصة، فإنهم مازالوا ينقبون عمّا اتهمونا به من وجود منظمة سرية، واعترفوا بأنهم لم يعثروا على شيء قط، رغم جميع تدقيقاتهم الصارمة.

فأنا أقول: «أيها السادة! عبثاً ترهقون أنفسكم؛ إن كان ما تبحثون عنه موجوداً، فعدم استطاعتكم العثور عليه طوال هذه المدة يعني أن وراء هذا الأمر قوة لا تُقهر ودهاء لا يُغلب ولا يُصد. فلا مناص لكم إلّا مصالحته. وإلّا أمَا يكفيكم إلحاق الضرر بالكثيرين من الأبرياء، بما يمسّ غيرة الله، فيكون وسيلة لنـزول المصائب أمثال الغلاء والقحط والوباء؟ علماً أن من هو مثلي عصبي المزاج يبوح بأخفى أسراره إلى الغرباء دون تحسب، وقد دافع أمام المحكمة العسكرية العرفية دفاع الرجال الأبطال، والذي يضطر في الشيخوخة إلى التحرز واتخاذ الحيطة والحذر -وفق مسلكه- عن الحوادث المجهولة العاقبة… أقول إن اتهام هذا الرجل بإقامة تنظيم سري -لا يمكن كشفه قط- سذاجة في منتهى البلاهة، أو كيد مدبّر بلا شك.

أطالب بحق لي من الهيئة الحاكمة!

إن ما صودر من كتبي تفوق قيمتها -عندي- أكثر من ألف ليرة، حيث إن قسماً منها قبلته مكتبة أنقرة بكل اعتزاز وامتنان قبل اثنتي عشرة سنة، ولاسيما ما هو إيماني أخروي خالص كـ«المكتوب التاسع عشر» و«الكلمة التاسعة والعشرين» فلهما أهميتهما لديّ، فهما حصيلة حياتي وكل ما أملك من ثروة معنوية، ذلك لأنهما يبينان قسماً من عشرة أقسام من إعجاز القرآن بياناً واضحاً. فضلاً عن أنني استكتبتهما مذهّبتين خاصتين لنفسي. علاوة على نسخة – من بين ثلاث أو أربع نسخ- من رسالة الشيوخ التي تخص ذكريات شيخوختي ولما لم يكن في هذه الرسائل شيء يخص الدنيا فأطالب بكل كياني بإعادة هذه الرسائل والرسائل العربية، فتلك الكتب أُنسي وسلواني وأصدقائي في هذه الدنيا التي أثقلت كاهلي بخمسة أصناف من الاغتراب، حتى لو كنت في السجن أو القبر.

فحرماني من تلك الكتب يعني دفعي إلى غربة لا يمكن أن تطاق. فاحذروا الآهات والزفرات التي تنطلق نتيجة هذه المضايقات الثقيلة المرهقة.

أطالب رئيس المحكمة وأعضاءها بحق مهم

وهو أنني لست وحدي موضوع البحث في هذه القضية كي تُحل ببراءتي بعد إطلاعكم على حقيقة الحال؛ ذلك لأن الشخص المعنوي لأهل العلم والتقوى قد أُسقط عليه ظل الاتهام لدى الشعب، وأصبحت الحكومة أيضاً تنظر إليهم نظر ارتياب وعدم اطمئنان، مما يلزم أهل العلم والتقوى أن يعرفوا كيف يتجنبون محاولات مضرة مخلّة. لذا أطلب نشر دفاعي الذي كتبت القسم الأخير منه مطبوعاً بالحروف الجديدة، كي لا ينخدع أهل العلم والتقوى بالمؤامرات ولا يتقربوا إلى محاولات فيها ضرر وخطورة، ولينجو الشخص المعنوي من التهمة لدى الشعب، ولتطمئن الحكومة كذلك إلى أهل العلم والتقوى ويزال سوء الفهم ولا تتكرر أمثال هذه الحوادث المضرة التي تلحق الأضرار بالحكومة والشعب والوطن.

