الفصل الثامن في منفى أميرداغ

(المدرسة النورية الثالثة)

1/8/1944 – 23/1/1948

نفي آخر

«عندما كنت نزيل غرفة في «أميرداغ» تحت الإقامة الجبرية وحيداً فريداً، كانت عيون الترصد تتعقبني وتضايقني دائماً فأتعذب منها أشد العذاب، حتى مللت الحياة نفسها وتأسفت لخروجي من السجن، بل رغبتُ من كل قلبي في أن أعود إلى سجن «دنيزلي» أو أدخل القبر، حيث السجن أو القبر أفضل من هذا اللون من الحياة. [حتى كتب إلى المسؤولين في أنقرة:]

إذا كان الحاكم والمدعي واحداً، فإلى من تُرفع الشكوى؟ لقد حرتُ طويلاً في هذه المشكلة..

أجل، إن حالتي اليوم وأنا طليق مراقَب أكثرُ شدة عليّ من الأيام التي كنت مسجوناً فيها، وإن يوماً واحداً من هذه الحياة يضايقني أكثر من شهر كامل في سجني الانفرادي ذاك. لقد مُنعت من كل شيء رغم ضعفي وتقدمي في السن وفي هذا الشتاء القارس. فلا أقابل غير صبي وشخص مريض. على أنني منذ عشرين سنة أعاني مأساة حبس منفرد.

إن مضاعفة المضايقات والمراقبة عليّ وعزلي عن الناس أكثر من هذا الحد سيمس غيرة الله سبحانه وتعالى وتكون العاقبة وخيمة..

إنني أقول: إن أهم وظيفة لهذه الحكومة -بمسؤولي الأمن ومأموري العدل فيها- والتي تعاملني معاملة وجدانية إنسانية هي حمايتي حماية تامة. لأن الحكومة وثلاث محاكم عدلية برأت ساحتنا وأفرجت عنا بعد إجراء تدقيقات دامت طوال تسعة أشهر على ما كتبتُه خلال عشرين سنة من مؤلفات ومكاتيب. ولكن المنظمة السرية التي تعمل بخفاء في خدمة الأجنبي ألقت في روع قسم من الموظفين الشبهات -بجعلها الحبة قبة- طمعاً في إفساد براءتنا. وغايتهم في ذلك هي أن ينفد صبري فأقول: «كفَى كفى»! على أن سبب غضبهم عليّ في الوقت الحاضر هو سكوتي، وعدم تدخلي بأمور الدنيا. وكأنهم يريدون أن أتدخل حتى تتحقق لهم بغيتهم.

أبيّن لكم بعض مكايدهم التي يستعملونها في بث الشكوك والشبهات في قلوب قسم من الموظفين الحكوميين إذ يقولون: إن لسعيد نفوذاً في الأوساط العامة، وإن مؤلفاته كثيرة ولها تأثير بالغ في الناس، فمن يتقرب منه يصادقه، لذا يلزم كسر هذا النفوذ بتجريده من كل شيء وإهانته وعدم الاهتمام به وتجنيب الناس منه وإخافة محبيه. وهكذا أصبحت الحكومة في حيرة من أمرها فتشدد عليّ الخناق وتضاعف المضايقات. وأنا أقول:

أيها الإخوة المحبون لهذه الأمة والبلاد!

أجل، إن هناك نفوذاً وتأثيراً كما يقوله المنافقون، ولكن ليس لي، وإنما لرسائل النور. فرسائل النور لا تنطفئ وكلما تعرض لها شيء قويت! ولم تستعمل إلّا لصالح الأمة والبلاد ولا يمكن غير ذلك. إن قيام محكمتين عدليتين طوال عشر سنوات بتدقيقات ما كتبتُه خلال عشرين سنة تدقيقاً شديداً لم يسفر عن حجة حقيقية لإدانتنا.. وهذه حجة لا تُجرح، وشاهد صدق لدعوانا.

نعم، إن المؤلفات ذات تأثير بالغ، ولكن لمصلحة الأمة والبلاد. وذلك بإرشادها إلى الإيمان التحقيقي لمائة ألف من الناس من دون أن تمسّ أحداً بسوء. فتأثيرها إذن هو في العمل لسعادتهم الدنيوية وحياتهم الأبدية.

إن مئات المساجين المحكومين في سجن «دنيزلي» -وبعضهم قد عوقب بعقوبات شديدة- قد أصبحوا متدينين ذوي أخلاق فاضلة بعد قراءتهم «رسالة الثمرة» وحدها، حتى الذين قتلوا ثلاثة أشخاص تحاشوا عن قتل بقة الفراش بعد قراءتهم لتلك الرسالة. مما دفع هذا الوضع مدير السجن على الإقرار بأن السجن أصبح في حكم مدرسة تربوية.. كل هذا حجة قوية لا تجرح لصدق مدّعانا.

