458

ويُظهِرُ أُلوهيتَه بخلَّاقيةٍ وفعاليةٍ حكيمةٍ مدهشة، وبإجراءاتٍ وتصرفاتٍ عظيمةٍ مهيبةٍ، كتبديل الفصول وتحويل الليل والنهار واختلافهما، ليُتوجَّهَ إلى أُلوهيته بالإيمان والتسليم والانقياد والطاعة..

ويريد أن يُظهِر حقانيَّتَه وعدالتَه في كلِّ حينٍ بحمايته للخير والأخيار، ومَحْقِه للشرِّ والأشرار، وإهلاكه للظالمين والكاذبين بالصفعات السماوية..

فلا ريب ولا بد أنَّ أحبَّ مخلوقٍ لذلك الذات الغيبي، وأصدَقَ عبدٍ له، ومَن يَحُلُّ طِلْسِمَ خِلقةِ هذا الكون ويكشف مُعمَّاه بخدمته التامة لمقاصدِ خالقه المذكورة، ومَن هو دائم التحرُّك باسم خالقه، دائمُ الاستمداد منه، دائمُ الاستعانة به، ومَن هو مَظهَرُ إمداده وتوفيقه؛ سيكون ذلك السيدَ الكريمَ المسمَّى محمدًا القرشي (ص).

ثم قال السَّيَّاح لعقله: ما دامت هذه الحقائق التسعُ المذكورة تشهَد لصدقِ هذا السيد الكريم، فلا ريب أن يكون مدارَ شرف بني آدم، ومدارَ افتخار العالَم؛ وهو الجدير بأن يقال عنه: إنه فخرُ العالَم وشرفُ بني آدم؛ وإن هيمنة الدستور الرحماني الذي بيده -أعني القرآن المعجِزَ البيان- بعَظَمةِ سَلْطَنتِه المعنوية على شطر المعمورة،إضافةً لكمالاته الشخصية وخِصاله السامية لَيُظهِر أن أهمَّ شخصيةٍ في هذا العالَم هو هذا السيد الفريد، وأن أهمَّ قولٍ بحقِّ خالقنا قولُه (ص).

فتعالَ وانظر؛ لقد كانت غايةُ حياته وأساسُ دعوته الشهادةَ والدلالةَ على وجود واجب الوجود ووَحدته وصفاته وأسمائه، وإثباتَه وإعلانَه والإعلامَ به، استنادًا إلى قوةِ مئاتِ المعجزات القطعيَّة الظاهرة الباهرة، وآلافِ الحقائقِ العالية الراسخة التي يتضمنها دينُه.

إذًا، إن الشمسَ المعنويَّةَ لهذا الكون، وأسطعَ براهين خالقنا هو هذا السيد الكريم المدعوُّ حبيبَ الله، إذْ توجد ثلاثةُ إجماعاتٍ كبرى لا تَضِلُّ ولا تُضَلّ، تؤيِّدُ شهادتَه وتصدِّقها وتوقِّعُ عليها: