561

السيد الكريم (ص)، وأثبت أنه (ص) صادقٌ وأنه رسول الله حقًّا؛ وبناءً على هذا فإن حقيقة الحشر التي أَعلَنَتْ عنها وأثبتتْها هاتان المعجزتان بآلاف الآيات -إحداهما لسانُ عالَم الشهادة إذْ أعلن عن هذه الحقيقة طَوالَ حياته، مع تصديق الأنبياء والأولياء، والأخرى لسانُ عالَم الغيب [المراد بلسان عالَم الشهادة -كما يتبين في مواضع أخرى- نبيُّنا محمدٌ عليه الصلاة والسلام، وأما لسان عالَم الغيب فالقرآن الكريم؛ هـ ت] بتصديقِ البلاغات السماوية وتصديقِ حقائق الكائنات- هي بلا ريبٍ حقيقةٌ قطعيةٌ كالشمس وكالنهار.

أجل، فإن مسألةً تتجاوز طور العقل، وتُعَدُّ من أعجب المسائل وأرهبِها كمسألةِ الحشر، لا تُحَلُّ ولا تُفهَم إلا بتعليم هذين الأستاذين الجليلَين.

أما سببُ عدمِ تفصيل الأنبياء السابقين هذه المسألةَ لأقوامهم كما فصَّلها القرآن الكريم، فهو أن البشرية كانت تعيش في تلك الأعصار مرحلةَ بداوتها وطفولتِها، والتفصيلُ يَقِلُّ في الدروس الابتدائية.

والحاصل أنه ما دامت أكثرُ الأسماء الحسنى تقتضي الآخرةَ وتتطلَّبها، فلا ريب أن جميع الدلائل والحُجج الدالَّةِ على هذه الأسماء دالَّةٌ بجهةٍ ما كذلك على تحقُّق الآخرة.

وما دامت الملائكة قد أخبرت عن مشاهداتها للآخرة ومنازل عالَم البقاء، فلا ريب أن الدلائل الشاهدة على وجود الملائكة والأرواح والروحانيين وعلى عبوديتهم دالَّةٌ بالتالي على وجود الآخرة أيضًا.

وما دام أهمُّ إعلانٍ أعلنه محمدٌ (ص) وداوم على الدعوة إليه طَوالَ حياته -بعد الوحدانية- هو الآخرة، فلا ريب أن جميع المعجزات والحُجج الدالَّةِ على نبوَّته وصدقه شاهدةٌ بدورِها بجهةٍ ما على تحقُّق الآخرة ومجيئها.

وما دامت ربعُ آياتِ القرآن الكريم تتناول الحشر والآخرة، وما دام القرآن يُثبِت الحشرَ والآخرة ويُخبر عنهما بألفِ آية، فلا ريب أن جميع الحُجج والدلائل والبراهين الدالَّة والشاهدة على حقانيَّة القرآن دالَّةٌ وشاهدةٌ بدورِها على وجود الآخرة وتحقُّقها وإقامتها.

فانظروا وشاهدوا ما أقوى هذا الركنَ الإيمانيَّ وما أشدَّ قطعيَّته.

***