84

يكون الشعور الديني والنية الخالصة في ضمائركم هو الناظم لقانون المطبوعات؛ والحال أنكم أجريتم قياسَين فاسدَين: قياس أرياف البلاد باسطنبول، وقياس اسطنبول بأوربا، فشَوَّشتم الرأي العام وأوقعتموه في متاهة، وهيجتم مشاعرَ الانتقام والمصلحة الفردية؛ فكما أنه لا يُعطى طفلٌ يجهل مبادئ القراءة درسًا في الفلسفة الطبيعية، وكما لا يليق بالرجل أن يرتدي ثياب فنانة، فكذلك لا ينبغي أن تُطَبَّق مشاعرُ أوروبا في اسطنبول.

إن اختلاف الأقوام وتباين الأماكن والأقطار هو كاختلاف الأزمان والأعصار، فلباس أحدهم لا يناسب الآخر؛ والثورة الفرنسية الكبرى لا يمكن أن تكون دستورَ حركةٍ لنا بحالٍ من الأحوال، وإنما يأتي الخطأ من تطبيق النظريات مع إغفال مقتضى الحال.

إنني رجلٌ قَرويٌّ أمِّيٌّ، نصحتُ محرِّري صحفٍ مخادعين مغالطين حاقدين، إذًا لقد ارتكبت جريمة.

الجريمة السادسة:

استشعرتُ مراتٍ عديدةً أثناء الاجتماعات الكبيرة ما يَعْتَمِلُ في صدور الناس من توترٍ وهيجانٍ، وخشيتُ أن يُخلَّ العوامُّ بالأمن بتدخلهم في أمور السياسة، فهدَّأتُ التوتُّر بكلماتٍ تناسب طالبَ علمٍ قَرويًّا حديثَ عهدٍ باللغة التركية.

فعلى سبيل المثال احتويتُ الانفعالات وهدَّأتُ المشاعر نوعًا ما في اجتماع الطلاب بمسجد «بايزيد»، وفي حفل المولد النبوي بمسجد «أيا صوفيا»، وفي «مسرح فَرَح»، ولولا ذلك لثارتْ عاصفةٌ أخرى.

إنني رجلٌ بدويٌّ تدخَّلتُ في شؤون المدنيين مع علمي بمكائدهم، إذًا لقد أجرمت.