185
رفع عقيرتَه بغناءٍ هابطٍ ماجنٍ فاحشٍ، وراح يرقص ويقفز، فإنه سيُضحِك الصبيان الأشقياء، وسينال إعجابَ الأراذل السفهاء، لتشجيعه إياهم على الفحشاء، وسيرسم على وجوه أولئك الأجانب بسمة استهزاء، إذْ يُسَرُّون برؤيةِ معايب في الإسلام، لكنه سيجلب لنفسه نظرات الكراهية والازدراء من جميع أفراد تلك الجماعة العظيمة المباركة، وسيكون في نظرهم خسيسًا منحطًا إلى دركة أسفل سافلين.
وعلى غِرار هذا المثال فالعالَم الإسلامي وآسيا مسجدٌ عظيم، وأهل الإيمان وأهل الحقيقة فيهما هم الجماعة المحترَمة في ذلك المسجد، أما أولئك الصبيان الأشقياء فهم المتملِّقون المتزلِّفون ذوو العقول الصبيانية، وأما الأراذل السفهاء فهم المتفرنجون التافهون الذين لا دين لهم ولا انتماء، وأما المتفرِّجون الأجانب فهم الصُّحُفيُّون الذين ينشرون أفكار الأجانب.
فلكلِّ مسلمٍ موقعُه في هذا المسجد، لا سيما إن كان من أهل الفضل والكمال، وهو يتبوَّأ موقعَه ويَبرُز وتتوجه إليه الأنظار كلٌّ بحسب درجته، فإذا صدرتْ منه الأعمال والتصرفات مستندةً إلى الحقائق القدسية والأحكام المتلقَّاة من دروس القرآن الحكيم، متوجهةً للرضا الإلهي على وجه الإخلاص الذي هو سرُّ الإسلام، وقرأ معنى الآيات القرآنية بلسان حاله، دخل في دعاء: «اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات» الذي هو وِردُ كلِّ فردٍ في العالَم الإسلامي، وكان له سهمٌ فيه، وكانت له علاقة أُخوَّةٍ مع الجميع، لكنْ لا يَعرِف قيمةَ هذا الشخص أهلُ الضلالة الذين هم نوعٌ من الحيوانات الضارة، ولا بعض الحمقى الذين هم أشبه بصبيانٍ مُلْتحين.
أما إن تخلَّى هذا الرجل عن أجداده الذين عَرَفهم رمزًا للشرف، وأعرض عن أسلافه الذين عَهِدَهم مَبعَثًا للفخر، وحادَ عن الجادة النورانية للسلف الصالح الذين يَعُدُّهم نقطة استنادٍ روحيٍّ، وتصرَّف وفقًا لما تمليه عليه أهواؤه وأمانيه مبتدعًا طالبًا