352

لقد جعلتم الدنيا لي سجنًا، ولا يكلَّف بمثل هذه الأمور مَن كان في السجن؛ ولقد أغلقتم دوني باب الدنيا، فقرعتُ باب الآخرة، ففتحتْه الرحمة الإلهية، فكيف يُكلَّف بأصول الدنيا وعاداتها المتغيِّرة المتقلِّبة مَن كان على باب الآخرة؟!

إنكم متى أطلقتم سراحي، وأعدتموني إلى بلدي، وأعطيتموني حقوقي، أمكنكم حينئذٍ أن تطالبوني بتطبيق مبادئكم.

المسألة الثانية:

يقول أهل الدنيا: إن لدينا دائرتَنا الرسمية التي تُعلِّم الأحكام الدينية والحقائق الإسلامية، فبأيِّ صلاحيةٍ تنشر أنت منشوراتٍ دينية؟! ثم إنك ما دمتَ محكومًا بالنفي فليس لك حقٌّ في مزاولة هذه الأعمال.

الجواب: إن الحق والحقيقة لا يُحصران بجهةٍ معينة، فكيف يمكن للإيمان والقرآن أن يُحصرا بجهةٍ ما؟! يمكنكم فعل هذا بأصول دنياكم وقوانينها، أما الحقائق الإيمانية والأساسات القرآنية فلا يمكن أن تُقَولَب في شكلٍ رسمي وفي معاملةٍ دنيويةٍ مقابل أجرةٍ ما.

إن تلك الأسرار موهبةٌ إلهية، ولا يمكن أن تأتي تلك الفيوضات إلا بالنية الخالصة والتجرد عن الدنيا والحظوظ النفسية.

ثم إن دائرتكم الرسمية تلك قبلتني وعيَّنتني واعظًا عندما كنت في بلدي، ولقد قبلتُ وظيفة الوعظ هذه وتركتُ مُرَتَّبها؛ فإجازتي في الوعظ والإمامة موجودةٌ لديَّ، ويمكنني العمل بموجَبها في كلِّ مكان، لأن نفيي كان بغير حق.

ثم ما دام المنفيون قد أعيدوا إلى بلادهم، فإجازاتي القديمة إذن ساريةُ المفعول.

ثانيًا: إن الحقائق الإيمانية التي كتبتُها خاطبتُ بها نفسي مباشرة، ولستُ أدعو إليها كلَّ أحد، بل إنما يبحث عن تلك الأدوية القرآنية فيجدُها من كانت أرواحهم محتاجة وقلوبُهم مجروحة.