128
فكما إذا ارتكبَ فردٌ من عشيرةٍ جنايةً صار جميعُ أفرادِها متَّهَمين وأعداءً بنظرِ عشيرةٍ أخرى معادية، كأنهم جميعًا جَنَوْا، فتغدو تلك الجنايةُ الواحدةُ بحكمِ آلافِ الجنايات؛ وكما إذا عمِل الفرد حسنةً مما تفتخر به العشيرة افتخرَ بها كلُّ أفرادها كأنَّهم جميعًا أحسنوا؛ فكذلك السيئةُ في هذا الزمان -خصوصًا بعد أربعين أو خمسين سنة- لا تقتصر على فاعلها، بل تتعدى إلى حقوق ملايين النفوس المسلمة، ولَسوف تَظهر أمثلةٌ كثيرةٌ على هذا بعد أربعين أو خمسين سنة.
أيها الإخوة الذين يسمعون كلماتي في هذا الجامع الأموي، ويا أيها الإخوان المسلمون في جامع العالَم الإسلامي بعد أربعين أو خمسين سنة: لا تعتذروا بالقول: «نحن لا نضر، ولا نقدر على النفع»؛ فعذركم هذا غير مقبول، وإنَّ تكاسُلَكم ولامبالاتِكم إذْ تقولون: وما شأننا؟! وتقاعسَكم عن العمل للاتحاد الإسلامي والوحدة الحقيقية للأمة الإسلامية لَضَرَرٌ عظيمٌ وظلمٌ بالغ.
فكما تتضاعف السيئة آلافًا، تتضاعف الحسنة كذلك في هذا الزمان؛ أعني الحسنةَ المتعلِّقةَ بقدسيَّة الإسلام، فلا تبقى مقتصرةً على صاحبها، بل تعود بالنفع معنويًّا على الملايين من أهل الإيمان، وتشُدُّ أزْرَ حياتهم الماديةِ والمعنويَّة؛ وبناءً على هذا فليس الزمانُ زمانَ الاستلقاء على فراش الكسل، وترديد مقولة: «وما شأني؟!».
إخوتي في هذا الجامع، وإخواني في مسجد العالَم الإسلامي الكبير بعد أربعين أو خمسين سنة.. لا تظنوا أني رَقِيتُ هذا المنبر لأوجِّه لكم النصيحة؛ بل ما رقِيتُه إلا لأطالِبكم بحقِّنا، فإن منافعَ الشعوب الصغيرة -كالكُرد- وسعادتَها الدنيوية والأخروية منوطةٌ بأمثالكم من الشعوب الكبيرة العظيمةِ الحاكمةِ المعلِّمةِ كالعرب والتُّرْك، وإننا بتكاسُلِكم وفتورِكم نتضرَّر -نحن إخوتكم الصِّغار من شعوبِ الإسلام- أيَّما ضرر.
يا معاشر العرب العظماء الأماجد.. يا مَن أخذتم الحظ الأوفر من اليقظة أو ستأخذون.. أنتم أول من أخاطبهم بهذه الكلمات، إذْ كنتم أساتذتَنا وأئمتَنا وأساتذةَ