نعم، إن تجريدي من جميع حقوقي الإنسانية بعد هذا كله إنما هو ظلم مضاعف وعذاب مضاعف وغدر وخيانة لهذه الأمة في الوقت نفسه. ذلك لأن الدليل القاطع على أن هذه الأمة المتدينة -التي لم يجد أحد أي ضرر مني رغم بقائي ما يقرب من أربعين سنة بين ظهرانيهم- بحاجة إلى قوة معنوية وتسل عظيم، هو: أن الأمة لا تلتفت إلى الدعايات المغرضة المشاعة ضدي، فتتوجه في كل مكان إلى رسائل النور وتشتاق إليها.. بل أعترف أنهم يبدون من التوقير والاحترام لي يفوق ما أستحقه بمائة ضعف، فأنا لست أهلاً له.([1])

ورغم هذا هيأ الله أسرة «جالشقان» في أميرداغ فبذلوا كل ما في وسعهم شيباً وشباباً لتأمين راحة شيخ كبير وعالم فاضل مهما كانت التبعات، حيث كان الحارس ملازماً بابه لا يغادره».

منع الذهاب إلى المسجد

«كنت أتردد إلى المسجد في الأوقات الخالية. وصنع الطلاب -بدون علمي- في المحفل غرفة خشبية صغيرة لحمايتي من البرد. وقد قررت ألّا أذهب إلى المسجد، بعد أن رفع ضابط الأمن المعروف تلك الغرفة الصغيرة، وأبلغوني رسمياً: عليك ألّا تذهب إلى المسجد. ولكنهم أثاروا ضجة بين الناس باستهوالهم الأمر، جاعلين من الحبة قبة».

دس السم في الطعام

وبأمر من السلطات، تسور أحد الحراس ليلاً شباك غرفة الأستاذ ودسّ السم في طعامه. ومن غده أمضّه الألم أسبوعا كاملاً من شدة السم ولم يذق طعاماً ولا شراباً إلّا النـزر اليسير. فنجّاه الله من الموت المحقق، وكان في هذه الفترة دائم التلاوة للأوراد والأذكار وبخاصة الجوشن الكبير والأوراد القدسية للشاه النقشبند. وتكررت الحادثة ثلاث مرات، إلّا أن الأخيرة كانت شديدة إلى الدرجة التي لم يتمكن الأستاذ فيها من أداء صلواته سوى الفرائض وهو طريح الفراش. يذكر طالبان من طلابه الذين سهروا عليه أنه في يوم من الأيام «استعدل في فراشه قرب الفجر مغمض العينين، ورفع يديه للتضرع إلى المولى الكريم ودعا بصوت خافت جداً لظهور دعوة النور وسلامة طلابه. ثم أغمى عليه ووقع في الفراش».

كان الأستاذ شديد الحاجة إلى الهواء الطلق، فكان يخرج للتجوال في ضواحي المدينة، والمراقبةُ تتعقبه حتى أطلق عليه أحد المرات طلقة من الخلف ولكن لم تصبه، كل ذلك لإزعاجه والتخلص منه.

ومن المضايقات أيضاً التعرض لزيّه وإكراهُه على لبس القبعة. حتى جُلب مرتين إلى المحكمة والادعاء العام لهذا الغرض، فرفض الأستاذ وعاد إلى غرفته منـزوياً. [يقول عن هذه الفترة من حياته]:

فأتتني العناية الإلهية مغيثة، إذ وهبتْ آلة الرونيو -التي ظهرت حديثاً- لطلاب «مدرسة الزهراء» وهم يحملون أقلاماً ماسية. فباتت رسائل النور تظهر بخمسمائة نسخة بقلم واحد. فتلك الفتوحات التي هيأتها العناية الإلهية لرسائل النور جعلتني أحب تلك الحياة الضجرة القلقة المضطربة، بل جعلتني أردد ألف شكر وشكر للبارئ سبحانه وتعالى.

هكذا تقتضي خدمة الإيمان

«أخي الصدّيق العزيز وصديقي الحميم الشهم في هذه الدنيا الفانية.

أولاً: أشكركم جزيل الشكر على سبقكم جميع أصدقائي وأهل مدينة أرضروم، على علاقتكم المشحونة بالشفقة الخالصة، وسعيكم فكراً لمدّ يد العون لي في حياتي التي مضت بالعذاب والظلم. فلا أنسى فضلكم هذا إلى نهاية عمري، فألف ألف ما شاء الله بارك الله فيكم.

ثانياً: سأبيّن بعض ما يخص حالتي وتعذيب الظلمة لي، مخالفاً بذلك مسلكي وما تعلّمته من رسائل النور، ومنافياً لدستور حياتي، وهو عدم النظر -منذ عشر سنوات- إلى حوادث الدنيا العابرة التافهة. أبيّنه تطميناً لخاطرك واهتمامك الذي ذكرته في رسالتك الأخيرة ليس إلّا.

