555

وأما شكل الشجرةِ وصورتُها التي هي مَظهرُ اسم «الظاهر»، فقد كُسِيَتْ حُلَّةً موشَّاةً متناسقةً بديعة، وزُيِّنتْ بأرْدِيَةٍ جميلةٍ ونقوشٍ متنوعة وأوسمةٍ مرصَّعة، حتى كأنها ارتَدَتْ لباسًا من لباس الحور العين ذي السبعين لونًا، بحيث أظهرتْ للعِيان ما في الحفيظية من عَظَمة القدرة، وكمال الحكمة، وجمال الرحمة.

وأما ما تنطوي عليه الشجرة من آليةٍ تُمثِّل مرآةً لاسم «الباطن»، فهي معملٌ منتظم، ومُعدَّاتٌ بديعة، ومخبرٌ كيميائيٌّ مُعجِز، وقِدْرُ طعامٍ موزون، إذْ لا تَدَعُ غصنًا ولا ثمرةً ولا ورقةً إلا تسوق إليها غذاءَها بحيث تُثبِت ما في الحفيظية من كمالِ القدرة وعدالتها، وجمالِ الرحمة وحكمتها إثباتًا جَليًّا كالشمس.

وكما شاهدنا جَلَواتِ هذه الأسماء في مثال الشجرة المذكور، نشاهدها أيضًا بتمامها في الكرة الأرضية التي هي بالنظر إلى فصولها السنوية بمثابة شجرة، فأما جَلوة اسمِ «الأول» فإن جميع البذور والنوى المستودَعةِ لدى الحفيظية في فصل الخريف ما هي إلا مجموعاتٌ مصغَّرةٌ من الأوامرِ الإلهيةِ المتعلِّقةِ بتشكيلها أشجارًا تتفتَّق أغصانُها وفروعُها وتتفتح أزهارُها وتؤتي ثمارَها بالمليارات حين تكتسي الأرضُ حُلَّة الربيع، وهي أيضًا قوائمُ دساتيرِها التي حدَّدها لها القَدَر، مثلما هي في الوقتِ نفسِه سِجِلَّاتُ خدماتٍ وصحائفُ أعمالٍ مصغَّرةٌ للوظائف المؤدَّاة في الصيف، بحيث تُظهِر هذه البذور والنوى بداهةً أنها إنما تؤدي أعمالَها هذه بقدرةٍ وعدالةٍ وحكمةٍ ورحمةٍ لا تُحَدّ من الحفيظ ذي الجلال والإكرام سبحانه.

أما آخِرُ شجرة الأرضِ السنوية هذه، فيضع في الخريف التالي الوظائفَ التي قامتْ بها تلك الأشجار، والتسبيحاتِ الفطريةَ التي أدَّتْها إزاء الأسماء الإلهية، وصحائفَ أعمالها التي ستُنشَر في حشرِ الربيع القادم.. يضعها جميعًا في نُوَيَّاتٍ وحُقَقٍ متناهيةٍ في الصِّغَر، ويُسلِّمها إلى يَدِ حكمةِ الحفيظ ذي الجلال سبحانه، تاليًا اسمَ «الآخِر» بآلاف الألسنةِ على مسامع الكائنات.