137
فيا تُرى كيف ساغَ للبشر في هذا العصر، وقد شَعَروا بحاجتهم الماسَّة إلى القوة المعنوية وإلى السُّلوان والثبات، أن يتركوا الإسلامَ والحقائقَ الإيمانية التي هي نقطة الاستناد الكفيلة بتحقيق القوة والسُّلوان والسعادة في هذا الزمان؛ ويعمدوا إلى الضلالة واللهو والمجون والسياسة الكاذبة المُحطِّمةِ لجميع قواهم المعنويَّة، المبدِّدة لسُلوانهم، المزعزعةِ لثباتِهم، فيتخذوها -باسم التغريب- ركنًا ومرتكزًا بدلًا من أن يستفيدوا من القوميَّة الإسلاميَّة!! ما أبعد فِعلَهم هذا عن المصلحة البشرية والمنفعة الإنسانية!!
ألا إنه عما قريب سيتنبَّه البشرُ وسيشعرون وفي مقدمتهم المسلمون، وسيتمسَّكون بحقائق القرآن إنْ بقي للدنيا من عُمُرِها بقيَّة».
***
وفي ذلك الحين قُدِّم مشروعٌ لإنشاء جامعةٍ علميَّةٍ إسلاميَّةٍ كبرى في «كوسوفو»، فقال عندئذٍ للاتحاديين والسلطان «رشاد»: «إن شرقيَّ الأناضول أحْوَجُ إلى جامعةٍ كهذه، إذْ هو بمثابةِ مركزٍ للعالَم الإسلامي»، فوعدوه بافتتاح جامعةٍ هناك؛ إلا أنه مع اندلاع حرب البلقان لاحقًا وقعت «كوسوفو» تحت الاحتلال، فتقدَّم بديعُ الزمان بطلبِ منْحِ المبلغ المخصَّص لجامعتها -وقدرُه تسعةَ عشرَ ألفَ ليرةٍ ذهبيةٍ- لإنشاء الجامعة في الشرق، فقُبِل طلبُه.
توجَّه بديع الزمان إلى «وان» مرةً أخرى، ووضع حجر الأساس للجامعة في «أدْرَمِيْت» عند طرفِ بُحيرة «وان»؛ ولكن ما الحيلة؟ لقد توقَّف المشروع باندلاع الحرب العالمية الأولى؛ وكان المُلَّا سعيد قد أخبر طلابه من قبْلُ في شتاء ذلك العام بقوله: «استعدوا، فثمَّة كارثةٌ ومصيبةٌ كبرى تلوح في الأفق».

***