الأول: حينما كنت عضواً في «دار الحكمة الإسلامية» قبل ثلاثين سنة قال لي أحد أعضائها وهو السيد سعد الدين باشا: سمعت ممن أثق بكلامه أن منظمة للزندقة مدعومة من جهات أجنبية، قرؤوا كتاباً لك وقالوا: لا يمكننا نشر أفكارنا ما دام هذا الرجل حياً، ولذلك قرروا القضاء عليك. فجئت لأخبرك بالأمر فإنك عزيز عليّ.

فقلت: توكلت على الله، والأجلُ واحد لا يتغير ولا يتبدل.

فهذه المنظمة قد توسعت، واستعملت بحقي جميع حبائل المكر والخديعة منذ ثلاثين أو أربعين سنة فسببت دخولي السجن مرتين وتسميمي إحدى عشرة مرة. وآخر خطتهم هي استعمال نفوذ الحكومة الرسمية بتشديدها عليّ، وذلك بدفعهم وزير الداخلية السابق ومحافظ أفيون السابق ووكيل قائمقام أميرداغ السابق ليأخذوا جبهة متحدة ضدي. حتى إنهم بدؤوا ببث الأراجيف والشائعات المغرضة لمثلي وأنا العاجز الضعيف الكهل المنـزوي الفقير الغريب المحتاج إلى من يعاونه ويخدمه، فبلغ الخوف لدى الناس مبلغاً -لشدة دعاياتهم- بحيث لا يجرؤ أحد من الموظفين أن يسلّم عليّ تجنباً من نقله إلى بلد آخر بمجرد وصول الإخبارية إليهم. لذا لم يمرّ عليّ غير المخبرين الجواسيس، بل حتى جيراني قطعوا عني السلام. ولكن رغم كل هذا فقد منحني الحفيظ العليم وشملني بعنايته الواسعة وأعطاني تحملاً عجيباً وصبراً جميلاً ولم يجعلني مضطراً إلى التوسل بهم قطعاً رغم المضايقات الشديدة.

الثالث: لم تجد محكمتان مبرراً قانونياً واحداً لإدانتنا بعد طول تدقيق وتمحيص استغرق سنتين، فبرّأت ساحتنا. ولكن تلك المنظمة للزندقة أخذت تستغل بعض الموظفين المنافقين فدبّروا معاً خطة رسمية في مركز الحكومة، وعزلوني عن جميع طلابي وأخلائي كلياً. ونفوني إلى مكانٍ ناءٍ غير ملائم كلياً لصحتي وحياتي وهو أميرداغ. وقد تحقق لدي الآن أنهم يستهدفون غايتين في هذه المعاملة:

أولاها: افتعال حادثة بإثارتي وإغضابي، لمعرفتهم بأني لا أتحمل الإهانة مهما كانت وعندها يكون لديهم مبرر لإنهاء حياتي.

ولكن لأنهم لم يجنوا شيئاً من هذه المحاولة حاولوا إنهاء حياتي بالتسميم. ولكن العناية الإلهية الشاملة ودعوات طلاب النور والصبر والتحمل.. كلها أصبحت كالترياق الشافي لذلك السم، فباءت الخطة بالإخفاق.

إنه لم يقتَرف في التاريخ وفي أية حكومة كانت خرق للقانون ولا إنزال لأنواع العذاب والمظالم باسم القانون وباسم الحكومة بمثل ما اقتُرف بحقي، إذ كان الترصد والمراقبة مستمرة بحيث تثير أعصابي حتى تبلغ مبلغ الحدة والغضب مع إلقاء الرعب في قلوب الناس.. وقد خطر إلى قلبي فجأةً خاطرٌ هو: عليك بالإشفاق على هؤلاء الظلمة لا الحدة عليهم. لأن كل واحد منهم سيلقى ألوفاً من العذاب الدائمي الأشد بعد مدة قليلة بدلاً من العذاب المؤقت الذي يذيقونك إياه. فيُثأر لك منهم بألف ضعف وضعف لما يلاقون من جهنم مادي ومعنوي. وسيُعذب قسم منهم عذاباً وجدانياً طالما هو في الدنيا حتى يُقضى عليه. فضلاً عن القلق والخوف من الإعدام الأبدي الذي ينتظرهم. وأنا بدوري تركت الغضب جانباً وأشفقت عليهم قائلاً: يا رب أصلح شأن هؤلاء.

إنني أشكر ربي الجليل وأشعر بفرح غامر ضمن المضايقات الرهيبة، إذ إن انشغالهم بي بدلاً من رسائل النور وطلابها وصبّهم العذاب عليّ وحدي، ينفع من حيث سلامة النوريين فضلاً عن كسبي للثواب.

