329

منها يُتَوَهَّم بالنظر الحاليِّ أنها ضارَّة!! لا شك أن حكم المصادرة هذا يَمَسُّ شرف القضاء على وجه الأرض قاطبةً، وأُهيبُ بمحكمة التمييز أن تصون هذا الشرف والمقام.

ولقد كانت آيتا: ﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ [النساء:11]، ﴿فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ﴾ [النساء:11] أهمَّ المسائل الخمسِ أو العشرِ التي أثيرَ حولها انتقادٌ شديد، وترتَّب عليها ملاحقةُ عموم كتبي، كما كانتا في مقدمة المسائل التي أُدِنْتُ بها أنا وكتبي.

والحق أني كتبتُ قبل نحو أربعين سنةً الكثيرَ من الكتب بالعربية والتركية، وقد طُبِع بعضُها ولم يُطبَع البعض الآخَر، أثبتُّ فيها إعجازَ القرآن مقابل عجز المدنية، ولا أعني بالمدنية هنا المدنيَّةَ الحقيقية النافعة، وإنما أعني المدنيَّةَ القاصرة الضارَّة التي ألفظها بغير ميم، وقد اتخذتُ القرآن أساسًا لي في هذه المؤلَّفات، ورميتُ إلى الحضيض كلَّ ما يخالفه من جوانب هذه المدنية الدَّنيَّة.

وكنت قد وازنتُ في ذلك الحين بين هاتين الآيتَين القرآنيتَين وبين ما يخالفهما من مواد القانون المدني الخاصة بالميراث، وأظهرتُ أدلةً تُلزِم فلاسفتَهم المعاندين، فكتبتُ هذه المسائل، ودافعتُ عنها في مواجهة المدنية والفلاسفة، وذلك قبل أن تُقِرّ حكومةُ الجمهوريَّة بعضَ موادِّ القانون المدني بناءً على ضروراتِ العصر، وبيَّنتُ أن القرآن الحكيم قد صان بغاية الاهتمام حقوقَ المرأة التي كانت ضائعةً في القرون الأولى والوسطى.

وأنا اليوم مُدانٌ بالمادة (163)، بحجةِ أن ما بيَّنتُه في هاتين المسألتَين يخالف قانون الحكومة الجمهورية، فأقول بدوري لمحكمة القضاء العليا:

لقد ذكرتُ نَصَّ آيتَين في ثلاثةٍ من كتبي -أحدها قبل خمسَ عشرة سنة، والآخر قبل عشرِ سنين، والثالث قبل تسع- لإظهارِ إعجازِ القرآن في مواجهة ملحدي أوروبا، احترامًا لأرواح أسلافنا، واستنادًا لأحكامِ أقدسِ وأحقِّ دستورٍ إلهيٍّ حقيقيٍّ معمولٍ به في الحياةِ الاجتماعية لثلاثِ مئةٍ وخمسين مليون إنسان في كل قرنٍ على مدى ألفٍ وثلاثِ مئةٍ وخمسين سنة، واستنادًا إلى تصديقاتِ ثلاثِمئةٍ وخمسينَ ألفِ تفسيرٍ يصدِّقون هذا