حكاية أوردتها في لائحة الاعتراض

لقد بينت هذه الحكاية في لائحة الاعتراض، وهي تُصوِّر حال غربتي وانعدام النصير، وعدم اهتمام أحد بالسؤال عني، ولو برسالة منذ أربعة شهور والمعزول عن الناس، وهو يقتحم قضية مصيرية بين الموت والحياة، فضلاً عن تنفير الناس عنه ببث الإشاعات المغرضة.

والحكاية هي أنه ابتُلي سلطان في غابر الزمان بداء لا دواء له إلّا دم طفل، فأعطى والدٌ طفله قرباناً مقابل ثمن، بناء على فتوى الحاكم. ولكن الطفل بدأ يضحك أمام المجلس بدلاً من البكاء والاستنجاد، فقيل له: لِمَ لا تستغيث! ولا تشكو بل تضحك؟ فأجابهم: إذا ابتلى الإنسان ببلاء فإن أول ما يلتجئ إليه هو والده، ثم إلى الحاكم، ثم إلى السلطان؛ فوالدي يبيعني لأُذبح، والحاكم يصدر قراره بقتلي، وها هو السلطان ينتظر دمي. فهذه الحالة العجيبة الغريبة والقبيحة المنفرة والتي لم يشاهَد مثلها لا تقابل إلّا بالضحك.

وهكذا يا سيد «شكري قايا» أصبحنا نحن كذلك بمثابة ذلك الطفل، فبينما يقتضي أن نعرض وضعنا إلى والي المدينة الذي يمثل الحكومة، ثم إلى عدالة المحكمة، ثم إلى وزارة الداخلية لبيان الظلم الواقع علينا وتخليصنا من أيدي الظالمين، إذا بنا نشاهد أن وزير الداخلية -الذي هو آخر مرجع يستمع إلينا- هو المبتلى بداء الغرور فيطلب دمنا ويريد القضاء علينا بحجج واهية تافهة، سائراً على خطأ كبير بإضفائه لون الحقيقة للأوهام التي لا أصل لها قطعاً.

ونحن بدورنا نشكو شخص شكري قايا إلى وزير الداخلية شكري قايا. فإن كانت هذه المحكمة تريد الحفاظ على الحرية التامة حقاً ولا ترضخ أمام الضغوط أياً كانت وتحكم وفق ما في وجدان الهيئة من الشعور بالعدل، كنا أول من يقيم الدعوى على شخص شكري قايا لو نعلم أنهم يستمعون إلينا، ذلك لأنه منذ سنة والجواسيس يرفعون التقارير اليومية عنا إليه وبناء على طلبه اليومي أو -في الأقل- الأسبوعي. وبذلك لفت أنظار الجواسيس وأفراد الأمن إلينا وأعدّنا للذبح كما تعدّ الأضحية.

وفي الوقت الذي لا ينبغي لهيئة الحكومة أن تفكر في شيء سوى العدالة -وهم حقاً متمسكون بها- إلّا أنهم لم يتحملوا ضغط السيد شكري قايا، لذا لا يخلّون سبيلنا بل يماطلون.

أما الوالي وأفراد الأمن للحكومة المحلية بولاية إسبارطة، فكان واجبهم الوجداني حماية الموقوفين الأبرياء من إسبارطة -أكثر من غيرهم- والسعي لإخلاء سبيلهم بسرعة، إلّا أنهم -بخلاف ذلك- يسعون للقضاء عليهم بالتجويع ولاسيما الفقراء المحتاجين منهم، فقطعوا عنهم الأرزاق المقررة لهم بناء على معاذير تافهة باطلة.

فهذه الحالة التي تثير أقصى درجات البكاء، نقابلها بالضحك -لا بالشكوى- بمثل ضحك ذلك الطفل، محيلين قضيتنا إلى الله العزيز الجبار ومتوكلين عليه.