اعلم أن السوالب هنا، على مذهب المتأخرين ليست كموجبات عكس المستوي([1]) في البسـائط الخمسـة.

وعند المتقدمين هي كها فيها أيضًا. لأن السالب البسيط يصدّق بعدم الموضوع أيضًا. فيحتمل أن لا يكون لنقيض المحمول وجود. كـ«لا شيء من الخلاء ببعد». مع كذب «بعض اللابَعد خلاء».

فلما كان عكس نقيض السالب عند السلف سالبًا، كان ذاك كذلك في الصدق، وعند الخلف موجبًا يقتضي وجود الموضوع، لم تنعكس البسائط الخمسة.

وأما المركبات؛ فلوجود الموضوع ألبتة يكون لنقيض المحمول ذات موجودة، وهو ذات الموضوع. فمن الخاصّتين إلى حينية لا دائمة لا بالخلف، لأن الأصل سالب مع سلب نقيض عكس النقيض، لا دليل عن سالبتين.. ولا بطريق العكس. لأنه لم يبرهن عليه بعد، بل بالافتراض للجزئية في العكس. مثلا: «لاشيء من الكاتب بساكن مادام كاتبًا». فالعكس: «بعض اللاساكن كاتب حين هو لاساكن». أي «بعض اللاساكن ليس بكاتب بالفعل».

أما الجزء الأول: فبـ«كل رومي لاساكن مادام كاتبا» بحكم الجزء الأول. و«كل رومي كاتب بالفعل» بحكم عقد الوضع الموجود بالتركيب. فينتج من الثالث: «بعض اللاساكن كاتب حين هو لاساكن» لأن نتيجته تابعة لعكس الصغرى وهو حينية، أما الجزء الثاني: فكل رومي لاساكن» و«كل رومي ساكن» فالثاني مع الجزء الأول من الأصل ينتج لا شيء من الرومي بكاتب، وهذه النتيجة كبرى لـ«كل رومي لاساكن» ينتج من الثالث «بعض اللاساكن ليس بكاتب» بالفعل، وهو مآل القيد.

ثم إن الوقتين والوجوديتين إلى مطلقة عامة، لعدم انعكاس القيد لإيجابه؛ كسالبته في العكس المستوى فبقى المطلقة العامة.. وهو بالافتراض دون الطريقين الآخرين. ففي «لا شيء من الإنسان بمتنفس.. لا دائمًا» «كل متفشفش لامتنفس»([2]) بحكم الجزء الأول. و«كل متفشفش إنسان» بحكم الوجود في القيد بالتركيب. فمن الثالث ينتج: «بعض اللامتنفس إنسان» بالحينية([3]) المطلقة المستلزمة للمطلقة العامة.


[1] (تذكر مامرّ) اعلم أن عكس المستوى ناظرة إلى عقد الوضع وغيره. (أي سواء كان متناقضين، أو متقاربين، أو متخالفين، أو متضادين، أو غيرها). وأما عكس النقيض فينظر إلى -نسبة الطرفين؛ كالحيوان واللاإنسان… فتذكر مامرّ من أن مصداق الموجبة الكلية؛ كونُ الطرفين متساويين، أو المحمول أعمّ مطلقًا. والجزئية؛ غير المتباينين.. والسالبة الكلية، كونهما متباينين مطلقًا.. والجزئية، غير المتساويين.. والمحمول الأعم.

    وأن نقيض المتساويين متساويان.. والأعم والأخص مطلقًا أيضًا، كذلك بالعكس.. وبين نقيضي المتباينين والأعمِ والأخصِ من وجه تباين جزئي وهو الأعم.. وأن نقيض المساوي نقيض للمساوي الآخر. ونقيض الأعمّ مطلقًا مباين لعين الأخص كذلك (لعدم الجزئية فيهما. أي لا الأصل ولا العكس. تأمل!). ونقيض الأخص مطلقًا (كالحيوان واللاإنسان)، أعم من وجه من عين الأعم كذلك.. ونقيض الأعم من وجه إحدى النسب، غير التساوي مع عين الأخص من وجه. ونقيض المباين أعم من وجه من عين المباين الآخر.

