461

جهةٍ بجهادٍ عظيمٍ في زمنٍ شديدِ العناد والإلحاد؛ مما يُثْبِتُ أن القرآن الذي هو أستاذُها ومنبعُها ومرجعُها وشمسُها سماويٌّ ليس من كلام البشر.

حتى إن حجةً قرآنيةً واحدةً من بين مئاتِ الحجج في رسائل النور، وهي «الكلمة الخامسة والعشرون» مضافًا إليها آخِرُ «المكتوب التاسع عشر»، قد أثبتتْ إعجازَ القرآن بأربعين وجهًا، بحيث إن مَن طالعها لم يعترض عليها أو ينتقدْها، بل أُعجِب بإثباتاتها وقدَّرها ببالغ الثناء.

وقد أحال السائحُ إثباتَ وجهِ إعجاز القرآن وكونَه كلام الله حقًّا على رسائل النور، إلا أنه أولى اهتمامًا ببضع نقاطٍ تُظهِر عَظَمَتَه فأشار إليها إشارةً موجزة:

النقطة الأولى: مثلما أن القرآن بجميعِ معجزاته وبجميع حقائقه الدالَّةِ على حقَّانيَّته معجزةٌ لمحمدٍ (ص)؛ فكذلك إنَّ محمدًا (ص) بجميع معجزاته ودلائل نبوَّته وكمالاته العلمية معجزةٌ من معجزات القرآن وحجةٌ قاطعةٌ على أنه كلام الله.

النقطة الثانية: إن القرآن فضلًا عن تبديله الحياةَ الاجتماعية في هذا العالَم تبديلًا حقيقيًّا نُورانيًّا يفيض بالسعادة؛ فإنه كذلك قد أحدث تحوُّلًا عظيمًا في نفوس الناس، وفي قلوبهم وأرواحهم وعقولهم؛ وأحدثَ تحوُّلًا كذلك في كلٍّ من حياتهم الشخصية والاجتماعية والسياسية..

وأدامَ هذ التحوُّل وأدارَه؛ بحيث إن آياته البالغة ستةَ آلافٍ وستمئةٍ وستًّا وستين آيةً [هذا نوعٌ من عَدِّ الآي باعتبارِ ما تضمنته من وعدٍ ووعيدٍ، وأمرٍ ونهيٍ، وخبرٍ وقصصٍ، وأحكامٍ، وناسخٍ ومنسوخ؛ هـ ت] تُتلى بكمالِ الاحترام في كل آنٍ على مدى أربعةَ عشر قرنًا بألسنةِ ما يَنُوف على مئةِ مليون إنسانٍ على الأقل..

وبحيث إنه يُربِّي الناس، ويزكِّي نفوسَهم، ويصفِّي قلوبَهم، ويمنحُ الأرواحَ رُقيًّا وسُمُوًّا، ويعطي العقول استقامةً ونورًا، ويَهَبُ الحياةَ حياةً وسعادةً..