231

الإشارة الثانية:

جوابٌ على سؤالٍ يوجَّه على سبيل الانتقاد.

يقول أهل الدنيا: لماذا استأتَ منا وقاطعتَنا والتزمتَ الصمت فلم تراجعنا ولو مرةً واحدة؟! ثم رحتَ تشتكي منا شكايةً مريرةً قائلًا: أنتم تظلمونني!! والحال أن لنا مبادئنا ودساتيرنا الخاصة التي يقتضيها هذا العصر، وأنك لا تقبل تطبيقَها على نفسك؛ علمًا أن من يطبق القانون لا يُعدُّ ظالمًا، لكنَّ من لا يقبله يُعَدُّ مخالفًا له.

فمثلًا إننا في عصر الحرية هذا وفي عهد الجمهورية الذي دشَّنَّاه حديثًا، صار دستور رفع التحكم والتسلط -انطلاقًا من قاعدة المساواة- واحدًا من قوانيننا الأساسية، لكنك برغم ذلك تسعى للحصول على قوةٍ ومكانةٍ اجتماعيةٍ خارج نفوذ الدولة، من خلال العمل على كسب إقبال الناس ولفْتِ أنظارهم نحوك، تارةً بزيِّ العلم، وتارةً بإظهار الزهد، كما يُفهَم من ظاهر حالك ويَدلُّ عليه ماضي حياتك.

فهذا الأمر يمكن أن يكون مقبولًا في ظل استبداد السلطة البرجوازية بالتعبير الحديث، لكن لما كانتْ دساتير الاشتراكية والبلشفية التي ظهرتْ نتيجة صحوة طبقة العامة وغلبتهم هي الأوفقَ لحالنا فقد قبلناها وارتضيناها، ومن هنا كانت حالك تُحرِجنا وتخالف مبادئنا؛ لذا لا حق لك في الاستياء منا أو الشكاية من مضايقتنا لك.

الجواب: إن من يشقُّ طريقًا في حياة البشر الاجتماعية، لا يمكن أن يوفَّق في الخير والرقي ما لم يتحرك وفق القوانين الفطرية في الكون، بل تَصُبُّ جميعُ أعماله في حساب الشر والتخريب.

فما دام العمل وفق قانون الفطرة أمرًا لا بد منه، فلا سبيل لتطبيق قانون المساواة المطلقة إلا بتغيير فطرة البشر، ورفع الحكمة الأساسية في خلق النوع البشري.