247

وما مدحتُ محمدًا بمقالتي ولكنْ مدحتُ مقالتي بمحمدٍ

[البيت لحسَّان بن ثابتٍ رضي الله عنه، وصدرُه: ما إِنْ مدحتُ محمدًا بمقالتي؛ هـ ت]
أقول:

وما مدحت القرآن بكلماتي ولكن مدحت كلماتي بالقرآن

أي: إني لم أُجمِّل حقائقَ إعجاز القرآن ولم أُظهِر جمالَها، وإنما حقائقُ القرآن الجميلةُ هي التي جمَّلتْ عباراتي ورفعتْ من شأنها.
فما دام الأمر كذلك، فإن إظهارَ محاسنِ مرايا القرآن المسماةِ بـ«الكلمات»، وإظهارَ ما ترتَّب عليها من العنايات الإلهية باسمِ جمالِ حقائقِ القرآن، إنما هو تحدثٌ بنعمةِ الله مقبول.
السبب الخامس:
سمعتُ من بعضِ أهل الولاية قبل زمنٍ بعيدٍ، أنه استنبط من الإشارات الغيبية للأولياء السابقين أنه سيَظهَر نورٌ في المستقبل من جهة الشرق، فيبدِّد ظلمات البِدع، وتحقَّقتْ لديه القناعة بهذا الأمر؛ ولطالما انتظرتُ ظهورَ نورٍ كهذا وما زلت أنتظر، لكن الأزهار إنما تأتي في الربيع، والمطلوبُ تهيئة الأرضية لمثل هذه الأزهار القدسية؛ ولقد أدركنا أننا بخدمتنا هذه نمهِّد السبيل لأولئك النورانيين الكرام.
فما دام بيان العنايات الإلهية عائدًا إلى أنوار «الكلمات» لا إلى أشخاصنا، فلا يمكن أن يكون مبعثَ فخرٍ وغرور، وإنما يكون مبعثَ حمدٍ وشكرٍ وتحدُّثٍ بالنعمة.
السبب السادس:
إن العنايات الربانية التي هي وسيلةُ ترغيبٍ ومكافأةٌ عاجلةٌ على الخدمة التي نؤديها للقرآن بتأليف «الكلمات» ما هي إلا توفيق؛ وشأنُ التوفيق أن يُبيَّن ويُعلَن عنه.