وآله وصحبه [1] ذوي الهدى [2]  من شبهوا [3] بأنجم [4] في الاهتدا [5]

[1] اسم جمع صحابي. وتَذَكّرهم بالصلاة حق علينا. لأنهم الوسائط بيننا وبينه ﷺ.([1])

[2] أي اكتسبوا الهدى كالمال، الحاصل بالمصدر المكسوب لهم. فإن الهدى هو الذي يحتذى عليه لا المصدر، لأنه كسب.([2])

[3] أي بلسان من «أفصح من نطق بالضاد» بأنهم مكمَّلون ومكمِّلون.

[4] أي العشر السيارة فإن نورها مستفاد من الشمس.([3])

[5] نتيجة التشبيه لا وجه الشبه لأنه لابد أن يكون أظهرَ أوصافِ المشبه به، والأظهر في الحديث النورانية وما يقاربها.([4])

وبعدُ [1] فالمنطق [2] للجَنان  نسبته كالنحو للّسان

[1] اعلم أنه تأكيد وتشويق مبني على حب النفس المستلزمِ لحب صنعتها المقتضي لفنائها فيها، المؤدي إلى ظن انحصار الكمالات فيها. لزوميةٌ أو ادعائية؛ هكذا: أيّ شيء وُجد لزم بقائه لعدم العبثية، وبقاؤه مستلزم للخلقة لأنه جزؤها، والخلقة مستلزمة لنتيجتها وهي الإنسان. ووجودُ الإنسان بسر الحكمة مستلزم لنتيجته، وهي كماله ومعرفة الصانع، والوصول إلى الكمال مستلزم لإصابة العقل وسداده، وسدادهُ مستلزم للمنطق المتصف بما ذكر. فمهما وجد شيء فالمنطق كذا.([5])

[2] اعلم كما أن النحو شريعة الموجودات الطيارة اللسانية. الذين آدَمُهم الهابطُ من ذروة الخيال المسمى باللفظ موجود في فضاء اللسان، كذلك أن المنطق شريعة الموجودات الذهنية الساكنة في الجَنان، أي اللطيفة الربانية، الذين آدمهم النازل من أعلى الدماغ المسمى بالمعنى موجود في الجنان. إن الآدم للآدم نسيب والشرع للشرع قريب. لأنهما كليهما وَضْعٌ إلهي سائق لذوى العقول ممن في الجَنان واللسان إلى الصراط المستقيم.([6])


[1] (اسم جمع صحابي) وهو منسوب إلى صحاب، وهو مصدر كالذهاب. وليس الصحب بجمع لأن «فَعْل» ليس من أوزان الجموع. هو اسم لكل مَن رأى النبي أو النبي رآه ومات على الإيمان.

[2] (أي اكتسبوا الهدى) مفعول الحاصل صفة له، المكسوب صفة للمصدر. يعني: المرادُ من الهدى هنا الحاصل بالمصدر، لا المعنى المصدري الذي هو الكسب.

[3] (هي العشرة السيارة) وهي العطارد والزهرة والمريخ والمشتري والزحل والنبتون والأورانس والأرض والقمر و..

[4] (نتيجة التشبيه لا وجه الشبه) يعني أن وجه الشبه النورانيةُ على ما هو المتبادر من حديثِ «بأيهم اقتديتم اهتديتم».

[5] (لزومية أو ادعائية) خبر مبتدأ محذوف أي هذه شرطية لزومية الخ.

    (وبقاؤه لازم للخلقة) أي البقاء جزء للخلقة لأن الوجود كما أنه مستلزم لها ولولاها لم يوجد الوجود، كذلك البقاء مستلزم للخلقة ولولاها لم يكن البقاء. وأيضًا البقاء تكرُّر الوجود ودوامه. فالوجود والبقاء كلاهما مستلزمان للخلقة، وجزآن لها. فالخلقة عبارة عن الإيجاد والإبقاء معًا. فالإبقاء جزء لها كالوجود.

   (والخلقة مستلزمة لنتيجتها وهي الإنسان) نعم «لولاك لولاك لما خلقت الأفلاك» يدل على أن الغاية من الخلقة ونتيجتَها الحياةُ، وذوو الحياة وأشرفهم الإنسان، فهو نتيجة الخلقة.

    (بما يذكر) أي في هذا الكتاب من القواعد.

   (فمهما وجد فالمنطق كذا) هذه نتيجة لما أشار إليه الأستاذ من القياسات الكثيرة المطوية الغير المتعارفة.

[6] (كما أن النحو الخ) حاصله: أن النحو والمنطق باحثان عن اللفظ والمعنى. أما اللفظ: فهو «آدم»، أي كالأب للمسائل النحوية، محله الخيال ومقر فعاليـته اللسان.. وأما المعنى فهو «حواء» أي كالأُم للمسـائل المنطقية مسكنه القلب. كل منهما خادم لتشريع القواعد لتمييز الصحيح عن الفاسد. فبينهما مكافأة تامة. فإذا وصلا إلى حد البلوغ يصعد المعنى من القلب إلى الخيال ويتزوج بما في خزينة الخيال من الألفاظ ما يشاء، ثم ينحدران إلى اللسان فيتولد ويتناسل من اجتماعهما القواعدُ، وتصير تلك القواعد شريعة مبيّنة للحلال والحرام والصحيح والفاسد.

         فتبيّن أن الإنسان ما هو إلّا القلب واللسان كما قيل:

         لسان الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤاده           فلم يبق إلا صورة اللحم والدم