27
وما يثير الإعجاب في الأمر أنه تناولَ أهم المسائل المستعصية التي تاهَ كثيرٌ من العلماء في مسالكها المحفوفة بالمخاطر، فحَلَّها بصورةٍ قطعيةٍ وبأسلوبٍ في غايةِ الوضوح، متَّبعًا الطريق النيّر لأهل السنة والجماعة في الخروج من أكثر الطرق التواءً، إلى أن بلغ -ومعه قُرَّاءُ رسائله كذلك- شاطئَ السلامة وبرَّ الأمان.
ومن هذا المنطلق نتشرّف بتقديم كليات رسائل النور لسائر طبقات مجتمعنا الكريم بخالص المودَّةِ والطمأنينة؛ إذْ هي قطراتٌ متلألئةٌ من بحرِ نورِ القرآن الكريم، وأطيافٌ ساطعةٌ تبلورَتْ من شمس هدايته؛ ولهذا فإن أقدس وظيفةٍ ملقاةٍ على عاتق كلِّ مسلم هي أن يسعى لنشر هذه المؤلفات النورانية التي تنقذ الإيمان؛ وإن التاريخ حافلٌ بأمثلةٍ تَشهَد بأن كتابًا واحدًا كان سببَ الهدايةِ والسعادةِ لأفرادٍ كُثْر، بل لأُسَرٍ وجماعاتٍ وجماهيرَ لا تُحصى؛ فيالَسعادة مَن يكون سببًا في إنقاذ إيمان أخيه المؤمن!

 فِـكــرُه :

من المعلوم أنّ لكل مفكِّرٍ نظامَ تفكيرٍ خاصًّا به، وغايةً يسعى إليها في حياته الفكرية، ومثلًا أعلى يملك عليه كيانَه؛ وإذا كان البحث في هذه الجوانب لدى بديع الزمان تستغرقه مقدِّماتٌ طِوالَ، إلا أنه ليس من العسير استخلاص تلك المقدمات في جملةٍ واحدة هي:
إعلان الدعوةِ الوحيدةِ لعموم الأنبياء وجميع الكتب السماوية، ألا وهي: أُلوهيةُ خالق الكائنات ووحدانيتُه؛ وإثباتُ هذه الدعوة العظيمة بالدلائل العلمية والمنطقية والفلسفية.
هل يعني هذا أن للأستاذ علاقةً بالمنطق والفلسفة والعلوم الطبيعية؟
نعم.. ما دام المنطق والفلسفة متصالحَين مع القرآن، ويخدمان الحق والحقيقة، فالأستاذ أكبر منطقيٍّ وأقدر فيلسوف؛ وما الأدلة الساطعة والبراهين القاطعة التي