360

ما كابدتُ من أجل منفعتهم الإيمانية- منعوني من مخالطة الناس، وألقَوا بي من غير سببٍ في أسرٍ شديدِ الوطأة ستَّ سنين بدلًا من ثلاث، مع علمهم بأني قطعتُ علاقتي بالسياسة والدنيا، ومنعوني من إلقاء الدروس، بل منعوني حتى من أن ألقي دروسًا خاصة في غرفتي مع أن لدي إجازةً بذلك، وحالوا بيني وبين التواصل مع الناس، بل لقد منعوني من مسجدي الذي رمَّمتُه بنفسي وأَمَمْتُ فيه الناسَ أربع سنين مع أنني أحمل إجازةً تُخوِّلني ذلك، وهم اليوم لا يقبلون أن أؤمَّ ثلاثة أشخاصٍ هم جماعتي الدائمة وإخواني في الآخرة، حرمانًا لي من ثواب الجماعة.

ثم إنه إنْ وصفني امرؤٌ بأنني إنسانٌ فاضل -مع أنني لا أرغب بذلك- ثارتْ حفيظةُ الموظف الذي يراقبني حسدًا، واتخذ بحقي تدابير جائرةً بدعوى أنه يكسر نفوذي، وضيّقَ عليَّ لينال استحسان رؤسائه.

أرأيت إنسانًا هذه حالُه يراجع غير الله جلَّ جلالُه؟! وكيف تُرفع الشكوى إلى قاضٍ صار هو المدعي؟!

فتعال وقُل في هذه الحال ما شئتَ أن تقول، أما أنا فأقول: إن بين معارفي هؤلاء كثيرًا من المنافقين، والمنافق أشدُّ من الكافر، فلهذا أذاقني هؤلاء ما لم يُذقني إياه الروس الكفار.

ألا ماذا فعلتُ أيها الأشقياء؟! ما الذي أفعله بحقكم؟! أنا إنما أقوم بهذه الخدمة لإنقاذ إيمانكم وسعادتكم الأبدية.. إذًا لم تكن خدمتي خالصةً لله فعادت بعكس المراد؛ وأنتم في المقابل تُلحقون بي الأذى كلما سنحت لكم الفرصة، فلا جَرَم أننا سنلتقي في المحكمة الكبرى، فأقول:

حَسْبُنَا الله ونِعْمَ الوكيل * نِعْمَ المولى ونِعْمَ النصير

الباقي هو الباقي

سعيد النُّورْسِيّ

***