بسم [1] الله [2] الرحمن [3] الرحيم

[1] الباء للمصاحبة لا للاستعانة، لأن الكسب تابع للخلق، والمصدر شرط للحاصل بالمصدر.([1])

[2] مستجمع لجميع الصفات الكمالية. للّزوم البيّن.([2])

[3] هذا مقام التنبيه لا الامتنان، فتكون صنعةُ التدلي في التعديد امتنانًا صنعةَ الترقي تنبيهًا.([3])


[1] (الباء للمصاحبة لا للاستعانة) إذ يلزم حينئذ أن يكون العبد أصيلا في الفعل، والخالق مُعينًا وتابعًا له في الفعل، والحالُ أن العبد ليس إلا مصدرًا للكسب. والحاصل بالمصدر أي المكسوب ليس إلا بخلق الخالق. فالكسب -أي كسب العبد- ليس إلا مقارِنًا ومصاحبًا وشرطًا في حصول ذلك الفعل، بخلق الخالق. فالعبد تابع، أي وكسبه شرط لا أصيل. كما هو رأي أهل الاعتزال من كون العبد خالقًا في فعله.

فالمناسب في باء البسملة المصاحبة، إذ ليس فيها ما في الاستعانة من ذلك الإيهام، لأنها تدل بمادتها وجوهرها على أن المستعين أصيل، والمستعانَ منه تابع، بخلاف لفظة المصاحبة، إذ ليس فيها تلك الدلالة فلا احتمال لذلك الإيهام.

قد ظهر من هذا أن انتشار كون الباء للاستعانة في تآليف بعض أهل السنة إنما ترشح عن الغفلة من هذا المذهب، أي الاعتزال.

[2] (للزوم البيّن) أي البيّن بالمعنى الأخص بين الذات والصفات. وهو الانتقال بمجرّد تصور الملزوم إلى اللازم. ومنه إلى اللزوم بينهما. فلفظة الجلال دالة على الذات بالمطابقة وعلى الصفات بالالتزام فمن ذكر لفظ الجلال كان ذاكرًا لجميع صفات الكمال.

[3] (هذا مقام التنبيه) حاصله: أن الرحمن إشارة إلى عظام النِعَم، والرحيم إلى صغارها. فالانتقال من الأعظم إلى الأصغر ليس بمناسب، لأنه من صنعة التدلي. وهي ليست مقبولة إلا في مقام تعديد النعم للامتنان. والمقام هنا ليس لتعديدها للامتنان. فأشار بتقديم الرحمن إلى أن هذا المقام مقام التنبيه، لدفع غفلة السامع عن النعم الصغار.

فالتدلي هنا يُعدّ من الترقي. على أن الغفلة عن النعم الصغار أقوى احتمالًا فلا إشكال.