557

الجلال سبحانه، إذْ تتناظر فيها الأيامُ التي تَعُدُّ ثوانيَها، مع السنين التي تَحسُب دقائقَها، والقرونِ التي تشير إلى ساعاتها، والأعصارِ التي تُخبِر عن أيامها، ويُثبِتُ بعضُها بعضًا، وكما يَعقُب هذه الليلةَ صباحٌ، ويَعقُب هذا الشتاءَ ربيعٌ، تُخبرنا أميالُ هذه الساعةِ الكبرى بالقطعية نفسِها، وبأماراتٍ لا تُحَدُّ أنه بعد هذا الشتاءِ الحالك.. شتاءِ الدنيا الفانية سيأتي ربيعٌ باقٍ وصباحٌ سرمدي.

فبهذه الحقائق المذكورة تجيبنا أسماء خالقِنا سبحانه: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ﴾ [الحديد:3]، إضافةً لاسم «الحفيظ» عن سؤالنا حول الحشر.

ثم ما دمنا نشاهد بأعيننا وندرك بعقولنا أن الإنسان هو آخرُ ثمرةٍ لشجرةِ الكائنات وأجمعُها..

وأنه من جهةِ الحقيقة المحمدية هو البذرةُ الأساسية لهذه الشجرة..

وأنه الآيةُ الكبرى في قرآن الكون..

وأنه لهذا القرآن آيةُ كرسيِّه الحاملةُ للاسم الأعظم..

وأنه أكرمُ ضيفٍ في قصر الكون، وأوسعُ موظفيه صلاحيةً وإذنًا في التصرُّف بسائر سُكَّانه..

وأنه بالنسبة لمحَلَّةِ الأرض الكائنةِ في مدينة الكون هو الموظَّفُ المكلَّفُ بالإشراف على بساتينها وحقولها زراعةً وإيراداتٍ وصرفيَّاتٍ؛ وأنه فيها هو الناظرُ المُزوَّدُ بمئاتِ العلوم وآلاف الفنون، والمشرفُ الأعظمُ مسؤوليةً والأعلى جَلَبَةً..

وأنه المفتش في ولاية الأرض التابعة لدولة الكون تحت رقابة سلطان الأزل والأبد سبحانه..

وأنه خليفةٌ في الأرض متصرِّفٌ فيها تُسجَّلُ جميعُ تصرُّفاته الجزئية والكليَّة..