رابعاً: أما ما ذكرته في رسالتك حول مراجعتك الحكومة الحالية إذا اقتضى الأمر لذهابي إلى الشام أو الحجاز لضمان راحتي… فأقول:

أولاً: إنه يجب عليّ المجيء إلى هنا حتى لو كنت في مكة المكرمة وذلك إنقاذاً للإيمان وخدمة للقرآن الكريم، فالحاجة هنا شديدة جداً. فلو كنت أملك ألف روح وروح، وابتليت بألف مرض ومرض، وقاسيت ألوفاً من صنوف الآلام والمصاعب، فإن قراري -وقرارنا- هو البقاء هنا، خدمةً لإيمان هذه الأمة وسعياً لإكسابهم السعادة الأبدية، ذلك ما تعلمناه من دروس القرآن الكريم.

ثانياً: تكتب إليّ -يا أخي- عن الإهانة التي أقابَل بها بدلاً من الاحترام والتقدير وتقول: «لو كنتَ في مصر أو أمريكا لكنتَ تُذكر في التاريخ بإعجاب وفخر».

أخي العزيز الفطن!

نحن نهرب هروباً من احترام الناس إيانا وتوقيرهم لنا وحسن ظنهم بنا وإكرامهم لنا وإعجابهم بنا، وذلك بمقتضى مسلكنا. فاللهاث وراء الشهرة التي هي رياء عجيب، ودخول التاريخ بفخر وبهاء، وهو عُجب ذو فتنة، وحب الظهور وكسب إعجاب الناس.. كل ذلك مناف ومخالف للإخلاص الذي هو أساس من أسس مسلك النور وطريقه. فنحن نجفِل ونهرب مذعورين من هذه الأمور باعتبارنا الشخصي؛ ناهيك عن الرغبة فيها.

ولكننا نرجو من رحمة الله الواسعة إظهار رسائل النور النابعة من فيض القرآن الكريم، والتي هي لمعات إعجازه المعنوي، ومفسرة حقائقه وكشافة أسراره.. فنرجو من رحمته تعالى الإعلان عن هذه الرسائل والرواج لها وشعور الناس بحاجتهم إليها وإظهار قيمتها الرفيعة جداً، وتقدير الناس لها وإعجابهم بها، وتبيان كراماتها المعنوية الظاهرة جداً وإظهار غلبتها على الزندقة بجميع أنواعها بسر الإيمان، فنحن نريد إعلام هذه الأمور وإفهام الناس بها وإظهار تلك المزايا، ونرجو ذلك من رحمته تعالى».

تأليف رسالة حول حكمة التكرار في القرآن

«طرق سمعي قبل اثنتي عشرة سنة، أن زنديقاً عنيداً، قد فضح سوء طويته وخبث قصده بإقدامه على ترجمة القرآن الكريم، فحاك خطة رهيبة، للتهوين من شأنه بمحاولة ترجمته. وصرح قائلاً: ليترجم القرآن لتظهرَ قيمته؟ أي ليرى الناس تكراراته غير الضرورية! ولتتلى ترجمته بدلاً منه! إلى آخره من الأفكار السامة. إلّا أن رسائل النور بفضل الله، قد شلت تلك الفكرة وجعلتها عقيمةً بائرة وذلك بحججها الدامغة وبانتشارها السريع في كل مكان، فأثبتت إثباتاً قاطعاً أنه لا يمكن قطعا ترجمة القرآن الكريم ترجمة حقيقية.. وأن أية لغة غير اللغة العربية الفصحى عاجزة عن الحفاظ على مزايا القرآن الكريم ونكته البلاغية اللطيفة.. وأن الترجمات العادية الجزئية التي يقوم بها البشر لن تحل بأي حال محل التعابير الجامعة المعجزة للكلمات القرآنية التي في كل حرف من حروفها حسنات تتصاعد من العشرة إلى الألف، لذا لا يمكن مطلقا تلاوةُ الترجمة بدلاً منه.

بيد أن المنافقين الذين تتلمذوا على يد ذلك الزنديق، سعوا بمحاولات هوجاء في سبيل الشيطان ليطفئوا نور القرآن الكريم بأفواههم. ولكن لما كنت لا ألتقي أحداً، فلا علم لي بحقيقة ما يدور من أوضاع، إلّا أن أغلب ظني أن ما أوردته آنفا هو السبب الذي دعا إلى إملاء هذه «المسألة العاشرة» على الرغم مما يحيط بي من ضيق».

