477

وتُوافقها، كما تشهد هذه جميعُها بالبداهة على الجمال والكمال القدسيَّيْن للذات الأقدس سبحانه.

وهكذا فحقيقةُ الربوبية المُتظاهِرةُ في حقيقة الفعالية تُظهِرُ نفسَها وتُعرِّف بها من خلال تصرفاتها وشؤونها، كالخلق والإيجاد والصنع والإبداع بعلمٍ وحكمة؛ وكالتقدير والتصوير والتدبير والتدوير بنظامٍ وميزان؛ وكالتحويل والتبديل والتنزيل والتكميل بقصدٍ وإرادة؛ وكالإطعام والإنعام والإكرام والإحسان برأفةٍ ورحمة.

وكذلك حقيقةُ تبارُزِ الألوهية الموجودةُ المحسوسةُ بالبداهة في حقيقةِ تَظاهُرِ الربوبية، تُعْلِن عن نفسِها وتُعَرِّف بها أيضًا من خلال الجلوات الرحيمة الكريمة للأسماء الحسنى، والتجليات الجلالية والجمالية للصفات الثبوتية السبع: الحياة، والعلم، والقدرة، والإرادة، والسمع، والبصر، والكلام.

نعم، فكما تُعَرِّف صفةُ الكلام بالذاتِ الأقدسِ سبحانه من خلال الوحْيات والإلهامات، تُعْلِن أيضًا صفةُ القدرةِ عنه من خلال آثاره المتْقَنة التي هي بحكمِ كلماته المجسَّمة، وتصِف قديرًا ذا جلال، وتُعَرِّف به، مُظهِرَةً الكونَ من أوله إلى آخره بماهيةِ فرقانٍ مجسَّم.

وتُعْلِنُ كذلك صفةُ العلم -بمقدارِ جميعِ المصنوعات الحكيمة المنتظمة الموزونة، وبعددِ جميعِ المخلوقات المُدارَةِ المُدبَّرةِ المُزَيَّنةِ المُمَيَّزة بالعلم- عن ذاتٍ أقدسَ فردٍ هو موصوفُ تلك المصنوعات والمخلوقات.

أما صفة الحياة؛ فكما يدُلُّ على تحقُّقِها جميعُ الآثار المنبِئةِ عن القدرة، وجميعُ الصور والأحوال المُنتظَمة الحكيمة الموزونة المزيَّنة المنبِئةِ عن وجود العِلم، وجميعُ الأدلة المنبِئةِ عن سائر الصفات، إضافةً لدلائل صفة الحياة؛ فإن الحياة أيضًا بجميع دلائلها تُعلِن عن الذاتِ الحيِّ القيوم مُظهِرةً جميعَ ذوي الحياة -الذين هم مراياها- شهودًا؛ وتُحيل الكون