هذه المجموعة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه.

بعد أن أكرمَنا المولى الكريم بعميم فضله وجميل توفيقه على إكمال ترجمة «كليات رسائل النور» ونشرها في سبعة مجلدات، آثرتُ أن أعرج على مؤلفات الأستاذ النُّورْسِيّ القديمة التي ألّفها في عهد «سعيد القديم» أي قبل شروعه بتأليف رسائل النور سنة 1927. وذلك لأن لهذه الرسائل «القديمة» أهميتَها التاريخية من جهة، وقيمتَها الفكرية من جهة أخرى، مثلما نبّه إليها الأستاذ المؤلِّفُ نفسُه في مواضع كثيرة من مكاتيبه التي أرسلها إلى طلاب النور. حتى إنه أدمج قسمًا من هذه الرسائل ضمن موضوعاتِ وفصول «تاريخ حياته»، بل أشار إلى طلابه القيام بنشر قسم منها على صورة كتيبات مستقلة وذلك بعد إعادة النظر فيها وقراءتها بإنعام في ضوء موازينِ رسائل النور وقواعدها وأُسسها، فأجرى تصحيحاتٍ دقيقة في الرسائل التي تمسّ الحياة الاجتماعية والسياسية، مستخرِجًا منها فقراتٍ ومُقِرًا أخرى، ومضيفًا إليها جُمَلًا وحاذفًا أخرى، علاوة على وضع هوامش في كثير من المواضع لتوضيح ما غمُض واستِجلاء ما استترَ من المعاني. بمعنى أنه نقّح هذه الرسائل تنقيحًا دقيقًا وشذَّبها تشذيبًا كاملًا حتى جعلها جاهزة للنشر يستفيد منها العلماء وعامة الناس أيضًا.

ونحن بدورنا جعلنا تلك النسخ المصحّحة المنقّحة هي المعوَّل عليها في أثناء ترجمة التركيةِ منها إلى العربية، أو في تحقيق العربية منها.

فللّه الحمد والمنة أولًا وآخرًا.

وتضم هذه المجموعة الرسائل الآتية:

1- محاكمات عقلية في التفسير والبلاغة والعقيدة:

وهي المسماة بـ«صيقل الإسلام» أو «رجتة العلماء».

2- قزل إيجاز:

وهي حاشية الأستاذ النُّورْسِيّ على «السلم المُنَورَق» المنظوم لشيخ الإسلام عبد الرحمن الأخضري في علم المنطق،مع شرح الملا عبد المجيد.

3 – تعليقات على برهان الكلنبوي:

وهي رسالة في علم المنطق أيضًا عبارة عن تعليقاتِ وتقريرات الأستاذ النُّورْسِيّ على كتاب «البرهان» للعالم المحقق إسماعيل بن مصطفى الكلنبوي.

وهاتان الرسالتان -في علم المنطق- ألّفَهما الأستاذ النُّورْسِيّ باللغة العربية. ولم أُجرِ فيهما غيرَ التنسيق والتنظيم على أمل أن يهيئ المولى القدير مَن يتناولهما بالشرح والتوضيح ليعمّ النفع. والرسائل الثلاث رسائل علمية تخاطب العلماء وربما الخواص منهم.

أما بقية الرسائل فالطابعُ الغالب عليها أنها رسائل تسلّط الأضواء على الأوضاع الاجتماعية والسياسية في فترةِ ما قبل الحرب العالمية الأولى، أي إنها أُلّفت والدولة العثمانية تعاني ما تعانى في أيامها الأخيرة، وقد دبّت فيها أمراضٌ شتى وعللٌ متنوعة، لذا فهي تُداوي تلك الأمراض وتقدم الحلول الوافية والعلاجات الشافية لها، وفي الوقت نفسه تضمد الجروح الغائرة التي أُصيبت بها الأمة الإسلامية جمعاء وتضع البلسم الشافي عليها بأسلم وسيلة.

بمعنى أن هذه الرسائل ليست رسائل قديمة قد عفا عليها الزمن، بل تنطوي على دروس اجتماعية وموازين سياسية تنبض بالجدة وتتدفق طراوةً ونداوةً حيث إنها حقائق ثابتة.

والرسائل هي:

4- السانحات.

5- المناظرات.

6- المحكمة العسكرية العرفية: وهي دفاع الأستاذ النُّورْسِيّ أمام المحكمة العسكرية العرفية في عهد الاتحاديين، والمسماة بـ«شهادة مَدْرَسَتَيْ المصيبة» إذ عندما طالَب الأستاذ إصلاحَ التعليم وتأسيسَ جامعةٍ في شرقي الأناضول باسم مدرسة الزهراء أُلقي في مستشفى المجاذيب، وبعده اقتيد إلى المحكمة العسكرية بتهمة مطالبته بعودة الشريعة. حيث قال له رئيس المحكمة خورشيد باشا وهو يشير إلى الجثث المعلقة على أعواد المشانق:

«وأنت أيضًا تطالب بالشريعة!»

وهكذا يَعدّ الأستاذ النُّورْسِيّ مستشفى المجاذيب مدرسةَ مصيبةٍ أُولى والسجنَ مدرسةَ مصيبةٍ ثانية.

7- الخطبة الشامية.

8- الخطوات الست.

وقد قدّمتُ لعملي في الترجمة والتحقيق مقدمة في مستهل كل رسالة من الرسائل الثمان لهذه المجموعة مع بيان أهمية الرسالة وسبب تأليفها.

ثم إن هذه المجموعة لا تضم مؤلفاتِ سعيد القديم جميعَها، بل هناك رسائل أخرى نُشرتْ وقت تأليفها، إلّا أن المؤلف لم ينشرها في عهد سعيد الجديد، أو لم يرَ داعيًا إلى نشرها، ربما لاندراج كثيرٍ من مفاهيمها ضمن رسائل أخرى وهي: «طلوعات، إشارات، نطق، رموز…» علمًا أن قسمًا آخر من مؤلفات سعيد القديم قد نُشر مستقلًا مثل: «إشارات الإعجاز في مظان الإيجاز» و«المثنوي العربي النوري» وكذا «اللوامع» التي نشرت ملحقةً بمجموعة «الكلمات».

وقد ارتأينا أن نستعيرَ اسم إحدى رسائلِ هذه المجموعة وهو «صيقل الإسلام» عنوانًا لكامل هذه المجموعة.

والله نسأل أن يوفقنا إلى حُسن القصد وصحة الفهم وصواب القول وسداد العمل.

وصلّ اللّهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

إحسان قاسم الصالحي