445

بما أن أثمنَ ما في الكون: الحياة، وموجوداتُ الكون مُسَخَّرةٌ لها..

وبما أن أثمنَ ذوي الحياة ذوو الأرواح..

وبما أن أثمن ذوي الأرواح ذوو الشعور..

وبما أن الكرة الأرضية -لأجل هذه القيمة- تُملأ وتُخلى على الدوام في كل سنةٍ وفي كلِّ قرنٍ، تكثيرًا لذوي الحياة..

فلا بدَّ إذًا أنْ يكون لهذه السماوات المَهيبة المزيَّنة أيضًا أهلُها وسُكَّانُها المناسبون لها من ذوي الحياة وذوي الأرواح وذوي الشعور؛ فقد نُقِلتْ منذ القديم رواياتٌ بدرجة التواتر عن حوادثِ رؤيةِ الملائكة ومكالمتهم، كحادثةِ تَمَثُّلِ جبريل عليه السلام ورؤية الصحابة له في مجلس النبي (ص)؛ [إشارة إلى حديث جبريل الذي رواه مسلم في صحيحه عن عمر رضي الله عنه، كتاب الإيمان، رقم 102؛ هـ ت] فيا ليتني أحظى بلقاء أهل السماوات فأعرفَ بمَ يفكرون، إذْ إنَّ أهمَّ قولٍ بحقِّ خالقِ الكون قولُهم؛وبينما هو مستغرقٌ في تفكيره هذا إذْ سَمِع صوتًا سماويًّا يقول له:

ما دمتَ تريد لقاءنا والإصغاء لدرسنا فاعلَمْ إذًا أننا أولُ من آمنَ بالمسائل الإيمانية التي جاءتْ بواسطتنا إلى جميع الأنبياء عليهم السلام، وفي مقدمتهم محمدٌ (ص) عبر القرآن المعجز البيان.

وأنَّ جميع الأرواح الطيِّبةِ منا المتمثِّلةِ المرئيَّةِ للناس، تَشهد بالاتفاق بلا استثناء على وجوبِ وجودِ خالقِ هذا الكون ووَحدتِه وصفاتِه القدسيَّة؛ وقد أخبرتْ بذلك إخباراتٍ يوافق كلُّ واحدٍ منها الآخر ويطابقه؛ فتوافُقُ هذه الإخبارات التي لا تُحَدُّ وتطابقُها دليلٌ لك كالشمس.

فعرَف قولَهم هذا، وسطع نورُ إيمانه حتى بلغَ السماوات.