444

إلى الحقيقة على الجادَّة المحمَّديَّة الكبرى، الواصلين إلى الحق، البالغين عينَ اليقين، في ظلِّ المعراج الأحمديِّ -على صاحبهما الصلاة والسلام- دعَوه إلى رِحابِ زاويةِ إرشادٍ ومجلسِ ذكرٍ ورِباطٍ وتَكْيَةٍ قد بلغت الغاية في الفيوضات والأنوار، واتسَعَتْ سَعَةَ الصحارى بتلاحُقِ ما لا يُحَدّ من التكايا والزوايا الصغيرة.

فدخل، فرأى المرشدين من أهل الكشف والكرامات يعلنون للكائنات وجوبَ الوجود والوَحدةَ الربانية مردِّدين بالاتفاق والإجماع: لا إله إلا هو؛ استنادًا لكشفياتهم ومشاهداتهم وكراماتهم.

وكما تُعرَف الشمس بواسطةِ ألوانِ ضيائها السبعة، فقد شاهَدَ بعلمِ اليقين شدةَ ظهور وسطوع الحقيقةِ التي وقَّع عليها بالاتفاق والإجماع هؤلاء العباقرة القدسيُّون، والعارفون النورانيُّون، الموجودون في الطُّرُقِ الحقيقية المتغايرة، والمسالكِ القويمة المختلفة، والمشاربِ الحقِّ المتنوِّعة، ألوانًا وضَّاءةً متباينة، وأطيافًا نيِّرةً متعددة، تتجلَّى من ضياءِ الشمسِ الأزلي بسبعين لونًا، بل بعدد الأسماء الحسنى.

ورأى إجماعَ الأنبياء عليهم السلام، واتفاقَ الأصفياء، وتوافُقَ الأولياء، واتفاقَ هذه الإجماعات الثلاثة معًا، أسطعَ من ضياء النهار الدالِّ على الشمس.

وهكذا أشارت المرتبةُ العاشرةُ من المقام الأول إشارةً موجزةً إلى الفيضِ الذي ناله هذا الضيف من التَكْيَة، فذُكِر فيها:

لا إله إلا الله الذي دلَّ على وجوبِ وجوده في وَحدته إجماعُ الأولياء بكشفيَّاتهم وكراماتِهم الظاهرةِ المحقَّقة المصدَّقة.

ثم إن سيَّاحَ الدنيا هذا الذي عَرَف أنَّ أهمَّ الكمالات الإنسانية وأعظمَها، بل منبعَها وأساسَها إنما هي محبةُ الله الناشئةُ من معرفته والإيمانِ به، رفع رأسَه ونظر إلى السماوات مبتغيًا -بكل قواه ولطائفه- مزيدًا من الرقي في قوةِ الإيمان ورسوخِ المعرفة، فقال مخاطبًا عقلَه: