وما [1] لتصديق [2] به [3] تُوُصِّلا [4]  بحجة [5] يعرف [6] عند العقلا [7]

[1] «ما» موصوفة، أي تصديق، أي لا تصور. لأن النوعين غير متجانسين فلا يتوالدان وإن تلازما…

[2] كما تضمن اللام «إلى» تضمن «توصل» «تكلف». فالأول متعلق بالثاني، إذ هذا التصديق مدعى. والثاني بالأول، إذ هو نتيجة بأَوْلٍ وبالإطلاق أو التخييل أيضًا([1])…

[3] وبالجزئي على الجزئي، أو الجزئي على الكلي، أو بالكلي على الجزئي.([2])

[4] زاد هنا وجرده في التصور للإشكال في الأشكال، والاشتباك في الدليل. «ومصدر المجرد نائب فاعل المزيد» أي وصولا لازمًا إلى معلوم، أو مظنونٍ لذات الدليل أو صورته أو موهومٍ أو متخيَّل أو جهل مركب([3])..

[5] اعلم!

أنها نَسَّابة أنسال الحادثات، وسرّادةُ سلاسلِ مناسبات الكائنات، وتمثالُ مجاري الحياة من جرثوم الحقيقة العظمى إلى الثمرات([4])..

[6] مجاز من «يتحد» وهو من «يحمل» وهو من «يحدد» والمعرفة هي كيفية هذه النسبة، إشارة إلى استغناء هذه الدعوى عن الدليل…

[7] اللام عوض الصفة أي المنطقيين. لا الإضافة لأن «عاقلا» من ذي كذا.([5])

واعلم!

إن الكل -كالإنسان مثلا- في حكم مصدره، جزؤه مستتر تحت جزئه أو خلفه كالعين للمفتش والأذن للجاسوس والعقل للمنطقي.([6])


[1] كما تضمن (اللام) معنى (إلى) أي لأن الوصول يتعدى بإلى (تضمن توصل معنى تكلف) لأن الوصول يحصل بالكلفة فناسب تضمين التوصل. فاللام في (لتصديق) له معنيان: معناه الأصلي، ومعنى (إلى). (فالأول) أي إذا نظر إليه بالمعنى الأصلي (متعلق بالثاني) التكلف المتضمن للتوصل (إذ هذا التصديق) أي مدخول اللام (مدعى) وفي إثبات المدعى المجهول كلفة، فناسب تعلقه بالتكلف (والثاني) أي اللام بالمعنى الثاني (متعلق بالأول) أي التوصل المتضمن (إذ هو) أي التصديق المدخول للّام (نتيجة بأَوْلٍ) أي سيؤول وسيرجع ويصير نتيجة. وفي نتاجها لا يوجد الكلفة فالمناسب تعلقه بالتوصل لا بالتكلف.

   (وبالإطلاق أو التخييل أيضًا)، أي ذلك التصديق المدخول للام لكونه غير مقيد شامل للقسمين. أي ما كان مدعى وما كان نتيجة، وبالتخييل والتقدير أيضًا يمكن الشمول للقسمين.

[2] (وبالجزئي على الجزئي) أي الوصول قد يكون بالجزئي على الجزئي، مثل: هذا زيد، وزيد ضاحك، فهذا ضاحك (وبالجزئي على الكلي) كما في الحدسيات، كالانتقال من بعض الأمارات إلى المطلوب الكلي (وبالكلي على الجزئي) مثل:كل إنسان حيوان وكل إنسان كاتب فبعض الحيوان كاتب.

[3] (زاد هنا) قائلًا: «توصّل» من المزيد (وجرد هناك) قائلًا: «وصل» من الثلاثي (للإشكال في الأشكال) بكسر أول الأول وفتحه في الثاني. يعني أن الإشكالات الواقعة في الأشكال والضروبِ والقياساتِ أَجبرت على ترجيح المزيد على المجرد إشارة إلى زيادة الكلفة هنا.

   (ومصدر المجرد نائب فاعل المزيد) يعني أن (توصّل) لكونه بناء المجهول يقتضي نائب الفاعل ولا مفعولَ ينوب منابه لكونه غير متعد فأشار الأستاذ إلى أن مصدر المجرد أعني «الوصول» نائب عن فاعله.

   فمعنى توصل (وقع الوصول) (أي وصولا) مفعول مطلق نوعي (لازما) صفة للإشارة إلى اللزوم بين الدليل والنتيجة (إلى معلوم) متعلق بالوصول أي نتيجة ذات يقين (أو مظنون) أي من الظنيات (لذات الدليل أو صورته) أي سبب الظنية ما وجد في الدليل أو صورته من موجِبات الظن (أو موهوم) أي من الوهميات.

[4] (اعلم أنها نسابة لأنسال.. الخ) الضمير عائد للحجة. (نسابة) صفة مبالغة من النسبة. بمعنى كثير المعرفة بالأنساب. والأنسال جمع نسل بمعنى الذرية. أي الحجة الإلهية كأنها تاريخ جامع للحادثات الكونية وعارف بتناسل بعضها عن بعض.

   (وسرادة سلاسل) أي مركز لاجتماع تلك السلاسل كأنها «سانترال» محل ومرابط لتلك السلاسل.

[5] (اللام) أي الألف واللام في العقلاء (عوض) أي بدل (عن الصفة) أي عقلاء منطقيين (لا الإضافة) أي عقلاء المنطق. لأن العاقل ليس باسم فاعل حتى يضاف إلى مفعوله (بل هو مِن ذي كذا) أي من باب ذي كذا. فالمعنى عند ذوي العقول من المنطقيين.

[6] واعلم (أن الكل كالإنسان) أي المـركب من أجزاء كالعين والأذن وغيرهما إذا وقع (في حكم) أي فعل (مصدره) اسم مكان ضميره عـائد للحكم، مبتدأٌ خبرُه (جزؤه) والضمير راجع للكل. والجملة صفة الحكم مثل (تجسس زيد) فإن التجسس يكون بالأُذن. فالقاعدة في التعبير عن ذلك الحكم والفعل إما استتار الفاعل أي الكل في ذلك الجزء أو إضافة الكل إليه بواسطة (ذو) فيقال للشخص المنطقي «عاقل» أَو ذو عقل لأن المنطق يصدر من العقل وللمفتش «عَايِن» أو ذو عين هكذا. وإلى هذا أشار بقوله (مستتر تحته أو خلفه) كالعين للمفتش والأذن للجاسوس والعقل للمنطقي.