96

فمحَوتُموها مشكورين؛ وليَ الآن حياةٌ ضعيفةٌ سئمتُها، فليهلكْني الله إن تشَبَّثْتُ بها خوفًا من الإعدام؛ ولستُ رجلًا إنْ لم أمضِ إلى الموت مبتسمًا، ألا إنَّ إدانتي وتجريمي صورةً سيؤدي إلى إدانتكم وتجريمكم وجدانًا، وليس في هذا الأمر ما يضرني، بل هو شرفٌ لي؛ لكنكم ألحقتم الضرر بالأمة؛ إذْ قضيتم على التأثير الموجود في نُصحي، ثم ألحقتم الضرر بأنفسكم ثانيًا، إذْ صرتُ حجةً قطعيةً بيد خصومكم.

لقد وضعتموني على المِحَكِّ، فلو وضعتُم على المِحَكِّ الأشخاصَ الذين تسمُّونهم الفرقةَ الخاصة [هي مجموعةٌ من الأفراد كانوا يشكِّلون طبقة النخبة والصفِّ الأول في جمعية الاتحاد والترقي؛ هـ ت] فكم رجلًا منهم سيبقى سليمًا يا ترى؟!

ألا إنه إن كانت المَشْرُوطِيّة عبارةً عن استبدادِ فئةٍ وعملٍ بخلاف الشريعة، فليشهد الثَّقَلان أني مرتجِع؛ [أي رجعيٌّ متخلِّف؛ هـ ت.] لأن الاتحادَ المبنيَّ على الكذب كذبٌ، واسمَ المَشْرُوطِيّة المؤسَّسة على الإفساد فاسد، أما مُسمّاها فسيبقى أبدًا مبنيًّا على الحق والصدق ورفع الامتيازات.

…….

إن الصاعقة الشديدة والعاصفة الرهيبة المسمَّاة «حادثة الحادي والثلاثين من مارت» قد هيَّأت استعدادًا طبيعيًّا للهَرْج والمَرْج بفعل أسبابٍ عدة، إلا أنه ورد على لسان القائمين بها اسمُ الشريعة المُظْهِرُ للمعجِزات على الدوام، وما ذاك إلا من الله سبحانه؛ وبما أن اسم الشريعة هذا قد جعل تلك العاصفة تمرُّ بسلام، فإنه يُدين -أمام الله- الصُّحُف التي أطلقتْ لسانَها بالسوء بعد منتصف نيسان؛ وإذا أُخِذَ بعين الاعتبار كلٌّ من المسائلِ السبع التي أفضتْ إلى هذه الحادثة مع الأحوالِ السبع حينئذٍ، ظهرتِ الحقيقة؛ وتلك المسائل والأحوال هي:

1. أنها كانتْ حركةً متوجِّهةً بتسعين في المئة منها ضد الاتحاد والترقي، وضد تسلُّطهم واستبدادهم.