ورغم كل الصعاب كان محبو الأستاذ يتقاطرون إلى زيارته ولا يوفّق منهم للزيارة إلّا القليل، لشدة الترصد. وكان يتجاذب معهم الحديث حسب مستواهم الفكري والثقافي حيث كان الزائرون من طبقات الشعب كافة.. فكان حديثه مجملاً حول أهمية الإيمان في الوقت الحاضر وأن القصد الأساس لرسائل النور تقوية الإيمان وصد الإلحاد الذي يهدد الأمة والوطن، وأن أهم قضية في الوقت الحاضر إنقاذ الإيمان وتقويته بالاعتصام بالقرآن الكريم. ورسائل النور تحصر نظرها في هذا المقصد. ولهذا يتكالب عليها الأعداء من الملحدين ويختلقون الافتراءات الظالمة والإشاعات المغرضة، فلا محيد عن العمل الإيجابي البنّاء وحده، إذ في يدنا نور وليس صولجان السياسة. وحتى لو كانت لنا مائة من الأيدي لكانت تكفي للنور. وإن أساس مسلكنا الإخلاص وابتغاء مرضاة الله وحده، وهذا هو مصدر قوة النور. فالعناية الإلهية تحمي خدمتنا مادمنا مخلصين نعمل عملاً إيجابياً بناءً».

نماذج من الرسائل التوجيهية

 من أميرداغ

لا نجعل من الدين وسيلة لمكاسب دنيوية

«إخوتي الصديقين الأعزاء!

سؤال: لِمَ لا تكوّن علاقة ولا تمد وشائج ارتباط مع التيارات الجارية داخل البلاد وخارجها، ولا سيما مع الجماعات ذات الاهتمامات السياسية، بل ترفض ذلك وتمنع -ما وسعك- طلاب النور عن أي تماسٍ كان بتلك التيارات! والحال أنك لو كوّنت علاقة معهم فإن ألوف الناس سيدخلون دائرة رسائل النور زَرافات ووُحداناً وسيسعون لنشر حقائقها الساطعة، فضلاً عن أنك لا تكون هدفاً إلى هذا الحد للمضايقات الشديدة التي لا مبرر لها؟

الجواب: إن أهم سبب لهذا الاجتناب وعدم الاهتمام بالتيارات الجارية، هو الإخلاص؛ الذي هو أساس مسلكنا، فالإخلاص هو الذي يمنعنا عن ذلك، لأن في زمن الغفلة هذا، ولاسيما من يحمل أفكاراً موالية لجهة معينة، يحاول أن يجعل كل شيء أداة طيعة لمسلكه، بل يجعل حتى دينه وأعماله الأخروية وسائل لذلك المسلك الدنيوي. بينما الحقائق الإيمانية والخدمة النورية المقدسة تأبى أن تكون وسيلة لأي شيء كان في الكون، ولا يمكن أن تكون لها غاية إلّا رضى الله سبحانه.

وفي الحقيقة، إنه من الصعوبة بمكان الحفاظُ على سر الإخلاص في خضم الصراعات المتنافرة للتيارات الحالية، ومن العسير الحيلولة دون جعل الدين وسيلة لمكاسب دنيوية، لذا فإن أفضل علاج لهذا هو الاستناد إلى العناية الإلهية وتفويض الأمر إلى توفيق رب العالمين بدلاً من الاستناد إلى قوة التيارات الحالية.

ومن جملة الأسباب الداعية لاجتنابنا هذا هو «الشفقة» التي هي أساس من الأسس الأربعة لرسائل النور، أي عدم التلوث بظلم الآخرين وإضرارهم. إذ الإنسان -بمضمون الآية الكريمة: ﴿اِنَّ الْاِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ﴾ (إبراهيم:34) يرد معاملة المقابل له في هذا العصر بلا رحمة وبظلم شنيع مخالفاً بذلك الآية الكريمة: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ اُخْرٰى﴾ (فاطر:18) التي هي دستور الإرادة الإلهية. حيث تتغلب عليه العاطفة والانحياز إلى جهة، وعندها لا يقصر عداءه على المجرم وحده ولا يأخذ بجريرته جميع أقاربه وحدهم، بل أيضاً يعاقب كل مَن له صلة بالمجرم من قريب أو بعيد، حتى إنه إذا ما كان له سلطة أو حكم، يبيد قرية كاملة بالقنابل بجريرة مجرم واحد. بينما الإنصاف يقتضي ألّا يُضحّى بحق بريء واحد بسبب مائة مجرم وأن لا يُظلم ذلك البريء بسببهم. ولكن الوضع الحالي يخالف الآية الكريمة، فيقحم مائة من الأبرياء في بلايا وأضرار بسبب بضع مجرمين.

فمثلاً: إن إهلاك والدين عجوزين لمن ارتكب خطأ، وتشريد أطفاله الصغار ودفعهم جميعاً إلى هاوية الفقر والذل ومعاداتهم بالانحياز إلى جهة ما مناف كلياً لأساس الشفقة على الخلق.

فمن جراء الانحياز إلى التيارات الجارية -بين المسلمين- لا ينجو الأبرياء من الظلم بل يشيع شيوعاً كلياً ولا سيما بالأسباب الداعية إلى قيام الاضطرابات والثورات.

