353

غير أني طبعتُ رسالةً لي عن الحشر قبل ظهور الأحرف الجديدة اللاتينية لتأمين معيشتي، وقد اطَّلعَ عليها الوالي القديم الذي كان متعسفًا بحقي، فلم يستطع أن يتعرض لها بشيء، إذْ لم يجد فيها شيئًا يثير الانتقاد.

المسألة الثالثة:

إن بعض أصحابي يتبرؤون مني ظاهرًا، بل ربما انتقدوني، لينالوا استحسان أهل الدنيا الناظرين إليَّ نظرةَ شكٍّ وارتياب، والحال أن أهل الدنيا -وهم أرباب حِيَل– لا يرَون في تبرُّؤِ هؤلاء مني واجتنابِهم إياي موالاةً لهم، بل يعدونه نوعًا من المراءاة وانعدام الضمير، فينظرون إلى أصحابي هؤلاء نظرة سوء.

وإني أقول: يا رفاق الآخرة.. لا تفِرُّوا متبرِّئين من كوني خادمًا للقرآن، فليس يصيبكم مني ضررٌ بإذن الله؛ بل حتى لو حلَّتْ بنا مصيبةٌ أو أصابتْني مَظْلمة، لم يمكنكم أن تنجوا بالتبرؤ مني، بل تكونون عندئذٍ مستحقين لمزيدٍ من المصائب والصفعات؛ ثم ماذا في الأمر حتى تساوركم المخاوف؟

المسألة الرابعة:

أُلاحِظُ خلال مدة نفيي هذا بعضَ المغترِّين بأنفسهم ممن سقطوا في مستنقع السياسة ينظرون إليَّ على أنني متحزّبٌ منافس، وكأنني مثلُهم على علاقةٍ بما في العالم من تيارات.

ألا أيها السادة.. أنا في تيار الإيمان، وفي مواجهتي تيار الإلحاد، لا علاقة لي بأيِّ تياراتٍ أخرى، ولربما يرى نفسَه معذورًا بعضَ الشيء مَن يعمل مِن هؤلاء في هذه التيارات مقابل أجرة، إلا أن النظر إليَّ كأنني متحزِّبٌ منافس، والتعرض لي وإيذائي حميَّةً من غير أُجرة ليس سوى خطأ شنيع، لأني كما أثبتُّ سابقًا ليس لي علاقة بما في العالَم من سياسة، فلقد حصرتُ جميع وقتي ووقفت جميع حياتي على الحقائق الإيمانية والقرآنية.