325

وكذا تَجمَعُ في نظرِك الناقد المحتال مساوئَ صدرتْ من أفراد قومٍ متفرِّقين، فتُبغِض من جرَّاء ذلك جميعَ أولئك القوم، ويشتدُّ غضبُك عليهم، فتُنزِل بهم ضربتَك دون حق.

نعم، وإنك لو خرجَ منك في يومٍ واحدٍ ما بصقتَه في سنةٍ لغَمَرَك؛ ولو تعاطى بضعةُ أشخاصٍ في يومٍ واحدٍ ما تتعاطاه في أزمنةٍ متفرِّقةٍ من أدويةٍ مُرَّةٍ كالعلقم، لأمكنها أن تُهلِكَهم جميعًا.

وعلى هذا، فبينما كان يَلزمك أن تَستُر بالمحاسنِ مساوئَ وقعتْ بينها أحيانًا، إذا بك تَجمَعُ بنظرِك المحتالِ المساوئَ المتفرِّقة، دون أن تفكِّر بما يمحوها من المحاسن، فتُنزِلُ برعيَّتِك العذاب الأليم.

وقد وقعَ تنبيهُ هذا العالِم المحقِّق موقعَه، فأقلع الملِكُ عن ظُلمِه الذي كان يرتكِبُه باسم العدالة.

…….

إن ثمَّة قوةً سرِّيَّةً تريد أن أُدان بالالتزام، [يَقصِد أنهم يعملون لإدانته بتقويله ما لم يَقل، وبناءً على حيثياتٍ لا توجِب الإدانة بذاتها؛ هـ ت] إذْ لم يتركوا ذريعةً إلا ركِبوها، ولا حيلةً إلا سلكوها، كمن يجمع الماء من ألفِ وادٍ، وأشعر أنه يُرادُ أنْ أُتَّهَم وأُدان بحُجَجٍ أغربَ من حجةِ الذئب مع الحَمَل.

فهم مثلًا يردِّدون منذ ثلاثةِ أشهرٍ عبارةَ: «إنَّ سعيدًا الكرديَّ يتخذ الدين أداةً للسياسة»، وإنني أُقسِم بكلِّ مقدَّساتي أنْ لو كانتْ لديَّ ألفُ سياسةٍ لجعلتُها فداءً للحقائق الإيمانيَّة؛ فأنَّى لي أن أجعلَ الحقائق الإيمانيَّة أداةً لسياسة الدنيا؟!

وعلى الرغم من أنني فنَّدتُ هذا الاتهام في مئةِ موضع، إلا أنهم يعيدون ترديده من جديدٍ معزوفةً سمِجةً، ويَسوقونه من غير طائل؛ ما يعني أنهم يتمنَّون لو أني وقعتُ تحت طائلة المسؤوليَّة بأيِّ صيغةٍ ولو بالالتزام.