فمفهمُ اشتراكٍ [1] الكليُّ كأسد [2] وعكسُه [3] الجزئي [4]

[1] اعلم

أن هذا الاشتراك اشتراك تمثيلي واتحاد وهمي، إذ الاشتراك والاتحاد بِكِلَيْ معنييهما غير متصوَّر هنا، بل المراد تطابق النسب، كتساوي نقط المحيط لنقطة المركز، لو ذهبت إحداها إليها كانت إياها وبالعكس، أعني أن الكلي لو خرج بالفرض من عالمه ودخل بابَ إحدى جزئياته -فبسر عدم العبثية- يفنى هو ويبقى ما في الجزئي من ظله فيُتوهَّم الاتحاد.. وكذا لو تطاير بالفرض متصاعدًا إحدى جزئياته من عالمها إلى مقام الكلى، فبالوصول إلى بابه يناديها: «أنا زعيمكم هنا كما أنتم نوابي في مملكتكم». ثم ينطفي. فيتوهم الاشتراك، ولو ممتنعًا. إذ الفرض ممكن([1])..

[2] أي من المبادئ التصورية. أي رسم ناقص ليطمئن قلوب الحواس لحكم العقل فيقرأوا ما في المثال من آيته ([2])..

[3] أي لا يشترك بالإمكان اشتراكَ الوجود الظلي، لوجوداته الأصلية، الممثَّل عكسُه بتخييل نقطة المركز مصباحا ونقاط المحيط زجاجات([3])..

[4] كـ [الله] جل جلاله: والجزئي كلي كما أن الفعل اسم. وافترق الجزئي والكلي الفرضي، بأن الأول فرض ممتنع والثاني فرض ممكن..


[1] (اعلم أن هذا الاشتراك) حاصله: أن الكلي ظل ذهني للجزئيات الخارجية وهي مثالات له. فالنسبة بينهما كنسبة نقطة المركز إلى نقط المحيط. لكن إن ارتفع الجزئي من الخارج ودخل الذهن تنطفي تشخصاته وتنسلب عنه فيكون كليا. وكذا إن سقط الكلي ووقع في الخارج ينضم إليه التشخصات فيصير جزئيا.

     ففي المنزلتين لا يُرى إلا واحد منهما فيتوهم بينهما الاشتراك والاتحاد..

[2] (أي من المبادي) أي قسم من القول الشارح لأنه مثال والأمثلة رسوم ناقصة…

[3] (أي لا يشترك بالإمكان.. الخ) أظن أن هذه القضية موجهة (والجهة) الإمكان و(لا) نافية لها و (اشتراك) منصوب إما بنزع الخافض -أي كاشتراك- أو على أنه مفعول مطلق نوعي. حاصله: أن الجزئي لا يمكن أن يشترك ذلك النوع من الاشتراك كما كان في الكلي إذ لاوجود له ظليا لوجودات في الذهن أصلية في الخارج، بل الخارج مركز لوجوده الأصلي، وهو مصباح في الخارج يرى في زجاجات الأذهان عكس الكلي…

     س:- ما الفرق بين الجزئي والكلي في فرض الأفراد حتى تفرض للكلي لا للجزئي؟

     فأجاب المرحوم: بأن الفرض ممكن في الكلي ممتنع في الجزئي. مثلا: إن (الله) علم للذات لا يحد، إذ لا جنس له ولا فصل فليس له مفهوم حتى يفرض له الأفراد باعتبار المفهوم. فالفرض فيه ممتنع.

 وأما فرض الأفراد للجزئي الكلي في (الجزئي كلي) فهو فرض ممكن؛ إذ له حد. وفي حده جنس وفي جنسه عموم. فله مفهوم عام يمكن فرض قوله على كثيرين لا وجود لها.

    (كما أن الفعل اسم) دفعٌ لما يقال: من أن الجزئي والكلي ضدان كيف يحمل أحدهما على الآخر.. وجه الدفع: إنّ حمل الكلي هنا ليس على الجزئي الفردي الخارجي، بل على مفهومه. وهو أيضًا كلي من الكليات لكن من المعقولات الأولى. والكلي المحمول عليه في المثال من المعقولات الثانية فلا إشكال. كما لا إشكال في حمل الاسم على الفعل؛ لأن الاسم محمول على لفظ الفعل وهو اسم من الاسماء (كالاسم).