     إذا أحطت بهذا علمًا.. فإذا أخذت نقيض الطرفين -كما عند القدماء- لابد من الاتفاق في الكيف. ولابد لكلية القاعدة من انعكاس السوالب مطلقًا، إلى الجزئية.. للتخلف في الكلية، فيما كان النقيضان أعم وأخص من وجه. وإذا أخذت نقيض واحد من الطرفين وهو المحمول -كما عند الخلف- لابد من المخالفة. فتأمل!

    واعلم أيضًا أن من الممكنتين لا تنعكسان مطلقًا جزئية كلية، موجبة سالبة. والخاصتين تنعكسان مطلقًا كذلك. والبواقي إيجابًا وسلبًا هنا، كزلزل؛ فموجبة هذا سالبةُ ذاك في انعكاس الكلية كلية. وعدم انعكاس الجزئية، إلا. وانعكاس ستة فقط، باعتبار الجهة. وسالبة هذا موجبةُ ذاك في انعكاس كليتهما جزئية.. ولإحدى عشر، باعتبار الجهة عند القدماء. والمركبات فقط عند الخلف. وكون عكوسها ثلاثة فقط. وبرهان الخاصتين مطلقًا الافتراض فقط، بسرّ العنوان. إذ الحكم فيهما ناظر إليه ومرتبط به، دون سائر المركبات. بل بالذات وإليه فيها. والتفاوت بين إثبات ذاك ببراهينه، وهذا أيضًا بها. هو أن عند السلف بقاء الكيف. ففي الموجبات الأصول مكوّن كبرى. والعكوس ثلاثة: الدائمة، والعرفية، والعرفية العامة اللادائمة. والنقيض سالبة جزئية، وهي المطلقة العامة.. والحينية المطلقة، والمطلقة العامة للقيد. فلا يكون صغرى. وأيضًا لا يتكرر الأوسط، فيؤخذ لازمه الموجبة الجزئية المحصلة المحمول. ويجعل صغرى وينتج. فقد جرى الخلف فيه. وأما قياس الاستقامة: فإما أن تنعكس عين النقيض، وهو هنا سالبة جزئية لا تنعكس بعكس المستوى. وبعكس النقيض، عندهم يناقض الأصل. لكن لا يثبت به للزوم الدّور هنا. وإما أن تنعكس اللازم وهو موجبة. فبعكس المستوى يكون كالضدّ للأصل. وفي السوالب العكوس ثلاثة: الحينية المطلقة.. والحينية اللادائمة.. والمطلقة. وهي سوالب جزئية ونقيضها، وهي العرفية العامة والدائمة موجبة كلية فلا يصح لصلوح الأصل للكبروية حالة الكلية دون الجزئية. ولعدم تكرر الأوسط للعدول والتحصيل، بل بقياس الاستقامة إذ عكس النقيض السالب الجزئى بعكس النقيض عندهم سالبة كلية ولا يلزم هنا ما مرّ فيكون ضد الأصل ودون الافتراض لعدم وجود الموضوع لاتفاق الكيف عندهم، فقد علمت التفاوت هنا. وعند المتأخرين اختلاف الكيف وقد مرّ. ففي الموجبات، فتذكر العكوس بجهاته، أيضًا الأصل موجب كلي، والعكس سالب كذلك، والنقيض موجب جزئي، فيجري الخلف لجواز كبروية الأصل وصغروية النقيض، وتكرر الأوسط وكذا قياس الاستقامة، إذ عكس الموجبة الجزئية بعكس المستوي عينه، فيضاد الأصل، دون الافتراض لما مرّ. وفي السالب هنا، أي عندهم ليست كموجبات المستوي. (تقرير)

[2] بإحدى الجهتين، الفعل أو الضرورة في وقت.

[3] إذ هو العكس الصريح لتلك الأربع.