83

لقد ارتكبتُ جريمةً إذًا حين قوَّمتُ علاقةَ هؤلاء بالسلطان، وتسبَّبتُ بإعلانِ حربٍ اقتصاديةٍ على أوربا مع المقاطعين لها، فنزلتْ بي هذه المصيبة.

الجريمة الرابعة:

لقد ساءني أيَّما إساءةٍ ظَنُّ أوربا أن الشريعة تُواتي الاستبداد، حاشا وكلا، وساعَدَها على ظنِّها هذا ما نحن فيه من جهلٍ وتعصُّب؛ ولقد رحَّبتُ بالمَشْرُوطِيّة باسم الشريعة أكثرَ مما رحَّب بها غيري لأُكذِّب ذلك الظن، إلا أنني خشيتُ أن يصدِّقه استبدادٌ آخرُ من جديد، لذا هتفتُ بكل ما أوتيت من قوةٍ مخاطبًا النواب في مسجد «أيا صوفيا»:

خذوا المَشْرُوطِيّة ولقِّنوها على أنها عنوان المشروعية، لئلا يأتيَ استبدادٌ جديدٌ خفيٌّ لادينيّ، فيلوِّثَ طُهرَها بيديه القذرتين، ويتخذَها مَطيَّةً لغاياته؛ وقيِّدوا الحريةَ بآداب الشريعة، لأنه إنْ تُرك الجَهَلةُ وعوامُّ الناس أحرارًا بلا قيد، طُلقاءَ بلا شرط، جنحوا إلى الهوى والرذيلة والمعصية؛ ولْتكنِ المذاهبُ الأربعة قِبلتَكم في صلاة العدالة لتَصِحَّ.

فبما أنني ادَّعيتُ إمكانية استنباط حقائق المَشْرُوطِيّة صراحة وضمنًا وإذنًا من المذاهب الأربعة، إذًا فقد حَمَلتُ على عاتقي أنا طالبَ العلم البسيط مهمةً مفروضةً على العلماء، ما يعني أنني ارتكبت جريمةً، فتلقيتُ هذه الصفعة.

الجريمة الخامسة:

لقد صَدَمتِ الصُّحُفُ الأخلاقَ الإسلاميةَ وشوَّشتِ الرأيَ العام بمنشوراتٍ تقوم على قياسَين فاسدَين، وتتضمن طعنًا في الكرامة، فنشرتُ في الصُّحُف مقالاتٍ تفنِّدها قلتُ فيها:

أيها الصُّحُفيون، يجب على الأدباء أن يكونوا مؤدَّبين، وأن يتأدبوا كذلك بالآداب الإسلامية، ويجب أن تَصدُر كلماتهم من القلب العام المشترك للأمة دون تحيز، وأن