245
السبب الثاني:
لما كان القرآن الحكيم مرشدَنا وأستاذَنا وإمامَنا، وكان في كل الآداب دليلَنا، وكان يثني على نفسه بنفسه، فإننا -اتباعًا لإرشاده- سنُثني على تفسيره كذلك.
ثم لما كانت «الكلمات» المؤلَّفةُ نوعًا من تفسير القرآن، وكانت الحقائق التي في هذه الرسائل حقائقَ القرآن ومُلكَه، ولما كان القرآن الحكيم في كثيرٍ من سُوَرِه ــ خصوصًا المفتَتَحةَ بـ﴿الر﴾ و﴿حم﴾ ــ يُعلِن عن نفسه بكمال العَظَمَة والجلال، ويذكر كمالاتِه ويُثني على نفسِه الثناءَ اللائق به؛ فلا شك أننا مكلَّفون بإظهار العنايات الربانية التي هي علامةٌ على قبول الخدمة، ولمعةٌ من لمعات إعجاز القرآن المنعكسة في «الكلمات»، إذْ هكذا هو منهجُ أستاذِنا وإرشادُه.
السبب الثالث:
إنني فيما يخص «الكلمات» أقول من باب بيان الحقيقة لا التواضع: إن الحقائق والكمالات التي فيها ليست بضاعتي، بل هي بضاعةُ القرآن ومِنه ترشَّحتْ، حتى إن «الكلمة العاشرة» ليستْ سوى قطراتٍ ترشحتْ من مئات الآيات القرآنية، وكذلك الأمر في سائر الرسائل.
فما دمتُ أعلم أن الأمر كذلك، وما دمتُ فانيًا راحلًا، فلا يجوز ولا ينبغي أن يُناطَ بي أمرٌ أو أثرٌ باقٍ؛ وما دام أهل الضلالة والطغيان قد درجوا على الطعن في مؤلِّفِ أيِّ كتابٍ لا يوافقهم ليحطُّوا من قيمة الكتاب نفسِه، فينبغي ألا يُعمَدَ إلى الرسائل المعلَّقةِ بنجومِ سماء القرآن، فتُعلَّق على عمودٍ متداعٍ مثلي قابلٍ للسقوط، وعُرضةٍ لورودِ كثيرٍ من الاعتراضات والانتقادات.
وإذا كانتْ مزايا كتابٍ ما تُتحرَّى بحسبِ عرف الناس في أحوالِ مؤلِّفه، ظنًّا منهم أنه منبعُ ذلك الخير ومصدرُه، وكان مِن ظُلمِ الحقيقة -وفقًا لهذا العرف- أن تُنسَب هذه