120
فأولُها وثانيها وثالثها: جهلُ الأجانب، وهَمَجِيَّتُهم في ذلك الزمان، وتعصُّبُهم لدينهم؛ وهذه الموانع الثلاثة آخذةٌ بالتحطُّم والتلاشي بفضلِ محاسنِ المدنيَّة والمعرفة.
ورابعُها وخامسُها: سلطةُ القساوسة والزعماء الروحيين وتحكُّمُهم، وتقليدُ الأجانب لهم تقليدًا أعمى؛ وهذان المانعان آخذان بالزوال أيضًا بسببِ بزوغِ فِكرِ الحرِّيَّة وميلِ البشرِ لتحرِّي الحقيقة.
وسادسُها وسابعُها: الاستبدادُ المتفشِّي فينا، وسوءُ أخلاقنا النابعُ من مخالفة الشريعة؛ وإنَّ زوالَ قوة الاستبداد الشخصي الفردي اليوم لَيشير إلى زوال استبدادِ الجماعات والمنظمات الرهيبِ بعد ثلاثين أو أربعين سنة؛ وإنه باندفاع الحميَّة الإسلامية، وبظهورِ العواقب الوخيمة لسوء الأخلاق، أخذ هذان المانعان في الزوال كذلك، وسيزولان زوالًا تامًّا إن شاء الله.
أما الثامن: فتوهُّم أنَّ بعضَ المسائل التي أثبتها العلم الحديث تُخالِف المعاني الظاهرية لحقائق الإسلام أو تُعارِضها، فقد وقف هذا سدًّا -بدرجةٍ ما- أمام غَلَبةِ الحقائق الإسلامية في الزمان الماضي.
فمثلًا: توهَّمَ أهلُ الفلسفة والعلومِ الحديثة أن الملَكَين الروحانيَّين الموكَّلَين بالأرضِ بأمرٍ إلهي -واسمُهما الحوت والثور- هما عبارةٌ عن سمكةٍ ضخمةٍ وثَورٍ هائلِ الحجم، ووَقَفوا من الإسلام موقف المعارِض لعدم معرفتهم بالحقيقة؛ وهناك مئاتُ الأمثلة من هذا القبيل تَضطرُّ أعتى الفلاسفة للتسليم بعد أن يقفوا على حقيقتها.
حتى إن رسائل النور قد عرَضَتْ في رسالةِ «المعجزات القرآنية» لكلِّ آيةٍ من الآيات التي اعترض عليها العلم، فكَشَفَتْ عما وراءَها من لمعةِ إعجازٍ قرآنيةٍ، وتناولَتْ كلَّ جُملةٍ وكلمةٍ من القرآن الكريم ظنَّها أهل العلوم الحديثة محلَّ انتقادٍ، فأظهرتْ فيها حقائقَ عاليةً لم تبلغها يد العلم، فألجأت أعتى الفلاسفة للتسليم؛ والرسالة في متناول يدِ