175

وَجَّهتْ «حكومة أنقرة» [تَشكَّلَتْ «حكومة أنقرة» على يد مجموعةٍ من الضباط والعسكريين بعد وقوع اسطنبول مقرِّ الخلافة تحت الاحتلال الإنكليزي؛ هـ ت] دعوةً لبديعِ الزمان للمجيء إلى أنقرة تقديرًا لمكانته، وتثمينًا لخدماته الجليلة الموفَّقة التي قام بها في اسطنبول، والتي عادت على الشعب التركي بمنافع جمَّةٍ، وقد وجَّه إليه «مصطفى كمال باشا» [المقصود أتاتورك، وقد ترأس المجلس النيابي الذي تشكل في تلك المرحلة؛ هـ ت] الدعوةَ برقيًّا، إلا أنه أجاب: «أريد أن أجاهد في المناطق الخطرة، ولا تعجبني المجاهدة من وراء الخنادق، إنني أرى الخطر المُحدِقَ هنا أشدَّ منه في الأناضول».

وُجِّهت إليه الدعوة برقيًّا ثلاث مرات، وقرر في النهاية المجيءَ إلى أنقرة إجابةً للدعوة التي وجَّهها إليه صديقه «تحسين بك» عضو مجلس الشعب ووالي «وان» السابق؛ ومع أنه استُقبِل في أنقرة بحفاوةٍ بالغةٍ، إلا أنه لم يجد فيها الوسط الذي كان يؤمِّل أن يراه، فحَوَّل مكان إقامته إلى جوار جامع «حاجي بَيْرَم».

وكان مما ساءَه لدى مجيئه إلى أنقرة أنه شاهدَ من أعضاء مجلس الشعب إهمالًا للدين بحجة تقليد الغرب، وفتورًا تجاه شعائر الإسلام التي هي من المفاخر التاريخية للشعب التركي، فوجَّه إليهم بيانًا يوضِّح لهم فيه أهميةَ التزامهم بالعبادة لا سيما الصلاة، ويؤكِّد وجوبَ ذلك عليهم، وقد تلا «كاظم قره بكر باشا» البيانَ على «مصطفى كمال»، ونَصُّه ما يلي: