345

لكوني أحمل الشهادة في الإمامة والوعظ في بلدي، ولكني مع هذا لم أستطع الذهاب إلى المسجد في شهر رمضان المبارك الماضي، فصلَّيتُ منفردًا في بعض الأحيان، وحُرِمت من خيرِ صلاة الجماعة وثوابها البالغ خمسة وعشرين ضعفًا.

لقد أبديتُ الصبر والتحمل إزاء هاتين الحادثتين اللتين نزلتا بي مثلما فعلتُ إزاء معاملةِ ذلك المسؤول قبل سنتين، وسأستمر على ذلك إن شاء الله؛ وإنني أتأمل في هذا فأقول:

إنْ كان هذا الأذى والتشديد والتضييق الذي يُنزِلُه بي أهلُ الدنيا لأجل نفسي ذات العيوب والنقائص فإني أسامحهم، فلعله يكون بهذا صلاحُ حالها وكفارةُ ذنوبها، فلقد لقيتُ الكثير من صفاءِ دارِ ضيافة الدنيا، فإنْ ألْقَ يسيرًا من جفائها أشكر الله كذلك.

وإن كانوا يضيِّقون عليَّ لكوني خادمًا للإيمان والقرآن، فالدفاع عن هذا لا يُناط بي، وإنما أحيله إلى العزيز الجبَّار .

أما إن كان مرادهم صرفَ توجه العامة عني للقضاء على شهرةٍ كاذبةٍ زائفةٍ تُفسِد الإخلاص وتسبب الرياء، فأسأل الله لهم الرحمة، فإني أعتقد أن نيل توجه العامة وكسب الشهرة في أنظار الناس ضارٌّ بأمثالي.

ويعلم من هم على صلةٍ بي أنني لا أطلب الاحترام الشخصي، بل أكره ذلك، حتى إني زجرتُ أحد أصحابي الأعزَّاء ربما خمسين مرة لمبالغته في احترامي.

وأما إن كان مرادهم من الحطِّ من شأني لدى الرأي العام عائدًا على الحقائق الإيمانية والقرآنية التي أبلِّغها، فذلك منهم سعيٌ بغير طائل، لأن نجوم القرآن لا تُحجَب، ومن يغمض عينيه يحجب عن نفسه الرؤية فحسب، ولا يستطيع أن يجعل نهارَ غيرِه ليلًا.