36

ومن هنا فإن ما أوردناه آنفًا ينبغي أن يكون عاملًا مهمًّا يدفع لنشر ما كُتب بحق بديع الزمان ورسائل النور من تقدير وتقريظ، وأن يستمر الأمر على هذا المنوال دون انقطاع، وألا تُوَجَّه إليه أصابعُ الانتقاد؛ علمًا بأن الذين أمعنوا النظر في سيرة هذا الرجل وفي مؤلفاته لم يملكوا سوى الثناء والتبريك بكمال التقدير .

ولقد جرى مثلُ هذا على نحوٍ خاص مع لجان الخبراء وهيئات المحاكم التي سيق إليها الأستاذ لإدانته، فإنهم بعدما نظروا في سيرته ودققوا في مؤلفاته، صدَّقوا بما هو مشاهَدٌ فيها من الحُسْن والكمالات، وهذا يؤكِّد ما صرَّح به أذكى أبناء الأمة وأبعدهم نظرًا، وما صرَّح به كذلك أهل العقول والقلوب بحق النُّورْسِيّ ورسائل النور، إذْ اعتبروا الأمر ظهورًا لحقيقةٍ كبرى بدأت منذ نصف قرن، وما تزال مستمرةً تكتسب العمومية والشمول يومًا بعد يوم.

سؤال: ما دام الله تعالى عليمًا، وعلمه وثناؤه كافيَيْنِ، وما دام الأكابر من أهل الكمال يُؤثرون الخفاء دائمًا، وما دامت الحقائق ستُنْشَر بكل جلاءٍ في عالم البقاء؛ فلماذا الإطناب في ذكر مزايا رسائل النور وما نالته من عنايةٍ وإكرامٍ إلهيَّيْن؟! ولماذا الحديث عن الكمالات والتوفيقات العجيبة التي حظي بها سعيد النُّورْسِيّ في أثناء خدمته القرآنية؟! ثم لماذا تنشر؟ حتى لقد أُلحِقت تقريظاتٌ كهذه بالعديد من مؤلفاته العلمية!!

الجواب: تُقدِّم رسائلُ النور إجاباتٍ واضحةً على هذا السؤال، خلاصةُ إحداها: أن الخدمة التي أداها بديع الزمان عبر رسائل النور إنما هي خدمةٌ لحساب القرآن الكريم لا غير، وأن تلك المزايا والإكرامات ونحوِها إنما تُذكَر نشرًا لحقائق الإيمان، وشدًّا لأزر المسلمين، وتقويةً لإيمانهم، وبالتالي إعلاءً لدين الإسلام، وصَدًّا لهجمات الإفساد التي يشنها أعداؤه، وغرسًا للقناعة القطعية عند كلِّ إنسان، وإعلانًا للعالَم أجمع أن دين الإسلام هو خلاصة الكمالات المادية والمعنوية وزبدتُها بين بني البشر.