100

السؤال الحادي عشر: الجميعُ يَحلِفون باسم المَشْرُوطِيّة، والحال أنهم إما معارضون لمسمَّاها أو ساكتون عن معارضيها، أفلا تلزمهم إذًا كفارة اليمين؟! ألا يكون الشعب عندئذٍ كاذبًا؟! ألا يُعَدُّ حينَها الرأيُ العام البريء كاذبًا مختلَّ العقل فاقدَ التمييز؟!

الحاصل: إن الوضع السائد اليوم هو تسلُّطٌ واستبدادٌ شديد، بسبب تفشي الجهل، وكأن الاستبداد والتجسس على الرعية قد تناسخا، والظاهرُ أن المقصَد لم يكن استعادةَ الحريَّة من السلطان عبد الحميد، بل تحويلَ الاستبداد الخفيف القليل إلى استبدادٍ شديدٍ كثير.

نصفُ السؤال: أرأيتم لو أن شخصًا نحيل البدن رقيق الحسِّ، لم يتحمَّل لَسْعَ البعوض والنحل، فراح يدفعُها عن نفسه ببالغِ المشقَّة والاضطراب، فقال أحدهم: ليس مقصَد هذا الرجل أن يدفع البعوض أو النحل عن نفسه، وإنما غرضُه أن يوقظ أسدًا ضاريًا ليسلِّطه على نفسه؛ فأيُّ أحمقَ سينخدع بهذا القول يا تُرى؟!

لا إِذْنَ بالإفصاح عن نصف السؤال الآخر.

…….

أيها الباشاوات والضباط..

إنني أقول بكل قوتي: أنا مُصِرٌّ غايةَ الإصرار على جميع الحقائق التي في جميع مقالاتي المنشورة في الصُّحُف؛ ولو دُعيتُ من قِبَل محكمةِ «عصرِ السعادة» في الزمان الماضي باسم عدالة الشريعة، لأبرزْتُ الحقائقَ التي نشرتُها بعينها، وأقصى ما سأفعله حينئذٍ هو أن أُلبسَها زِيًّا يوافق ضرورات ذلك الزمان؛ ولو استُدْعيْتُ مِن قِبَل المستقبل بعد ثلاثمئة سنةٍ بمذكِّرةِ استدعاءِ التاريخ إلى محكمة العقلاء الناقدين، لأظهرتُ كذلك هذه الحقائق غضَّةً طريَّةً مع رَتْقِ ما انفتقَ بالتوسُّع والانبساط؛ أي إن الحقيقة لا تتحوَّل.. الحقيقة هي الحق، والحق يَعلو ولا يُعلى عليه.