وقدم الأول [1] عند الوضع  لأنه [2] مقدم بالطبع [3]

[1] وإن كان متأخرًا في النهاية، لأنه النتيجة؛ إذ التصديقات معرفة نسب الشيء. ونسبُ الشيء رسم صورته.([1])

[2] إذ ليس للجعل أن يعزل ما نصبه الخلق. وإن الصنعة تلميذ الطبيعة، نورها مستفاد منها. وإن الاختيار متمم الفطرة مانع المانع ولا ينوب عنها.([2])

[3] أي شرط أو جزء، ولا يجوز تقوم الشيء بالنقيضين، أو اشتراطه بنقيضه؛ لأن التصور ليس جنسا ولا ذاتيًا للتصورات، بل عَرَضٌ عام كالمصطلحات لأفرادها.([3])

والنظرِيْ [1] ما احتاج [2] للتأملِ [3] وعكسه [4] هو [5] الضروريُّ [6] الجلي

[1] أي منهما، أي الإدراك والدرك بمعنى المدرَك، أي ماصدق عليه في زمان ما.([4])

[2] أي بالعموم وإلّا فالإلهام والتعليم والتصفية مِنْ طُرُقِهِ.([5])

[3] أي استكشاف الرتب متحركًا لتحصيل المادة، مستردفًا لتجريد الذهن عن الغفلات، مستتبعًا لتحديق العقل نحو المعقولات، مستصحبًا لملاحظة المعلوم لتحصيل المجهول، منتهيًا إلى البسائط. ثم متحركًا لتحصيل الصورة، مستصحبًا للتفطن، مستلزمًا لترتيب الأمور، مولدًا للمُرَتَّبِيَّةِ الحاصلة بالمصدر. «هـذه الحقيقة مزقها العوام شذرًا مذرًا».([6])

[4] أي لا منطقًا ولا لغة.([7])

[5] «هو» للجمع و «أل» للمنع أو للبداهة كوالدك العبد([8])..

[6] أي الذهني لا الخارجي مقابل الإمكان([9])..


[1] حاصله: أن التصديق لكونه يتوقف على تصور أجزاء القضية يكون التصور مقدمًا عليه.

   وكذا أن التصديق عبارة عن معرفة نسبة الموضوع إلى محمولاته، كنسبة زيد إلى الكاتب والشاعر وغيرهما وتلك النسبة رسم ناقص له وهو يفيد حصول صورته في الذهن، وما هذا إلّا تصور. فالتصديق ينجر وينتهي إلى التصور. فالتصور نتيجة للتصديق متأخر عنهما.

[2] (إذ ليس للجعل) حاصله: أن التصور شرط أو جزء للتصديق وهما مقدمان على الكل، والمشروط طبعا وفطرة. فليس للواضع أن يخالف مقتضي الخلقة باختياره عازلًا للفطرة، لأن الاختيار إنما هو تلميذ يتلو تلو أستاذه ولا ينوب منابه. وإنما وظيفته دفع الموانع لإكمال الخلقة.

[3] (أي شرط أو جزء) دفع لما يقال: من أن التصور والتصديق ضدان أو نقيضان، فكيف يكون أحدهما جزءًا أو شرطًا للآخر؟

  وحاصل الدفع: أن الشرط أو الجزء للتصديق إنما هو التصور الخاص لا التصور الذي هو عرض عام. وإنما يلزم ذلك لو كان ذاتيًا للتصورات.

[4] (أي منهما) راجع للتصور والتصديق. لا مفسر بما بعده، لأنه غير مذكور.

   (بمعنى المدرَك) أول باسم المفعول ليصح الحمل. ولشمول التعريف لما يدرك بعدُ عمم الزمان بقوله (في زمان ما).

[5] (أي بالعموم) أي الدرب الكبير والطريق العام. وإلا فله طرق أخرى كالإلهام والتعليم والتصفية.

[6] (أي استكشاف الرتب) حاصله أن للذهن لإحضار الدليل حركتين إحداهما أنه يدور في ساحة المعلومات والمعقولات يبحث عما يناسب لإثبات مدعاه، فإذا وَجَدَ تلك المقدماتِ المناسبة جَمَعها ويختم حركته الأولى للمادة. ثم يعود ثانيًا لتحصيل الصورة، فيضع كلًا من المقدمات في موضعها مراعيا للشرائط، فتتشكل الصورة أيضًا فيتم الدليل ويصل إلى المطلوب. .

[7] (أي لا منطقا ولا لغة) أي المراد من العكس هنا المعنى العرفي الذي هو عبارة عن الضدية فقوله (عكسه) أي ضده لا العكس المنطقي، الذي هو عبارة عن تبديل الطرفين، ولا اللغوي أي الانتقال من جهة إلى جهة مثل الانعكاس.

[8] (هو للجمع) أي للإشارة إلى جامعية التعريف، لأن (هو) يدل على حصر المعرف في التعريف (وال للمنع) أي للدلالة على كون التعريف مانعا عن الأغيار لأنه للعهد الخارجي أو للبداهة كما أن (ال) في (والدك العبد) للبداهة..

[9] (أي الذهني) أي البديهي لأنه هو الضد للنظري. أما الخارجي فبمعنى الوجوب الذي هو مقابل وضد للإمكان..