مقتطفاتٌ من كتاب:

«شهادةُ مدرستَي المصيبة»

أو:

«سعيد النُّورْسِيّ والمحكمة العسكرية العرفية»

 

باسمه سبحانه

وإن من شيء إلا يسبح بحمده

مقدمة:

حين كانت الحريَّة تُقرَن بالجنون، جَعَلَ الاستبدادُ الضعيفُ مشفى المجانين مدرسةً لي.

وحين التبسَ الاعتـدال والاسـتقامـة بالرجعية، جَعَـلَ الاستبدادُ الشديـدُ للمَشْرُوطِيّة السجنَ مدرسةً لي.

أيها السادة المتمعِّنون في شهادتي: لطفًا، أرسلوا أرواحكم وأخيِلَتَكم ضيوفًا إلى جسدٍ ودماغٍ مضطربَيْن لطالبٍ بدويٍّ عصبيٍّ حديثِ عهدٍ بالمدنيَّة الحديثة، لئلا تَزِلُّوا بالتخطئة!

لقد قلتُ في المحكمة العسكرية العرفية في «حادثة الحادي والثلاثين من مارت»: أنا طالبُ علم، ولهذا أَزِنُ كلَّ شيءٍ بميزان الشريعة؛ وأعتبر الإسلام وحدَه هو قوميَّتَنا، ولهذا أحاكم كلَّ شيء بمنظاره.

إنني في اللحظة التي أقف فيها بباب عالَم البرزخ المسمَّى بالسجن، منتظرًا القطار المتَّجه إلى الآخرة، في المحطة المسمَّاة بالمشنقة، أتوجه بخطابي لا إليكم فحسب، بل إلى النوع البشري كلِّه، منتقدًا أحوال المجتمع البشري التي لا تَرحم؛ فلأجل هذا، وبسرِّ آية: