373

قلوب إخوانك في «إسبارطة» وإن لم تره عقولُ بعضهم، ولهذا فضَّلوا صحبةَ مسكينٍ خطَّاءٍ مثلي على صحبة الأولياء، بل حتى على صحبة المجتهدين إن وُجدوا.

وبناءً على هذه الحقيقة، فإنه لو جاء إلى هذه المدينة قطبٌ أو غوثٌ أعظم، فقال لك: سأرفعك في عشرة أيامٍ إلى درجة الولاية، فتركتَ رسائل النور وتَبِعتَه، ما أمكنك أن تكون كأبطال «إسبارطة».

سعيد النُّورْسِيّ

***

باسمه سبحانه

محاورةٌ أُخطِرت لتعديل إفراطِ بعض إخواني من طلاب رسائل النور في حسن ظنهم بي بما يفوق حدي.

أسرد محاورةً جرتْ بيني وبين أخي الأكبر «المُلَّا عبد الله» رحمه الله قبل أربعين سنة:

كان أخي رحمه الله أحدَ خواصِّ مريدي الولي الكبير «الشيخ ضياء الدين» قدِّس سِّره، وأهلُ الطريقة لا يرون بأسًا إن حصل إفراطٌ في حب المرشد وحسنِ الظن به، ومن هذا المبدأ قال لي أخي مرةً: إن الشيخ ضياء الدين يعلم جميع العلوم، وله اطلاعٌ على كل شيءٍ في الكون كالقطب الأعظم.

ثم راح يبين لي مقاماتِه الخارقةَ بُغيةَ أن يربطني به، فقلتُ له: أنت تبالغ، فإني لو قابلته لاستطعت أن أُلزِمه الحجةَ في مسائل كثيرة؛ ثم إنك لا تحبه حبًّا حقيقيًّا كما أُحبه، فإنك تحب ضياء الدين الذي تتخيله في صورة قطبٍ أعظم يعلم ما في الكون، أي إن ارتباطك به ومحبتك له قائمان على هذا الأساس، فلو رُفِع الحجاب وبانتْ حقيقتُه لزالت محبَّتك أو تضاءلت إلى ربعِ ما كانت عليه.