76

لابد أن تكون القوة في القانون، وإلا عَمَّ الاستبداد؛ ولابد أن يكون الحاكمُ على كلِّ ضمير والآمرُ لكلِّ وجدان: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج:40]، ولا يتحقق هذا إلا بالمعرفة التامَّة والمدنيَّة العامَّة، أو تحت عنوان الدين الإسلامي، وإلا كان الاستبداد هو الحاكم أبدًا؛ فالاتفاق إنما يكون في الهدى، لا في المزاج والهوى.

لقد صار الناس أحرارًا، لكنهم ما زالوا عبيدًا لله.

كل شيء قد تحرَّر، وما ينبغي لعيبِ امرئٍ أن يكون مُستَنَدًا أو عذرًا لامرئٍ آخر.

اليأس مانعٌ من كلِّ كمال.

ميراث الاستبداد: «وما شأني؟! فليفكر في الأمر غيري».

…….

بديع الزمان

***

وجَرَتْ له ذات مرةٍ في «سيلانيك» محاورةٌ مع «كَراصّو» كبيرِ حاخامات اسطنبول، فلم يُتِمَّ «كَراصّو» اللقاء، بل قاطعه وغادر مسرعًا، وقال لأصحابه وقد بدتْ عليه علائم الاضطراب والارتباك: لو بقيتُ معه مزيدًا من الوقت لأدخلني في الإسلام!!

هذا مع أن «كَراصّو» كان عضوًا بارزًا في منظَّمةٍ سريَّةٍ تعمل لتفتيت الدولة العثمانية، وكان غرضُه من اللقاء ببديع الزمان أن يستميلَه إلى صفه ويجعله أداة لغايته الخبيثة، ولكن هيهات!!

***