80

قلتُ: أيها الضباط والباشوات.. هذا مجمل الجرائم التي اقتضتْ سَجني:

إذا محاســـــــنيَ الـــــــــلاتي أُدِلُّ بهــــــــــا

كانت ذنوبي؛ فقل لي كيف أعتذرُ؟!

أقول بدايةً: إن ذا الرجولة يترفَّعَ عن ارتكاب الجريمة، وإن اتُّهِمَ بها لم يَخَفِ العقاب.. أَلَا إنني إنْ أُعْدِمتُ ظلمًا نِلْتُ أجرَ شهيدَين، وإن بَقِيْتُ في السجن كان السجنُ خيرَ مكانٍ أستريح فيه من حكومةٍ قمعيَّةٍ ليس لها من الحريَّة سوى لفظِها.. فموتُ المرءِ مظلومًا خيرٌ من عيشه ظالمًا.

وأقول أيضًا: إن بعض مَن اتخذوا السياسة أداةً للإلحاد واللَّادينية يسترون مساوئهم باتهام الآخرين بالرجعية، وباتخاذِ الدينِ أداةً للسياسة.

وإن عناصر المخابرات اليوم أسوأ من نُظَرائهم بالأمس، فكيف يُعْتَمَد على ولاء هؤلاء؟! وكيف تُبنى العدالة على أقوالهم؟!

ثم إن المرء عندما يقيم العدالةَ بالجَرْبَزَة [الجَرْبَزَة كلمةٌ معرَّبة معناها الخِداع والخُبْث؛ هـ ت] يقع في الظلم لا محالة؛ ذلك أنه لا يخلو أحدٌ من عيبٍ أو نقص، إلا أن تتبُّع النقائص والعيوب بالجربزة وجمعَها بالرغم من تفرُّقِها في أزمانٍ متباعدة، وصدورِها من أفرادٍ كثيرين، ووقوعِها بين محاسن جمَّة تسترها، إنما يؤدي إلى توهُّمِ صدورها من شخصٍ واحدٍ في زمانٍ واحد، وإلى اعتبارِه مستحقًّا للعقاب الشديد؛ والحال أن هذا الأسلوب هو نفسُه ظلمٌ شديد.

فَلْنأتِ الآن على ذِكْرِ جرائمي البالغةِ إحدى عشْرة جريمةً ونصفًا [ذُكِرَت هنا الفقرات التي تخص مسلكَ المؤلِّف ومشربَه، فمن أراد التفصيل فليراجع رسالتَه المسماة: «شهادة مدرستَي المصيبة»؛ المُعِدّون]: