351

السؤال الرابع المثير للشبهات: يقول أهل الدنيا: لقد لقينا الكثير من المشاكل فلم نعد نثق بأحد، فكيف يمكننا الاطمئنان إلى أنك لن تتدخل على النحو الذي تصبو إليه متى سنحت لك الفرصة؟

الجواب: إن النقاط آنفةَ الذكر تُطمئنكم؛ ثم إني لم أتدخل في دنياكم حين كنتُ في بلدي، بين أهلي وطلابي وبين من يأخذون بقولي، وفي خضم الأحداث المثيرة؛ فكيف أتدخُّل فيها وأنا اليوم أعيش غريبًا وحيدًا في ديار الغربة، وأنا فوق هذا ضعيفٌ عاجزٌ متوجِّهٌ إلى الآخرة بكل قوَّتي، ممنوعٌ من مخالطة الناس والاتصال بهم، ولا أجد أصدقاء سوى بعض أهل الآخرة أصادقهم برباط الإيمان والآخرة عن بُعد، ويراني كلُّ شخصٍ أجنبيًّا وأرى الكلَّ أجنبيًّا كذلك؟! إن امرءًا هذه حالُه يتدخَّل في دنياكم الخطيرة العقيمة لا يمكن إلا أن يكون مجنونًا جنونًا مضاعفًا.

النقطة الخامسة: تدور حول خمس مسائل صغيرة.

الأولى:

يقول أهل الدنيا: لماذا لا تطبِّق على نفسك أصولَ مدنيَّتنا وأسلوبَ حياتنا وهيئةَ لباسنا؟ إنك إذًا معارضٌ لنا.

أقول: أيها السادة، لقد فرضتم عليَّ إقامةً جبريةً في قريةٍ خمسَ سنين ظلمًا، ومنعتموني من مخالطة الناس والتواصل معهم كأنني مجرَّدٌ من الحقوق المدنية، بأي حقٍّ تطالبونني بأصول مدنيَّتكم؟!

ولقد سمحتم للمنفيين بالعيش في المدن مع أهلهم وأصحابهم، ثم منحتموهم وثيقةً تسمح بعودتهم، بينما عزلتموني عن الناس بغير سبب، فلم تسمحوا لي بمقابلة أحدٍ من أهل بلدي سوى واحدٍ أو اثنين!! هذا يعني أنكم لا تعدونني واحدًا من أفراد الشعب والرعية، فكيف تكلفونني بتطبيق قانون مدنيَّتكم؟!