107

المعشوقةُ لكلِّ روح، الكفءُ لجوهرِ الإنسانية، فهي التي تخدَّرتْ [الخِدْر السِّتر الذي يُجعَل للمرأة في ناحية البيت؛ هـ ت] في قصرِ سعادةِ المدنيَّة، وتزيَّنَتْ بحُلَلِ المعرفةِ والفضيلة والتربية الإسلامية.

…….

س: كيف كانت الحريَّةُ خاصِّيةَ الإيمان؟

ج: لأنه كما مَنَعَتْ عِزةُ الإيمان وشهامتُه مَن كان -برابطة الإيمان- خادمًا لسلطانِ الكائنات مِن أن ينحَطَّ بالتذلُّل لغيره، ومِن أن يَدخُل تحت استبدادِ غيرِه وتحكُّمه، فكذلك تحجُزُه شَفَقَتُه الإيمانيَّة عن التعدِّي على حقوق الآخرين وحريَّاتهم.

أجل، إن مَن كان خادمًا مُخْلِصًا للسلطان، لم يتذلَّل لتسلُّط راعٍ، ولم يتنزَّل للتسلُّط على مسكينٍ لا حول له ولا قوة؛ إذًا فعلى قدرِ كمالِ الإيمان تتلألأُ الحريَّة؛ ودونكُم عصرَ السعادة وخير القرون.

…….

س: كيف نكون أحرارًا إزاء شخصٍ عظيمٍ، أو وليٍّ، أو شيخٍ، أو عالِمٍ كبير؟ فإن هؤلاء -لِما لهم من المزايا- من حقِّهم أن يتحكَّموا بنا، ونحن أسرى فضائلهم.

ج: إن شأن الولايةِ والمشيَخةِ والعَظَمَةِ التواضعُ والفناءُ عن النفس لا التكبُّر والتحكُّم؛ وعلى هذا فالمتكبِّر صبيٌّ متشيِّخ، فلا يكنْ في عُرفكم كبيرًا.

…….

س: هيهات!! ما القولُ وقد فغَرَتْ تلك الثعابين الرهيبة أفواهها تبغي تمزيق دولتنا، وتسميمَ جوانب حياتنا؛ وتَقلِبُ أملَنا العُلْويَّ الذي يمنحنا السُّلوانَ يأسًا؟!

ج: لاتخافوا؛ لقد أخذت المدنيَّةُ والفضيلةُ والحريَّةُ تَقرَعُ بابَ عالَم الإنسانية غالبةً تَثقُل كِفَّتُها؛ فلا بدَّ أن تَخِفَّ كِفَّةُ الميزان الأخرى شيئًا فشيئًا.