167

وأما هدفها: فالفضيلةُ بدلًا من المصلحة، وشأنها: المحبة والتجاذب.

وأما جهة الوحدة فيها: فرابطةُ الدِّين والوطن والطبقة، بدلًا من القومية والعنصرية، وشأنها: الأُخوَّة الخالصة، والمسالمة، والدفاع ضد العدوان الخارجي.

أما دستورها في الحياة: فالتعاونُ بدلًا من الصراع، وشأنه: الاتحاد والتساند.

ثم الهدى بدلًا من الهوى، وشأنه: رقيُّ الإنسانية، وتَكَمُّلُ الروح، لأنه يَحُدُّ من سطوة الهوى، ويُلبِّي مشاعرَ الروح الساميةَ بدلًا من تسهيلِ رغبات النفس الدنيئة.

إذًا لقد التحقنا نتيجة هذه الهزيمة بالتيار الثاني الذي هو تيار المظلومين والأكثرية، [يقصد معظم شعوب العالَم بعد الحرب العالَمية الأولى؛ هـ ت] فإذا كانت نسبةُ المظلومين والفقراء عند غيرنا ثمانين بالمئة، فإن نسبتَهم عندنا نحن المسلمين تسعون بالمئة، بل خمسٌ وتسعون.

وإنَّه إنْ بقي موقفُ العالَم الإسلامي تجاه هذا التيار الثاني المعارضةَ أو اللامبالاة، بدلًا من التصرُّف بعقلانيةٍ لتحويله إلى نهجٍ إسلاميٍّ يخدمه، فسيفضي به الأمر إلى أن يصير [يقصد العالَم الإسلامي؛ هـ ت] بغير سند، خائبَ المسعى، عرضةً للتحلُّل من جراء استيلاء ذلك التيار عليـه؛ إذْ إن عـدوَّ عدوي صديقي ما دام يعـاديه، كما أن صديق عـدوي عـدوي ما دام يُواليه.

إن مصالح هذين التيارين وأهدافَهما متضادة، فإذا قال أحدهما: مُتْ، قال الآخر: انبعث؛ فكما أن مصلحة أحدهما تستلزم أن نكون في ضررٍ واختلافٍ وضعفٍ وغفلة، فإن مصلحة الثاني تقتضي بالضرورة أن نقوى ونتَّحد.

لقد كانت خصومة الشرق [يقصد الخصومة بين شعوب الشرق الإسلامي وأبناء قارة آسيا عامةً؛ هـ ت] تعيق انبعاثَ الإسلام، وقد زالت، وينبغي أن تزول؛ وإن مخاصمة الغرب أشدُّ الأسباب تأثيرًا في تقويةِ الأُخوة والاتحاد بين أهل الإسلام، فينبغي أن تبقى.