ولو كان الجهاد قائماً وهو جهاد إسلامي، فإن حال أطفال الكفار تبقى على وضع آبائهم، وربما يكونون من الغنائم ويتمكن المسلمون أن يجعلوهم تحت إمرتهم وملك يمينهم. ولكن لو ارتد أحد داخل ديار المسلمين، فلا يُمتلك أطفاله قطعاً. ولا يجوز التجاوز على حقوقهم بأي شكل من الأشكال. لأن أولئك الأبرياء إنما يرتبطون بالإسلام وبجماعة المسلمين، برابطة الإسلام، التي انقطعت عن والدهم.أما أولاد الكفار فرغم أنهم من أهل النجاة، فإنهم يتبعون والدهم في الحقوق والحياة. لذا ربما يكونون أُسراء أو عبيداً في أثناء الجهاد الإسلامي».

الرسائل مُلك القرآن

«وأعلن أيضاً إعلاناً صريحاً قاطعاً أن رسائل النور مُلك القرآن العظيم، فأنَّى لي الجرأة أن أدّعي تملّكها! لذا لا تسري أخطائي وتقصيراتي فيها قطعاً، فأنا لست إلّا خادماً مذنباً لذلك النور الباهر،ودلّالاً داعياً في متجر المجوهرات والألماس. فأحوالي المضطربة لا تؤثر فيها ولا تمسها أصلاً.

وفي الحقيقة أن الدرس الذي لقنتنا إياه رسائلُ النور هو التمسك بحقيقة الإخلاص، وترك الأنانية، ومعرفة أن النفس مقصرة دائماً، والحذر الشديد من الإعجاب بالنفس. فنحن لا نظهر أنفسنا بل نظهر الشخصية المعنوية لرسائل النور ونبينها.

نحن نشكر من يرى نقائصنا ويريها لنا -بشرط أن تكون حقيقية- ونقول له: ليرضَ الله عنك. إذ كما نشكر من إذا وجد عقرباً في عنقنا ويرميها عنا قبل أن تؤذينا ونقدم له أجزل الشكر والامتنان، كذلك نقبل ونرضى بتبصيرنا نقائصنا وتقصيراتنا ونظل في شكر وامتنان لمن نبهنا عليها، بشرط عدم تدخل الأغراض الشخصية والعناد وعدم جعله وسيلة لمعاونة أهل الضلالة والبدع..»

ما تتطلبه خدمة الإيمان

«إن تلك الكرامات لا تعود لي، وليس من حدّي أن أكون صاحب تلك الكرامات، بل هي لرسائل النور التي هي ترشحات من المعجزة المعنوية للقرآن الكريم ولمعات منها وتفسير حقيقي له، متخذة شكل الكرامات، لأجل تقوية الروح المعنوية لطلاب النور، فهي من نوع الإكرامات الإلهية، وإظهارُ الإكرام الإلهي شكر، وهو جائز ومقبول أيضاً…

والآن أوضح الجواب قليلاً بناء على سبب مهم؛ وقد ورد السؤال الآتي: «لمَ أُظهر تلك الإكرامات الإلهية، ولِمَ أحشّد الكلام حولها، ولِمَ أُكثر البحثَ حولها، حتى إن أكثر المكاتيب متوجهة إليها؟».

الجواب: إن الخدمة الإيمانية التي تقدمها رسائل النور في هذا الوقت تجابَه بألوف المخربين، مما يلزم أن تكون في صفها مئات الألوف من المعمِّرين.. ويستدعي الأمر أن يكون معي في الأقل مئات من المعاونين والكتّاب.. وتقضي الضرورة على الأمة والمسؤولين في البلاد أن يمدّوا يد المساعدة بتقدير وإعجاب وحض منهم على الخدمة الإيمانية ويثمنوا قيمتها ويوثقوا الصلة بها، وألا يتحرزوا من التماس بها فينسحبوا من الميدان.. بل وتطلب هذه الخدمة من أهل الإيمان أن يفضّلوها على مشاغل الحياة الفانية وفوائدها، إذ إنها خدمة إيمانية خالصة تبغي النجاة في الآخرة.

