تعلييقات

على برهان الكلنبوي

في المنطق

تأليف

بديع الزمان سعيد النورسي


مقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه؛ وبعد؛

فهذه الرسالة هي المخطوطة الوحيدة، وكانت تُظن أنها مفقودة، لذا فما إن أُعلن عن العثور عليها حتى بادر العالم الفاضل زين العابدين الآمدي إلى تبييضها بوضوح على النمط القديم. أما الأخ الكريم عبدالقادر بَادِللِّى فله قصب السبق في تبييض الرسالة وتنسيقها وتنظيمها ووضعِ أرقام لهوامشها؛ فقد بذل جهودًا مضنية وصَرَفَ من وقته أياما بل شهورًا وسنين عدة في فرز الجمل المتداخلة والهوامش المتراكبة، وتَرْجَمَ بعض فقراتها إلى التركية، فهيأ نسخة منسقة محققة، وأهدى لي نسختها المصورة.. فجزاهما الله عنّا خير الجزاء وأجزل ثوابهما؛ لذا اقتصر عملي في الرسالة على الآتي:

1 – عرض النسخ بعضها على بعض وهي:

أ- النسخة الخطية الأصلية بخط الملا حبيب.

بـ- نسخة خطية مبيّضة للعالم زين العابدين الآمدي.

جـ- نسخة خطية مبيضة منسقة للأستاذ عبدالقادر بادللى.

د- نسخة خطية تبدأ من ص44-59 أهداها لي الأخ الكبير سعيد أوزدمير.

2- تنسيق الرسالة مجددًا بوضع متنها في أعلى الصفحة تتخلله متون «الكلنبوي» ووضع الهوامش المذيّلة في النسخة الأصلية بـ«تقرير» والهوامش الجزئية الموجودة بين الأسطر في أسفل الصفحة.

3- اكتفيت بمقابلة الأخ بادللي لمتن الـ«كلنبوي» فكل هامش يشير إلى صفحاته منقول مباشرة من نسخة الأخ الفاضل، كما أن كل هامش مذيل بـ«ع. ب» فهو منه أيضًا.

وحيث إن باعي قصير في علم المنطق، لم أقم بعمل علمي يُذكر خلا ما ذكرت، إلا أن المولى القدير منّ عليّ بمن له إلمام بهذا العلم، فكمّل ما قصرت عنه من تنسيق وتهميش فقابل الرسالة والمخطوط وراجعهما وضبط كثيرا من كلماتها، وهو الأخ الفاضل «أجير أشيوق المحترم» فجزاه الله عنا خير الجزاء وأجزل ثوابه… والحمد لله أولًا وآخرًا.

إحسان قاسم الصالحي


في الصفحة الأولى من المخطوط ما ترجمته:

«إلى حضرة الأخ الكبير! أقدم لحضرتكم تقريراتكم في أثناء تدريسكم للـ«برهان» والمسماة بـ«تعليقات» بخط المرحوم الشهيد الملا حبيب راجيًا دعواتكم مقبّلًا أياديكم الكريمة»… وفي صفحة تالية:

«أيها الناظر إلى هذه الأوراق التي تتقطر عبرًا.. هذه صفحاتُ مسوّداتِ رسالةٍ في المنطق ألّفها الأستاذ بديع الزمان سعيد النُّورْسِيّ في مدينة «وان»، في أثناء تدريسه لطلابه، ولا سيما لأخيه وطالبه الملا حبيب ولَمّا أتمّها حيث اندلعت الحرب العالمية الأولى..وفي خضم سيل الزمان الجارف، فارق الأَخَوان أحدهما الآخر. وكانت نهاية المطاف أن صار الأخ الصغير المسمى عبدالمجيد مفتيًا في «أُورْكُوبْ» سنة 1940 فاستقر فيها.. وكان يحتفظ بهذه المسودات ذكرى تلك الأيام التي خلت. ولكن هيهات.. هيهات.. مضى ذاك وذهب.. ومضى الآخر وذهب. ومرّ الزمان ومضى! فيا ترى هل سيظهر من يتصفح هذه المسودات ويقرؤها؟ وهل سيأتي ذلك الزمان؟ هيهات.. هيهات.

سأجول مع همومي وأحزاني حتى المحشر

فهذه أقدارنا نتحملها.. أيها الحبيب!

عبدالمجيد»


وفي نهاية المخطوط ما ترجمته:

«إن هذه الرسالة الموسومة بـ«تعليقات» هي ما كتبه بديع الزمان سعيد الكردي من حواشٍ على كتاب «برهان كلنبوي» ودوّنها أحبُّ طلابه اليه والملازمُ له في الدرس الملا حبيب، فسجل هذه التقريرات من بديع الزمان على صورة حواشٍ وهوامش.. كان ذلك في سنة 1329هـ ثم اندلعت الحرب العالمية الأولى وذهب بديع الزمان والملا حبيب كواعظين مع فرقة «وان» إلى جبهة القتال في «أرضروم»، وعادا معًا بعد عام وقد احتُلت «وان» من قبل الأرمن، فانسحبنا إلى قضاء «كواش» واستشهد الملا حبيب هناك، فحملتُ الرسالة التي خطها طوال سني الهجرات من مدينة إلى أخرى ومن قصبة إلى أخرى حتى حللنا في مدينة «ملاطية» سنة 1940 ومن هناك مفتيًا في قضاء «أُوركُوب».

كانت الرسالة أوراقًا متفرقة فجمّعتها وجلّدتها، على أمل أن يأتي زمان ويُبعث العلم والدين من جديد، ويظهر في الميدان أناس يقرؤون أمثال هذه الرسائل. وعندئذٍ يقدَّر قدرُها ويُعلم ما فيها من فكر عميق وذكاء نافذ. ولكن هيهات.. فلا ذاك الزمان يأتي، ولا أولئك القراء يظهرون. والسلام..

عبدالمجيد1951»