545

غيرِ المتناهي مُحاطٌ بأعداءٍ مادِّيين ومعنويين بلا حد؛ ومع فقره غيرِ المتناهي له حاجاتٌ ظاهرةٌ وباطنةٌ لا تُحَدّ؛ غير أنه ما إنْ ينتسبْ إلى السلطان العظيم ذي الجلال بالإيمان والعبودية حتى يجد نقطةَ استنادٍ في مواجهة جميع أعدائه، ونقطةَ استمدادٍ لجميع حاجاته.

وإذا كان كلُّ امرئٍ يَفخَر بشرفِ سيده الذي ينتسب إليه وبمقامِه، فكيف بمن انتسب إلى سلطانٍ عظيمٍ لا منتهى لقدرته ورحمته؟! كيف بمن انتسبَ إليه بالإيمان، ودخل في خدمته بالعبودية، وبَدَّلَ أجَلَه من قرارِ إعدامٍ إلى بلاغِ تسريحٍ وإعفاء؟! لكم أن تقدِّروا مبلغَ فخره وامتنانه، ومقدارَ شكره وعِرفانه.

وأُعيد فأقول للسجناء المُبْتلين ما قلتُه لأولئك الطلاب الشباب: إن مَن عَرَفَه وأطاعه فهو سعيدٌ وإنْ كان في السجن، وإن مَن نَسِيَه فهو شَقِيٌّ في سجنٍ وإنْ كان في القصور.

ولقد قال يومًا رجلٌ مظلومٌ -لكنه سعيد- للظَّلَمة الأشقياء من على منصة الإعدام: لا تحسَبوا أنني أُساق إلى الإعدام، إنني أمضي بالتسريح والإعفاء إلى حيثُ السعادة، ولكني أراكم محكومين بالإعدام الأبدي، وهذا ما يجعلني أقتصُّ منكم تمامَ القصاص؛ ثم أسلَمَ روحه مسرورًا مُردِّدًا: لا إله إلا الله.

﴿سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ [البقرة:32]

***