فبينما الأمور تقتضي هكذا، أجعل من نفسي مثالاً فأقول: إن منعي عن كل شيء، وحظر الاتصال معي، وقطع طريق العون عني، زد على ذلك تهوين قوة زملائي المعنوية ببث الدعايات المغرضة بكل ما أوتوا من قوة واستعمال شتى الوسائل ما استطاعوا إليها سبيلاً لتنفيرهم عنّي وعن رسائل النور. أقول: في مثل هذه الظروف وضمن هذه الشروط فإن وضع مهمة ترزح تحتها ألوف الأشخاص، على كاهل شخص عاجز مثلي، وأنا الضعيف المريض العجوز الغريب عن بلاده، والمحروم من الأهل والأقارب، فضلاً عن تجنيب الناس الاتصال بي وكأنني مصاب بمرض معدٍ، حتى أضطر إلى الابتعاد وعدم الاختلاط.. زد على ذلك إلقاء الرعب والأوهام في قلوب الناس، وإحاطتهم بهالة من الذعر والخوف لإبعادهم عن خدمة الإيمان، وذلك للفتّ بعضد القوة المعنوية.. ففي مثل هذه الأحوال وتجاه جميع تلك الموانع فإن الأمر يقتضي حشد قوى معنوية حول رسائل النور ببيان الإكرامات الإلهية التي هي مدار القوة المعنوية لطلاب النور، وإظهار قوتها بقوة جيش عظيم لا تحتاج إلى إمداد أحد من الناس، بل هي التي تتحدى الأعداء.. فلأجل هذه الحكم المذكورة آنفاً كُتّبت الإكرامات وأمثالها. وإلّا فنحن لا نريد مزايدات على أنفسنا، وجلب إعجاب الناس بنا وحضهم على القيام بمدحنا والثناء علينا، وذلك حفاظاً على الإخلاص الذي هو أساس مهم من أسس رسائل النور».

إنقاذ الإيمان أعظم إحسان في هذا الزمان

«إخوتي الأعزاء الصادقين!

إن أعظم إحسان أعدّه في هذا الزمان وأجلّ وظيفة، هو إنقاذ الإنسان لإيمانه والسعي لإمداد إيمان الآخرين بالقوة. فاحذر يا أخي الأنانية والغرور، وتجنَّب من كل ما يؤدي إليهما، بل ينبغي لأهل الحقيقة في هذا الزمان نكران الذات، ونبذ الغرور والأنانية، وهذا هو الألزم لهم، لأن أعظم خطر يتأتى في هذا العصر، إنما يتأتي من الأنانية والسمعة، فعلى كل فرد من أفراد أهل الحق والحقيقة أن ينظر إلى تقصيرات نفسه ويتهمها دائماً ويتحلى بالتواضع التام.

إنه لمقام عظيم حفاظُكم ببطولة فائقة على إيمانكم وعبوديتكم لله، تحت هذه الظروف القاسية.

نعم، إن رسائل النور لم تنهزم تجاه جميع الهجمات الشرسة في هذا العصر، بل أرغمت رسمياً أعتى المعاندين لها على قبول نشرها. حتى إنه منذ سنتين وبعد إجراء التدقيقات صدّق المسؤولون الكبار وذوو المناصب الرفيعة في وزارة العدل على إطلاق حرية نشر رسائل النور فأعادوا الرسائل العامة والخاصة لأصحابها.

إن مما يُثبت أن رسائل النور معجزة معنوية للقرآن الكريم في هذا العصر هو عدم انهزام مسلك رسائل النور -كسائر المسالك والطرق الصوفية- بل انتصاره وإدخاله الكثيرين من أهل العناد إلى حظيرة الإسلام، والشهود على ذلك حوادث كثيرة جداً. ولقد أقنعتنا الحوادث أنه لن تكون خدمة الدين خارج دائرة رسائل النور خدمة كاملة -في الأغلب في هذه البلاد- حيث هو عمل خاص جزئي وحيد وشخصي أو مستتر منهزم، أو متساهل مع البدع ضمن تحريفات بتأويلات فاسدة.

ما دمتَ يا أخي تملك همة عالية وقوة راسخة من الإيمان، فكن طالباً لرسائل النور واستمسك بها بإخلاص تام وتواضع تام وثبات تام. كي تشارك في المغانم الأخروية لألوف بل مئات الألوف من الطلاب، وذلك على وفق دستور الاشتراك المعنوي الأخروي في الأعمال. وبهذا تتحول حسناتك وخيراتك إلى حسنات وخيرات كلية جماعية تكسبك تجارة رابحة في الآخرة بعد أن كانت حسنات جزئية فردية».

ممن تلقيتُ درس الحقيقة؟

«إن حسن ظنكم المفرط نحوي هو فوق حدّي بكثير فلا أستطيع قبوله إلّا أن يكون باسم شخص رسائل النور المعنوي، وإلّا فليس من حدّي وطوقي أن اظهر مزايا تلك المقامات الرفيعة. ثم إن مسلك رسائل النور ليس مسلك الطرق الصوفية بل هو مسلك الحقيقة، فهو مسلك مقتبس من نور مسلك الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.

إن هذا الزمان ليس زمان الطريقة الصوفية بل زمان إنقاذ الإيمان. ولله الحمد فإن رسائل النور قد أنجزت وما تزال تنجز هذه المهمة وفي أصعب الظروف. إن دائرة رسائل النور في هذا الزمان هي دائرة طلاب الإمام علي والحسن والحسين والشيخ الكيلاني رضوان الله عليهم أجمعين.. إذ تلقيتُ درس الحقيقة -على طريقة أويس القرني- مباشرة من الإمام علي رضي الله عنه بوساطة الشيخ الكيلاني قدس سره والإمام زين العابدين والحسن والحسين رضي الله عنهم، لذا فإن دائرة عملنا وخدماتنا هي دائرتهم.

