فصل في أنواع العلم الحادث

إدراكُ [1] مفردٍ [2] تصورًا [3] عُلِم ودَرْكُ [4] نسبةٍ [5] بتصديق وُسِمَ

[1] للنفس في الإدراك فعلٌ، يَستتبع إضافةً، تستلزم انفعالًا، يستولد كيفية، تستردف صورة. مع أنها عِلمٌ معلومٌ أيضًا. والأول صفة. والثاني مظروف للذهن.([1])

[2] أي ولو حكما بإجمالية النسبة.

[3] الإطلاق المستفاد من الإطلاق تقييد. أي التصور المطلق لا مطلق التصور.([2])

[4] غُيِّرَ لمغايرة النوعين في التعلق لا في المتعلَّق فقط؛ فإن الأول كالحل، والثاني كالربط والعقد.([3])

[5] أي دَرْكُ أَنَّ النسبة واقعة مفصلة مستردف الإذعان. لا درك نسبة؛ فإنه شرط أو شطر. ولا درك وقوع النسبة؛ فإنه تابع.([4])


[1] (مع أنها علم معلوم أيضًا) أي الإدراك عبارة عن الصورة الحاصلة في الذهن. فتلك الصورة من حيث ينتقش ويتصف بها الذهن تكون علمًا وصفة. ومن حيث حصولها في الذهن تكون مظروفة للذهن ومعلومًا لتعلق ذلك الانتقاش به.

[2] (أي التصور المطلق لا مطلق التصور) دفعٌ لما يوهمه قول الناظم من عدم المطابقة بين التعريف والمعرَّف، إذ المتبادر من قوله (تصورًا علم) مطلق التصور أي سواء كان ذلك التصور مع الحكم أو لا. وهذا عام يشمل التصور مع الحكم أيضًا، لأن محل حصوله الذهن. وبهذا الاعتبار يكون المعرَّف أعم من التعريف.              

وجه الدفع أن المعرف هنا أعني (تصورا) لكونه غير مقيد مقيدٌ بالإطلاق، أي التصور المطلق. وهو خاص لا يشمل التصور مع الحكم. فالمعرف يساوي التعريف فلا إشكال.

[3] (غير لمغايرة الخ) أي بدّل الإدراك بالدرك، لأن التصور والتصديق كما تغايرا في المتعلق لأنه في الأول المفرد وفي الثاني الحكم تَغَايَرا في التعلق أيضًا. لأن التعلق في الأول بطرفي القضية وفي الثاني بالنسبة بينهما. ولا يخفى أن وجود النسبة يتوقف على العقد والربط بين الطرفين، والأول يدل على الانفصال بين الطرفين وانحلالهما عن النسبة.

[4] (أي درك أن النسبة واقعة) يعني أن الظاهر من هذا القول: أن الناظم ذاهب إلى مذهب القدماء من أن التصديق عندهم عبارة عن درك النسبة التامة الخبرية أي درك الثبوت بين الطرفين. بناء على أن أجزاء القضية عندهم ثلاثة: الموضوع والمحمول وثبوت الثاني للأول. لكن عند المتأخرين عبارة عن درك وقوع الثبوت بينهما. فالأجزاء عندهم أربعة إِنْ جعل الثبوت المسمى عندهم بـ«النسبة بينَ بينَ» شطرًا أي جزء أو ثلاثة إن جعل شرطا.          

وَصَفَ الأستاذ ذلك الإدراك بالإذعان في سائر رسائله أي الاطمئنان القلبي إشارة إلى أن القائل «لكلمة التوحيد» من غير إذعان واطمئنان بمفهومها لا يفوز بحقيقة الإيمان.