ثم إنني أعترف بأني لا أستحق بأي وجه من الوجوه ذلك المقام الرفيع الذي يمنحني إخوتي لأتملك هذا الأثر المقبول القيم. ولكنّ خلقَ شجرة باسقة ضخمة من بذرة صغيرة جداً هو من شأن القدرة الإلهية ومن سنته الجارية وهو دليل على عظمتها. وأنا أطمئنكم مقسما بالله أن قصدي من الثناء على رسائل النور إنما هو تأييد حقائق القرآن وإثبات أركان الإيمان ونشرها. وإنني أشكر ربي الرحيم شكراً لا منتهى له، على أنه لم يجعلني أعجب بنفسي قط، وأنه أظهرَ لي عيوب نفسي وتقصيراتي حتى لم تبق لي أية رغبة في إظهار تلك النفس إلى الآخرين.

نعم، إن من كان واقفاً على شفير القبر لا ينظر إلى الدنيا الفانية التي تركها وراء ظهره، وإذا ما نظر إليها فهو حماقة يرثى لها وخسارة فادحة.

اللّهم احفظنا من مثل هذه الخسائر آمين.

تحياتنا إلى جميع الإخوة فرداً فرداً مقرونة بالدعاء لهم راجين دعواتهم».

الحقيقة الخالدة لا تُبنى على فانِينَ

«أولاً: إن حقيقة خالدة دائمة لا تبنى على أشخاص فانين زائلين. ولو بنيت عليهم لنجم ظلم وإجحاف شديدان، إذ المهمة التي لها الدوام والكمال من كل جانب لا تربط بأشخاص معرضين للفناء، ومبتلين بالإهانات. فإن رُبط الأمر بهم، تُصَبْ المهمة نفسها بضرر بالغ.

ثانياً: إن رسائل النور ليست نابعة من بنات أفكار المؤلف أو بلسان حاجته الروحية بفيض من القرآن الكريم، فهي ليست فيوضات متوجهة إلى حاجة المؤلف واستعداده وحده، بل هي أيضاً نابعة من طلب مخاطبي ذلك المؤلف وزملائه في درس القرآن الأفاضل الخالصين الصادقين الصلبين، وسؤالِهم روحاً تلك الفيوضات وقبولها والتصديق بها وتطبيقها. فهي مستفاضة من القرآن الكريم من هذه الجهات وأمثالها من جهات كثيرة أخرى. فهي فيوضات تفوق كثيراً استعداد المؤلف وقابليته. فكما أن أولئك المخاطبين أصبحوا السبب في ظهور رسائل النور، كذلك هم الذين يشكلون حقيقة الشخص المعنوي لرسائل النور وطلابها. أما المؤلف فله حصة من تلك الحقيقة، وقد يكون له حظ شرف السبق إن لم يُفسده بعدم الإخلاص.

ثالثاً: إن هذا الزمان زمن الجماعة، فلو بلغ دهاء الأشخاص فرداً فرداً حد الخوارق، فلربما يُغلب تجاه الدهاء الناشئ من شخص الجماعة المعنوي. لذا أقول كما كتب ذلك الأخ الكريم: إن مهمة إيمانية جليلة بحيث تنور عالم الإسلام من جهة وناشئة من أنوار دهاء قدسي، لا تحمّل على كاهل شخص واحد ضعيف مغلوب ظاهراً، يتربص به أعداء لا يعدّون وخصماء ألدّاء يحاولون التنقيص من شأنه بالإهانات. فلو حُمّلت، وتزعزع ذلك الشخص العاجز تحت ضربات إهانة أعدائه الشديدة، لسقط الحمل وتبعثر».


[1]  الملاحق، ملحق أميرداغ 1. على الرغم من أن الأستاذ النورسي لم يراجع الجهات الرسمية طوال فترة سجنه أو نفيه في غضون ما يقرب من عشرين سنة خلت، ولم يستدع إلى مقر الوالي إلا مرة واحدة في قسطموني، إلّا أنه في هذه الفترة من حياته في أميرداغ أي خلال ثلاث سنوات ونصف السنة استدعِي خمس عشرة مرة من قبل المراجع الرسمية، منها دائرة الأمن أو مخفر الشرطة أو العدلية.. وفي الوقت نفسه نراه يقدم عرائض إلى الجهات المسؤولة لبيان الظلم الواقع عليه كالمذكورة أعلاه، وعريضة مقدمة إلى وزير الداخلية والى مدير الأمن العام، والى مدير أمن أفيون، وإلى رئيس مجلس الأمة والمسؤولين في أنقرة والى رئيس الجمهورية والى المدعي العام والى حاكم التحقيق لأميرداغ.. كل ذلك دليل على مدى الظلم المجحف الذي كان يرزح تحته. (ب2/1206).